قال أبو سليمان في حديث وحشي في قصة مقتل حمزة أنه قال : كنت أطلبه يوم أحد فبينا أنا ألتمسه إذ طلع علي رجل حذر مرس كثير الالتفات فقلت : ما هذا صاحبي الذي ألتمس فرأيت حمزة يفري الناس فريا ، فكمنت له إلى صخرة وهو مكبس له كتيت فاعترض له سباع بن أم أنمار فقال له : هلم إلي فاحتمله حتى إذا برقت قدماه رمى به فبرك عليه فسحطه سحط الشاة ، ثم أقبل إلي مكبسا حين رآني وذكر مقتله لما وطئ على جرف فزلت قدمه .
يرويه الواقدي ، حدثني محمد بن عبد الله بن مسلم وغيره من أصحابنا .
قوله : مرس أي شديد الممارسة للحرب بصير بأمرها .
وقوله : يفري الناس فريا أي يشق صفوفهم شقا .
يقال : فلان يفري الفري وهو أن يبالغ في الأمر حتى يتعجب منه والفري : الأمر العظيم . ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في عمر : " فلم أر عبقريا يفري فريه " . وقال الشاعر [ ص: 572 ] :
سمعن لها واستفرغت في حديثها فلا شيء يفري باليدين كما تفري
قال الليث : يقال : في صفة الشجاع : ما يفري أحد فريه مخففة ومن ثقل فقد غلط .وقوله : مكبس : أي مطرق وقد كبس الرجل إذا قطب يقال : عابس كابس ، وقد كبس رأسه في ثوبه إذا أدخله فيه ، وقد يكون المكبس بمعنى المقتحم .
والكتيت : الهدر والغطيط . يقال : كت الفحل . إذا هدر وكتت القدر إذا غلت ، قال الطرماح :
ويبيت جلهم يكت كأنه     وطب يكون إناه بالأسحار 
وقوله : برقت قدماه : يريد أنه قد أقله من الأرض حتى ترتفع قدماه ، عن وجهها فلا يقدر أن يتماسك ، ومنه قولهم : برق بصره أي ضعف ونبا والأصل في هذا أن يرى الرجل البرق ولمعانه فيضعف بصره ويتحير ، ثم استعمل في الضعف في كل شيء .
وقوله : سحطه : أي ذبحه ، والسحط : الذبح الوحي .
[ ص: 573 ]
				
						
						
