الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
70 - [و] قال أبو عبيد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلح الحديبية حين صالح "أهل مكة"، وكتب بينه وبينهم كتابا، فكتب فيه:

"ألا إغلال ولا إسلال، وأن بينهم عيبة مكفوفة".  

قال أبو عمرو: الإسلال: السرقة، يقال: في بني فلان سلة إذا كانوا يسرقون. والإغلال: الخيانة.

وكان أبو عبيدة يقول [ ص: 252 ] :

يقال: رجل مغل مسل: أي صاحب سلة وخيانة.

ومنه قول "شريح":

"ليس على المستعير غير المغل ضمان، ولا على المستودع غير المغل ضمان يعني الخائن.

وقال "النمر بن تولب" يعاتب امرأته "جمرة" في شيء كرهه منها، فقال:


جزى الله عنا جمرة ابنة نوفل جزاء مغل بالأمانة كاذب

قال أبو عبيد: وأما قول النبي - صلى الله عليه وسلم - :

"ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن"   [ ص: 253 ] .

فإنه يروى: لا يغل، ولا يغل.

فمن قال: يغل - بالفتح - فإنه يجعله من الغل وهو الضغن والشحناء.

ومن قال: يغل - بضم الياء - جعله من الخيانة من الإغلال.

وأما الغلول فإنه من المغنم خاصة.

يقال منه: قد غل يغل غلولا، ولا نراه من الأول ولا [من] الثاني.

ومما يبين ذلك أنه يقال من الخيانة: أغل يغل.

ومن الغل: غل يغل.

ومن الغلول: غل يغل بضم الغين.

فهذه الوجوه مختلفة.

قال الله [ - عز وجل - ] : وما كان لنبي أن يغل

ولم نسمع أحدا قرأها بالكسر.

وقرأها بعضهم: "يغل"، فمن قرأها بهذا الوجه، فإنه يحتمل معنيين [ ص: 254 ] :

أن يكون يغل: يخان: يعني أن يؤخذ من غنيمته.

ويكون يغل ينسب إلى الغلول.

وقد قال بعض المحدثين قوله: لا إغلال: أراد لبس الدروع، ولا إسلال: أراد سل السيوف.

ولا أعرف لهذا وجها، ولا أدري ما هو؟

التالي السابق


الخدمات العلمية