321 - قال في حديث "النبي" - صلى الله عليه وسلم - حين ذكر "أبو عبيد" المدينة، فقال:
"من أحدث فيها حدثا، أو آوى محدثا، فعليه لعنة الله إلى يوم القيامة لا يقبل منه صرف ولا عدل" [ ص: 663 ] .
قال: سمعت يحدثه عن شيخ له قد سماه عن "هشيما" "مكحول"
قال: الصرف: التوبة، والعدل: الفدية.
وفي القرآن ما يصدق هذا التفسير قوله: "وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها " [ ص: 664 ] .
وقوله: ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة فهذا من قول "النبي" [ - صلى الله عليه وسلم - ] : (لا يقبل منه عدل)
فأما الصرف فلا أدري أقوله: "فما تستطيعون صرفا ولا نصرا" من هذا أم لا.
وبعض الناس يحمله على هذا.
ويقال: إن الصرف النافلة، والعدل: الفريضة.
قال "أبو عبيد ": والتفسير الأول أشبه بالمعنى [ ص: 665 ] .
فإن الحدث: كل حد لله يجب على صاحبه أن يقام عليه. وقوله: "من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا ":
وهذا شبيه بحديث في الرجل يأتي حدا من الحدود ثم يلجأ إلى الحرم، أنه [قال] : "ابن عباس"
"لا يقام عليه الحد في الحرم، ولكنه لا يجالس، ولا يبايع، ولا يكلم حتى يخرج منه، فإذا خرج منه أقيم عليه الحد ".
فجعل "النبي" - صلى الله عليه وسلم - حرمة "المدينة" كحرمة "مكة" في المآثم [ ص: 666 ] .
في صاحب الحد أنه لا يؤويه أحد حتى يخرج منها، فيقام عليه الحد، وليس حكمها في الحدود في الدنيا سواء؛ لأن الحدود لا تقام في "مكة" إلا لمن أصابهما "بمكة ".
ولكنها في المآثم سواء.