483 - وقال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : "أنه كانت فيه دعابة" [ ص: 340 ] .
حدثنا "أبو عبيد" قال: حدثنيه "ابن علية" عن "خالد الحذاء" عن "عكرمة". رفعه.
قوله : الدعابة يعني المزاح.
وفيه ثلاث لغات: المزاحة، والمزاح، والمزح.
وفي حديث آخر يروى عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إني لأمزح وما أقول إلا حقا".
وذلك فيما نرى مثل قوله: "اذهبوا بنا إلى فلان البصير نعوده" لرجل مكفوف، أي البصير القلب [ ص: 341 ] .
ومثل قوله للعجوز التي قالت: "ادع الله أن يدخلني الجنة" فقال: "إن الجنة لا يدخلها العجز" كأنه أراد قول الله - عز وجل - : إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا
يقول: فإذا صارت إلى الجنة فليست بعجوز حينئذ.
ومنه قوله لابن أبي طلحة، وكان له نغر فمات، فجعل يقول له: "ما فعل النغير يا أبا عمير".
هذا وما أشبهه من المزاح، وهو حق كله.
وقال "أبو عبيد" في حديث النغير: إنه أحل صيد المدينة وقد حرمها، فكأنه إنما حرم الشجر أن تعضد، ولم يحرم الطير كما حرم طير مكة [ ص: 342 ] .
قال "أبو عبيد": وقد يكون وجه هذا الحديث أن يكون الطائر إنما أدخل من خارج المدينة إلى المدينة، فلم ينكره لهذا.
قال "أبو عبيد": ولا أرى هذا إلا وجه الحديث.
ومما يبين لك أن الدعابة المزاح، قوله لجابر بن عبد الله حين قال له: "أبكرا تزوجت أم ثيبا"؟
فقال: بل ثيبا.
قال: "فهلا بكرا تداعبها وتداعبك".
وبعضهم يقول: "تلاعبها وتلاعبك" [ ص: 343 ] .
قال "اليزيدي": يقال من الدعابة: هذا رجل دعابة.
وقال بعضهم: دعب.
وكان "اليزيدي" يقول: إنما هو المزاح، وينكر ما سواها.
قال "أبو عبيد": وإنما المزاح عندنا مصدر مازحته ممازحة ومزاحا.
فأما مصدر مزحت فكما قال أولئك مزاحا.


