الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              الحديث العاشر .

                              باب: ذر .

                              حدثنا أبو بكر حدثنا ابن فضيل، عن يزيد، عن مقسم، عن ابن عباس: "كلوا من جوانب القصعة وذروا ذروتها، فإن في ذروتها البركة" حدثنا عفان، حدثنا همام، عن عطاء، عن سعيد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه: رفعه بمثل معناه .

                              حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن إبراهيم، عن عمر بن الحكم، عن ابن لاس الخزاعي قال رسول الله صلى الله عليه: "ما من بعير إلا وفي ذروته شيطان فاركبوها، واذكروا اسم الله" .

                              [ ص: 250 ] حدثنا محمد بن الصباح، أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب، " أن رسول الله صلى الله عليه، نهى عن ضرب النساء، فأتاه عمر، فقال: إن النساء قد ذئرن على أزواجهن " .

                              حدثنا خلاد بن أسلم، حدثنا النضر بن شميل، حدثنا شعبة، عن قيس بن مسلم، سمعت ابن أبي ليلى، قال عمر لرجل كان مع أبي عبيد فأهزم: " هل لك في الشام، فإن المسلمين قد رقوا بها، وإن العدو قد ذئروا بهم قال: لا، الأرض التي فررت منها " .

                              حدثنا بندار، حدثنا العلاء بن الفضل، حدثني عبيد الله بن عكراش، عن أبيه عكراش: "انطلقت مع النبي صلى الله عليه إلى بيت أم سلمة، فأتينا بجفنة كثيرة الثريد والوذر" .

                              حدثنا موسى، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا يونس، عن حميد بن هلال، " [ ص: 251 ] أن رجلا، شاتم رجلا فقال: يا ابن شامة الوذر، فرفع إلى عمر: فدرأ عنه الحد " .

                              حدثنا سعيد بن سليمان، حدثنا منصور بن أبي الأسود، عن عطاء بن السائب، عن محارب، عن ابن بريدة، عن أبيه قال: " لما قدم جعفر من الحبشة قال رسول الله صلى الله عليه: " أخبرني بأعجب شيء رأيته. قال: رأيت امرأة على رأسها مكتل طعام فمر بها فارس يركض، فأذراه، فقالت: ويل لك يوم يضع الملك كرسيه، فيأخذ المظلوم من الظالم " .

                              حدثنا علي بن مسلم، وابن أبي الربيع قالا: حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، سمعت ابن أبي يعقوب، يحدث عن عمه ضبثم، عن سليمان بن صرد، بلغني عن أمير المؤمنين علي: "ذرو من قول يتشذر لي به من شتم وإبعاد" .

                              [ ص: 252 ] أخبرني ابن أخي الأصمعي، حدثنا عمي، حدثنا عيسى بن عمر قال: قال الحسن: "ما تشاء أن تلقى أحدهم أبيض ينفض مذرويه، هذا أنا فاعرفوني" .

                              حدثنا أبو الخطاب، حدثنا الهيثم بن رافع، حدثنا سماك بن عطية، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، بينما أبو بكر يأكل طعاما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نزلت: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره فرفع أبو بكر يده، وقال: إني لراء ما عملت من مثقال ذرة من شر. قال: ما ترى في الدنيا مما تكره فبمثاقيل ذر الشر في الدنيا، ويدخر لك مثاقيل ذر الخير حتى يوفيكه يوم القيامة   .

                              حدثنا علي، أخبرنا شعبة، عن منصور، عن إبراهيم: "يكتحل المحرم بالذرور الأحمر" .

                              حدثنا موسى، حدثنا أبو عوانة، عن مغيرة، عن أبي معشر، عن إبراهيم قال [ ص: 253 ] : "ينثر على قميصه الذريرة وعلى ردائه" يعني الميت .

                              حدثنا قتيبة، حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، عن المرقع، عن جده رباح بن الربيع أن النبي صلى الله عليه قال لخالد: "لا تقتلن ذرية ولا عسيفا" .

                              حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، قلت لعطاء: الصدقة في الذرة؟ قال: "نعم" .

                              حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا يحيى بن يزيد، عن أبيه، عن يزيد بن خصيفة، عن أبيه، عن السائب بن يزيد، "أن رسول الله صلى الله عليه لما هلك ابنه طاهر ذرفت عينه" .

