الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              باب: غمر.

                              حدثنا مسدد، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال رسول الله صلى الله عليه: "مثل الصلوات الخمس مثل نهر غمر على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات".

                              حدثنا محمد بن بكار، حدثنا أبو معشر، عن سعيد، عن أبي هريرة، كان رسول الله صلى الله عليه يقول: "أعوذ بك من موت الغمر، وموت الهدم".  

                              حدثنا إبراهيم، حدثنا مسدد، حدثنا خالد، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه: "من مات وفي يده غمر، فعرض له عارض، فلا يلم إلا نفسه".

                              حدثنا علي، أخبرنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة [ ص: 1067 ] ، أن النبي الله صلى الله عليه قال في حديث الميضأة: "أطلقوا لي غمري" .

                              حدثنا دحيم، حدثنا الوليد، أخبرنا عبد الله بن العلاء، حدثني بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس، سمعت أبا الدرداء: كان بين أبي بكر وعمر محاورة، فأغضب أبو بكر عمر، فانصرف مغضبا، فاتبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر، له، فأبى فأغلق بابه، فأقبل أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه: "أما صاحبكم فقد غامر".

                              حدثنا عبيد الله بن عمر، عن عمرو بن محمد، كان عمرو بن حريث من أجمل الناس، وكان يعرف بالغي، فوفد إلى سليمان، قال: فخشيت أن يسألني عن المطر، فلقيت أعرابيا، فسألته: كيف أقول؟ فقال: قل: "أصابنا مطر عقد [ ص: 1068 ] منه الثرى، واستطل منه العرق، وظهر منه الغمير".

                              حدثنا إبراهيم، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن حجير بن الربيع، قال لي عمر، "أن ائت، قومهم فانههم أن يخفوا في هذا الأمر، قلت: إني فيهم لمغمور، وما أنا بالمطاع" قوله: "مثل نهر غمر" أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: يقال: نهر غمر: كثير الماء، ورجل غمر: واسع الخلق وقال أبو زيد: ماء غمر، ومياه غمر، ووقع في مياه غمرة، وغمر الماء يغمر: أشد الغمر وأخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: يقال: فرس غمر الجري، أي: كثيرة، وأنشدنا:


                              صرنا إلى كل طوال أهوجا غمر الأجاري مسحا ممعجا

                              .

                              [ ص: 1069 ] في كتاب ابن غانم: سرنا إلى كل وأنشدنا أبو الحسن:


                              من دونهم إن جئتهم سمرا     عزف القيان، ومجلس غمر



                              يقول: هم أهل مجلس غمر يغمرون بالمعروف غيرهم، لأنهم كرام، وفلان مغمور في قومه: إذا كان فيهم أشرف منه حسبا، وماء غمر، ورجل غمر: لم يجرب الأمور، والغمر: القدح الصغير، والغمار والتغمير: الشرب القليل، ودخل في غمار الناس أي في جماعتهم وقوله: "أعوذ بك من موت الغمر" يريد الغرق وأخبرنا عمرو، عن أبيه، غمره: كثر عطاؤه، وأنشدنا:


                              تقول تربح يغمر المال أهله     كبيشة والتقوى إلى الله أربح



                              قوله: "من بات، وفي يده غمر" أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: يقال: وجدت منه ريح الغمر: غمرت يده تغمر غمرا وأخبرنا سلمة، عن الفراء يقال: هو منديل الغمر: يقال: هو الغمر، والوضر، والصمر، والزهم، والقنم .

                              [ ص: 1070 ] الغمر من اللحم، والوضر من السمن، والصمر من السمك، والقنم من الزيت والغمر: الانهماك في الباطل، وغمرة الموت: همومه، وأنشدنا:


                              من آل صعفوق وأتباع أخر     من طامعين لا يبالون الغمر



                              وقوله: "أطلقوا لي غمري" ، أي حلوه من شدة وأخبرنا عمرو، عن أبيه: الغمر: القعب الصغير وقال الأصمعي: الغمر: القدح الصغير وقال أبو زيد: قدح صغير، ثم العس، ثم الصحن، ثم التبن وقال الأصمعي: المصحاة وأنشدنا أبو نصر:


                              من كل أهوج سرياج ومقرفة     تقات يوم يكال الورد في الغمر

                              .

                              [ ص: 1071 ] قوله: "فقد غامر" : أي حاقد غيره من الغمر أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: يقال: في صدره غمر: أي حقد على غيره وأخبرنا سلمة، عن الفراء: الغمر: الغش في الصدر وأخبرنا عمرو، عن أبيه: الغمر: القشر، وأنشدنا:


                              أتته وقد نام العيون بكسبها     فماتا على جوع وظلا على غمر



                              وأنشدنا أبو زيد:


                              وعوراء جاءت من أخ فرددتها     بسالمة العينين طالبة عذرا
                              ولو أني إذ قالها قلت مثلها     ولم أعف عنها أورثت بيننا غمرا



                              وقال أبو نصر: الغمر: حر يجده من العطش، الجميع أغمار، وأنشدنا .

                              : [ ص: 1072 ] حتى إذا ما بلت الأغمارا وقوله: "وظهر منه الغمير" أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: الغمير: نبت البقل إذا يبس من مطر، وأنشدنا:


                              ثلاث كأقواس السراء وناشط     قد اخضر من لس الغمير جحافله



                              في كتاب ابن غانم "أقواش" أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: المغمور: ليس بمشهور، غمره القوم يغمرونه: إذا علوه في الشرف، وفلان غمر: إذا لم يجرب الأمور، الجميع أغمار قال الشماخ:


                              لا تحسبني وإن كنت امرأ غمرا     كحية الماء بين الطي والشيد



                              أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: يقال: جاءنا في غمار الناس أي في جماعة الناس، ويقال: انجلت عنه غمرات الحرب، يريد أهوالها شجاع: مغامر يرمي بنفسه في الهلكات .

                              [ ص: 1073 ] ويقال: غمر جاريته: طلاها بالغمرة، وهو الورس أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: شرب فلان فتغمر: إذا لكم يرو أخبرنا عمرو، عن أبيه: تغمر: شرب دون الري، وأنشدنا:


                              يعدو النجاد إذا تغمر شربه     غلسا وذلك من جواز الناهل

                              .

                              [ ص: 1074 ]

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية