الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1062 - وقال " أبو عبيد " في حديث " الشعبي": " لا تعقل العاقلة عمدا، ولا عبدا، ولا صلحا، ولا اعترافا".

قال: حدثناه " عبد الله بن إدريس" ، عن " مطرف" ، عن " الشعبي".

قوله: عمدا: يعني أن كل جناية عمد ليست بخطإ، فإنها في مال الجاني خاصة   [ ص: 494 ] .

وكذلك الصلح: ما اصطلحوا عليه من الجنايات في الخطإ، فهو أيضا في مال الجاني. وكذلك الاعتراف إذا اعترف الرجل بالجناية من غير بينة تقوم عليه، فإنها في ماله، وإن ادعى أنها خطأ، لأنه لا يصدق الرجل على العاقلة.

وأما قوله: ولا عبدا،  فإن الناس قد اختلفوا في تأويل هذا، فقال لي " محمد بن الحسن": إنما معناه أن يقتل العبد حرا، يقول: فليس على عاقلة مولاه شيء من جناية عبده، إنما جنايته في رقبته أن يدفعه [مولاه] إلى المجني عليه، أو يفديه، واحتج في ذلك بشيء رواه عن " ابن عباس".

قال " محمد بن الحسن": حدثني " عبد الرحمن بن أبي الزناد" ، عن " أبيه" ،عن " عبيد الله بن عبد الله" ، عن " ابن عباس" قال: " لا تعقل العاقلة عمدا، ولا صلحا، ولا اعترافا، ولا ما جنى المملوك".  

قال " محمد": أفلا ترى أنه قد جعل الجناية جناية المملوك؟ وهذا في قول " أبي حنيفة" [ ص: 495 ] .

وقال " ابن أبي ليلى": إنما معناه أن يكون العبد يجنى عليه، يقتله حر أو يجرحه، يقول: فليس على عاقلة الجاني شيء، إنما ثمنه في ماله خاصة.

قال: فذاكرت " الأصمعي" ذلك، فإذا هو يرى القول فيه قول " ابن أبي ليلى" على كلام العرب، ولا يرى قول " أبي حنيفة" جائزا، يذهب إلى أنه لو كان المعنى على ما قال لكان الكلام: لا تعقل العاقلة عن عبد [ولم يكن] ، ولا تعقل عبدا، وهو عندي كما قال " ابن أبي ليلى" ، وعليه كلام العرب.

التالي السابق


الخدمات العلمية