الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
261 - وقال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه سئل عن الفرع، فقال [ ص: 473 ] :

[هو] حق، وأن تتركه حتى يكون "ابن مخاض" - أو "ابن لبون" زخزبا خير من أن تكفأ إناءك، وتوله ناقتك، وتذبحه يلصق لحمه بوبره"
 
[ ص: 474 ] .

يروى عن "معمر" و"سفيان بن عيينة" عن زيد بن أسلم" عن رجل من "بني ضمرة" عن عمه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: "الفرع ": هو أول شيء تنتجه الناقة،  فكانوا يجعلونه لله [ - عز وجل - ] فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "هو حق ".

ولكنهم كانوا يذبحونه حين يولد، فكره ذلك، وقال: دعه حتى يكون "ابن مخاض" أو "ابن لبون "، فيصير له طعم، والزخزب: هو الذي قد غلظ جسمه، واشتد لحمه [ ص: 475 ] .

................................. [ ص: 476 ] .

وقوله: "خير من أن تكفأ إناءك "  

يقول: إنك إذا ذبحته حين تضعه أمه بقيت الأم بلا ولد ترضعه، فانقطع لذلك لبنها. يقول: فإذا فعلت ذلك، فقد كفأت إناءك، وهرقته.

وإنما ذكر الإناء ها هنا لذهاب اللبن

ومن هذا قول "الأعشى" يمدح رجلا:


رب رفد هرقته ذلك اليوم وأسرى من معشر أقتال

فالرفد: هو الإناء الضخم.

فأراد بقوله: هرقته ذلك اليوم، أي أنك استقت الإبل، فتركت أهلها ذاهبة ألبانهم، فارغة آنيتهم منها [ ص: 477 ] .

وأما قوله: "توله ناقتك ":  فهو ذبحه ولدها.

وكل أنثى فقدت ولدها، فهي واله.

ومنه الحديث الآخر في السبي: "أنه نهى أن توله والدة عن ولدها ".

يقول: لا يفرق بينهما في البيع

وإنما جاء هذا النهي من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الفرع أنهم كانوا يذبحون ولد الناقة أول ما تضعه [أمه] ، وهو بمنزلة الغراء [ ص: 478 ] .

ألا تسمع إلى قوله: يختلط أو يلصق لحمه بوبره

ففيه ثلاث خصال من الكراهة:

إحداهن: أنه لا ينتفع بلحمه.

والثانية: إذا ذهب ولدها ارتفع لبنها.

والثالثة: أنه يكون [قد] فجعها به، فيكون آثما.

فقال [النبي] - صلى الله عليه وسلم - : "دعه حتى يكون "ابن مخاض" وهو ابن سنة أو "ابن لبون" وهو ابن سنتين، ثم اذبحه حينئذ - فقد طاب لحمه، واستمتعت بلبن أمه سنة، ولا يشق عليها مفارقته؛ لأنه قد استغنى عنها، وكبر ".

التالي السابق


الخدمات العلمية