الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
171 - وقال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : "المتشبع بما لا يملك كلابس ثوبي زور"   [ ص: 85 ] .

ولا أعلمه إلا من حديث "سفيان بن عيينة" عن "هشام بن عروة" عن "فاطمة بنت المنذر" عن "أسماء بنت أبي بكر" عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :

قوله: "المتشبع بما لا يملك "،  يعني: المتزين بأكثر مما عنده، يتكثر بذلك، ويتزين بالباطل، كالمرأة تكون للرجل، ولها ضرة، فتشبع بما تدعي من الحظوة عند زوجها بأكثر مما عنده [لها] تريد بذلك غيظ صاحبتها، وإدخال الأذى عليها.

وكذلك هذا في الرجال أيضا [ ص: 86 ] .

وأما قوله: "كلابس ثوبي زور ":  فإنه عندنا الرجل يلبس الثياب تشبه ثياب أهل الزهد في الدنيا يريد بذلك الناس، ويظهر من التخشع والتقشف أكثر مما في قلبه منه، فهذه ثياب الزور والرياء.

وفيه وجه آخر إن شئت أن يكون أراد بالثياب الأنفس، والعرب تفعل ذلك كثيرا.

يقال [منه] : فلان نقي الثياب: إذا كان بريئا من الدنس والآثام، وفلان دنس الثياب: إذا كان مغموصا عليه في دينه [ ص: 87 ] .

قال "امرؤ القيس" يمدح قوما:


ثياب بني عوف طهارى نقية وأوجههم بيض المسافر غران

يريد بثيابهم أنفسهم، أنها مبرأة من العيوب، وكذلك قول "النابغة" في قوم يمدحهم:


رقاق النعال طيب حجزاتهم     يحيون بالريحان يوم السباسب

[ ص: 88 ] يريد بالحجزات: الفروج أنها عفيفة، ونرى - والله أعلم - أن قول الله - تبارك وتعالى - : وثيابك فطهر من هذا، وقال الشاعر يذم رجلا: .

لا هم إن عامر بن جهم

أو ذم حجا في ثياب دسم

يعني أنه حج، وهو متدنس بالذنوب [ ص: 89 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية