الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
403 - وقال "أبو عبيد" في حديث "النبي" - صلى الله عليه وسلم - :

"مثل المؤمن مثل الخامة من الزرع تميلها الريح مرة هكذا، ومرة هكذا ومثل المنافق مثل الأرزة المجذية على الأرض حتى يكون انجعافها مرة"   [ ص: 119 ] .

قال: حدثناه "عبد الرحمن بن مهدي" عن "سفيان" عن "سعيد بن إبراهيم" عن "ابن كعب بن مالك" عن " أبيه" عن "النبي" - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ذلك.

قال "عبد الرحمن" انجعافها أو انخعافها.

[قال "أبو عبيد": ليس انخعافها بشيء] [ ص: 120 ] .

قال "أبو عمرو": هي الأرزة - مفتوحة الراء - من الشجر الأرزن.

والانجعاف: الانقلاع.

ومنه قيل: جعفت الرجل: إذا صرعته، فضربت به الأرض، ولم يعرفها بالخاء - يعني انخعافها.

وقال "أبو عبيدة": هي الآرزة مثال فاعلة، وهي الثابتة في الأرض.

قال: وقد أرزت تأرز [أروزا] .

والمجذية: الثابتة في الأرض أيضا.

قال "أبو عبيدة": فيها لغتان، يقال: جذت تجذو، وأجذت تجذي [ ص: 121 ] .

وقال "أبو عبيدة" في الانجعاف مثل قول "أبي عمرو" أيضا.

قال "أبو عبيد": والأرزة عندي غير ما قال "أبو عمرو" و"أبو عبيدة" إنما هي "الأرزة" - بتسكين الراء - وهو شجر معروف بالشام، وقد رأيته.

يقال له الأرز واحدتها أرزة، وهو الذي يسمى "بالعراق" الصنوبر، وإنما الصنوبر ثمر الأرز، فسمي الشجر صنوبرا من أجل ثمره.

والخامة: الغضة الرطبة، قال الشاعر:


إنما نحن مثل خامة زرع فمتى يأن يأت محتصده

قال "أبو عبيد" والمعنى - فيما نرى - أنه شبه المؤمن بالخامة [ ص: 122 ] التي تميلها الريح; لأنه مرزأ في نفسه، وأهله وولده وماله.

وأما الكافر، فمثل الأرزة التي لا تميلها الرياح، والكافر لا يرزأ شيئا حتى يموت، [فإن رزئ لم يؤجر عليه] فشبه موته بانجعاف تلك، حتى يلقى الله بذنوبه، وهي جمة.

التالي السابق


الخدمات العلمية