الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              باب: عرق.

                              حدثنا أحمد بن جعفر، حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن ثمامة بن عقبة، عن زيد بن أرقم: ذكر رسول الله صلى الله عليه أهل الجنة فقال: "حاجة أحدهم عرق يفيض من جلده، فإذا البطن قد ضمر" .

                              حدثنا عفان، حدثنا وهيب، عن هشام، عن وهب بن كيسان، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ابن عباس: رأيت النبي صلى الله عليه يأكل عرقا من شاة، وصلى ولم يتوضأ ".

                              حدثنا بندار، حدثنا عبد الوهاب، عن أيوب، عن هشام، عن أبيه، عن سعيد بن زيد، عن النبي صلى الله عليه: "ليس لعرق ظالم حق"   .

                              [ ص: 1008 ] حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا يزيد بن زريع، عن ابن عون، عن محمد، عن أبي أو ابن العجفاء، قال عمر: "إن أحدكم يغلي صدقة المرأة حتى يكون لها عداوة في نفسه ويقول: قد كلفت إليك عرق أو علق القربة ".

                              حدثنا مسدد، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، أن رجلا وقع على امرأته في رمضان، فأمره رسول الله صلى الله عليه أن يطعم ستين مسكينا، قال: لا أجد، فأتي بعرق فيه تمر، فقال: "تصدق به" .

                              حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن أشعث بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن سمرة، أن رجلا، قال: "يا رسول الله، رأيت كأن دلوا دليت من السماء، فجاء أبو بكر فأخذ بعراقيها فشرب، ثم جاء عمر فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع".

                              [ ص: 1009 ] حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا جرير، عن ليث، عن عطاء: "كره العروق للمحرم"   .

                              حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا زائدة بن أبي الرقاد، عن عبيد الله بن العيزار: خطب عمر بن عبد العزيز فقال: "ما أحد ليس بينه وبين آدم أحد حي لمعرق له في الموت".

                              حدثنا هشام بن بهرام، حدثنا معافى بن عمران، عن أفلح، عن القاسم، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وقت لأهل العراق ذات عرق".

                              حدثنا داود بن مهران، حدثنا مسلم بن خالد، عن حرام بن عثمان، عن محمد، وعبد الرحمن بن جابر، قال جابر [ ص: 1010 ] : جهزوني فخرجوا يقودون به حتى لما كان عند العرق من الجبل الذي دون الخندق نكب فقال: "أفزع الله من أفزع رسوله صلى الله عليه".

                              حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثنا سفيان، حدثنا الأحوص بن حكيم، عن راشد بن سعد، أو عن إنسان، أن أبا الدرداء رأى عرقة في المسجد فقال: "غطوا عنا هذه العرقة" قوله: "عرق يفيض عن جلده" ، العرق ما جرى من أصول الشعر،  عرق يعرق عرقا، وعرق فرسه تعريقا: أجراه حتى عرق، وليس للعرق جمع، واللبن عرق يتحلب في العروق حتى ينتهي إلى الضرع وأنشدنا أبو نصر:


                              مسودة الأعضاد من وشم العرق مائرة الضبعين مصلات العنق



                              وقال في اللبن:


                              تصبح وقد ضمنت ضراتها عرقا     من طيب الطعم صاف غير مجهود

                              .

                              [ ص: 1011 ] وقوله: "يأكل عرقا" ، هو العظم بلحمه، فإذا أخذ عنه لحمه، فهو العراق، عرقته أعرقه عرقا، واعترقته اعتراقا، وتعرقته تعرقا قالت خنساء ترثي أخويها وزوجها:


                              تعرقني الدهر نهسا وحزا     وأوجعني الدهر قرعا وغمزا



                              قوله: "وليس لعرق ظالم حق" ، هو عرق الشجر، وعروق الشجر ما تعرق من أصوله قوله: "كلفت إليك عرق القربة" ، عراق المزادة الخرز المثني في أسفلها، الجميع العروق، قال:


                              من ذي عراق نيط في جوزه     فهو لطيف طيه مضطمر



                              قوله: "فأتي بعرق من تمر" ، زبيل عمل من عرقة: وهو السفيفة المنسوجة قبل تخاط، يقال: عرقة، وعرقات، وعرق، ويسمى ما ضفر من السيور أيضا عرقة وعرقات، قال :

                              [ ص: 1012 ]

                              نغدو فنترك في المزاحف من ثوى     ونمر في العرقات من لم يقتل



                              أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: العرقة طرة على عرض إصبعين تنسج يستعان بها قوله: "فأخذ بعراقيها" ، العرقوة: الخشبة المعروضة على فم الدلو وأخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: العراقي: الخشبتان اللتان تعرضان كالصليب على رأس الدلو، والعرقوتان: الخشبتان اللتان تضمان ما بين الواسطة وآخرة الرحل قوله: "كره العروق للمحرم" ، واحده عرق، وهو نبات أصفر يصبغ به قوله: "لمعرق له في الموت"، يقال: إنه لمعرق له في اللؤم والكرم، إذا خالطه وتداركه أعراق خير وشر، قال:


                              جرى طلقا حتى إذا قيل سابق     تداركه أعراق سوء فبلدا



                              قوله: "وقت لأهل العراق" ، فالعراق شاطئ البحر، أو النهر، فقيل: العراق؛ لأنه على شاطئ دجلة والفرات، حتى يتصل بالبحر فإن قيل: كيف جعل لهم ميقاتا، وهم يومئذ كفار، فإنما ذلك اسم .

                              [ ص: 1013 ] لموضع، فلما أسلم أهل العراق، وكان ذلك طريقهم إليهم، كما قال عليه السلام: "بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة" ، فلما صار بعد بيته قبره جاز أن يقال: "ما بين قبري ومنبري" كما انتقل البيت إلى القبر قال الأعشى:


                              واضعا في سراة نجران رحلي     ناعما غير أنني مشتاق
                              في مطايا أربابهن عجال     عن طواء وهمهن العراق



                              أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: يستحب أن يكون الفرس كثير عصب اللحي، وسائر اللحي معروقا سبطا قال:


                              معرقة الألحي تلوح متونها     تثير القطا في مثقل بعد مقرب



                              قوله: "تلوح متونها" ، يقول: هي معرقة المتون يكاد يستبين العصب من قلة اللحم، قال الشاعر:


                              أضر بها الحاجات حتى كأنها     أكب عليها جازر متعرق



                              وقال آخر:


                              من الغزو واقورت كأن متونها     زحاليف ولدان عفت بعد ملعب

                              .

                              [ ص: 1014 ] قوله: "حتى إذا كان عند العرق من الجبل" ، والعرق: الجبل الصغير قال:


                              ما إن يزال لها ساق يقومها     مجرب مثل طود العرق مجدول



                              ويقال لكل صف من خيل أو قطا: عرقة، والجميع عرق قال الأفوه:


                              بالدارعين كأنها عرق القطا الأسراب     تمعج في الغبار وتمزع



                              قوله: "رأى عرقة في المسجد" ، أظنها خشبة فيها صورة وقال أبو عمرو: استأصل الله عرقات فلان: وهو أصله، وأخذ فلان ناقة فعرق بها، أي ذهب بها، وعرق فلان: ذهب، أي: فر.

                              [ ص: 1015 ]

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية