الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
416 - وقال "أبو عبيد" في حديث "النبي" - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 150 ] :

"اتقوا النار ولو بشق تمرة، ثم أعرض وأشاح".  

قال: حدثناه "أبو معاوية" عن "الأعمش" عن "خيثمة" عن "عدي بن حاتم" عن "النبي" - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 151 ] .

قال "أبو عبيدة": قوله: "وأشاح"، يعني حذر من الشيء، وعدل عنه، وأنشدنا:


[إذا سمعن الرز من رباح] شايحن منه أيما شياح



ويقال، في غير هذا: قد أشاح: إذا جد في قتال أو غيره.

قال "أبو عبيد" قال "أبو النجم" في الجد يذكر العير والأتن:

قبا أطاعت راعيا مشيحا

لا منفشا رعيا ولا مريحا [ ص: 152 ] يقول: إنه جاد في طلبها وطردها. والمنفش الذي يدعها ترعى ليلا بغير راع، يقول: فليس هذا الحمار كذاك، ولكنه حافظ لها، قال "عبيد بن الأبرص":


قطعته غدوة مشيحا     وصاحي بازل خبوب

يعني جادا.

وأنشد "أبو عبيدة" ["لأبي ذؤيب"] :


بدرت إلى أولاهم فوزعتهم     وشايحت قبل اليوم إنك شيح

يعني الجد في القتال.

قال "أبو عبيد": وقد يكون معنى حديث النبي - صلى الله عليه [ ص: 153 ] وسلم - حين أعرض وأشاح أنه الحذر كأنه كان ينظر إلى النار حين ذكرها، فأعرض لذلك.

ويكون أنه أراد الجد في كلامه.

والأول أشبه بالمعنى.

التالي السابق


الخدمات العلمية