201 - وقال في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه قال: "أبو عبيد" "ما نزل من القرآن آية إلا لها ظهر وبطن، وكل حرف حد، وكل حد مطلع ".
قال: حدثنيه عن "حجاج" عن "حماد بن سلمة" [ ص: 239 ] عن "علي بن زيد" "الحسن "، يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - :
قال: فقلت: "يا أبا سعيد "، ما المطلع؟
قال: يطلع قوم يعملون به.
قال فأحسب قول "الحسن هذا، إنما ذهب به إلى قول "أبو عبيد ": فيه. "عبد الله بن مسعود"
قال: حدثني عن "حجاج" عن "شعبة" "عمرو بن مرة" عن "مرة" عن "عبد الله" قال: "ما من حرف - أو قال: آية - إلا قد عمل بها قوم، أو لها قوم سيعملون بها ".
فإن كان "الحسن" ذهب إلى هذا فهو وجه.
وإلا فإن المطلع في كلام العرب على غير هذا الوجه.
وقد فسرناه في موضع آخر، وهو المأتى الذي يؤتى [ ص: 240 ] منه حتى يعلم علم القرآن من ذلك المأتى والمصعد.
وأما قوله: "لها ظهر وبطن ".
فإن الناس قد اختلفوا في تأويله.
فيروى عن "الحسن" أنه سئل عن ذلك، فقال: "إن العرب تقول: قد قلبت أمري ظهرا لبطن.
وقال غيره: الظهر: هو لفظ القرآن، والبطن: تأويله.
وفيه قول ثالث، وهو عندي أشبه الأقاويل بالصواب.
وذلك أن الله - تبارك وتعالى - قد قص عليك من نبإ "عاد" و"ثمود" وغيرهما من القرون الظالمة لأنفسها، فأخبر بذنوبهم، [ ص: 241 ] وما عاقبهم بها، فهذا هو الظهر. إنما هو حديث حدثك به عن قوم، فهو في الظاهر خبر.
وأما الباطن منه، فإنه صير ذلك الخبر عظة لك، وتحذيرا وتنبيها أن تفعل فعلهم، فيحل بك ما حل بهم من عقوبته، ألا ترى أنه لما أخبرك عن قوم "لوط" وفعلهم، وما أنزل بهم إن في ذلك ما يبين أن من صنع ذلك عوقب بمثل عقوبتهم.
وهذا كرجل قال لك: إن السلطان أتي بقوم قتلوا، فقتلهم، وآخرين شربوا الخمر فجلدهم، وآخرين سرقوا، فقطعهم.
فهذا في الظاهر إنما هو حديث حدثك به. وفي الباطن أنه قد وعظك بذلك، وأخبرك أنه يفعل ذلك بمن أذنب تلك الذنوب.
فهذا هو البطن على ما يقال، والله أعلم [ ص: 242 ] .