                              حدثنا عفان، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، "رأيت إبراهيم يكيد بنفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه، فدمعت عينا رسول الله" .

                              [ ص: 254 ] حدثنا موسى، حدثنا حماد بن سلمة، وحدثنا مسدد، حدثنا حماد بن زيد، عن عاصم، حدثنا أبو عثمان، عن أسامة، أن "ابنة لبنت رسول الله وضعت في حجره وهو يموت ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه" قوله: ذروا ذروتها أخبرنا أبو نصر، عن الأصمعي: الذروة: أعلى كل شيء أخبرنا عمرو عن أبيه: الذرى: الأسنمة، وأنشدنا:


                              كأن ذراها من دجوج قعائد نفى الشرق عنها المغضنات السواريا



                              أخبرنا أبو نصر عن الأصمعي، يقال: إنه لمن ذروتهم أي: أعلاهم، ومن محتدهم أي: أصلهم ومن سرهم أي: خيارهم، وإنه لصريح فيهم إذا كان محضا خالصا وثاقب النسب: ظاهر، وإنه لفي سنخ صدق، وقنس صدق، وإرث صدق [ ص: 255 ] قوله: إن النساء قد ذئرن، وقوله: "إن العدو قد ذئروا" قال الأصمعي: قد نفرن واجترأن قال عبيد:


                              ولقد أتاني عن تميم أنهم     ذئروا لقتلى عامر وتغضبوا



                              قوله: كثير الوذر: هي القطعة من لحم لا عظم فيها أخبرنا عمرو، عن أبيه: الوذر: اللحم وقال أبو زيد: وذرت الوذرة أذرها وذرا، ونحضتها أنحضها نحضا، وبضعتها أبضعها بضعا: إذا قطعتها عن العظم، فإذا بقي على العظم لحم رقيق، قلت: لحمت ما على العظم أخبرنا عمرو، عن أبيه: التوذير: أن يشرط الجرح، والناقة، يوذر حياؤها وقوله: يا ابن شامة الوذر هذا كان عندهم شتما كأن قائله يعرض بأنها تفعل ذلك بذكور الرجال قوله: فأذراه أي فرقه وأطاره [ ص: 256 ] أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي، يقال: ذرت الريح التراب فهي تذروه ذروا: إذا أطارته. وريح ذارية. ومنه ذرى الناس الحنطة. وطعنه فأذراه: إذا رمى به. وقلعه من السرج وأذرت الريح فهي تذري إذراء مثل ذرته تذروه وأذرته الريح: قلعته من أصله، وذروته: طيرته. قال الله تعالى: فأصبح هشيما تذروه الرياح أخبرنا أبو عمر، عن الكسائي: تذروه الريح وتذريه: لغتان أخبرنا سلمة، عن الفراء، تذروه من ذروت وذريت لغة. ولو قرأ قارئ تذريه من أذريت أي: تلقيه كان وجها أخبرنا الأثرم، عن أبي عبيدة تذروه: تطيره، وتفرقه. وذرته الريح تذريه، وأذرته تذريه وأنشدنا سلمة، عن الفراء، عن المفضل:


                              فقلت له صوب ولا تجهدنه     فيذرك من أخرى القطاة فتزلق



                              [ ص: 257 ] أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: المذرى: الذي يحمل به الطعام ليذرى، وأنشدنا:


                              لها منخل تذري إذا عصفت به     أهابي سفساف من الترب توأم



                              أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: ذرى يذري ذروا: إذا مر مرا سريعا وأنشدنا:


                              إذا تلقته العقاقيل طفا     ذار وإن لاقى العزاز أحصفا



                              وصف ثورا فر من الكلاب والعقاقيل: ما تعقد من الرمل وطفا: ارتفع وذار: خفيف. والعزاز: ما صلب من الأرض وأحصف: اشتد عدوه وأنشدنا عمرو، عن أبيه. قال النظار:


                              فمر لا ذاري يذرو ذروه     من راكض ليس له جناحان



                              [ ص: 258 ] وقال أبو الغمر: وذر البقل، ووصل، وظفر تظفيرا أول ما يخرج: كأنه أظفار الطير ما دام على ورقتين، فإذا زاد قيل: تشعب ورقه. وعرف أي ثقل هو وقال أبو صاعد: بذرت الأرض، وفرخت. ويقال: هل رأيت من النشر شيئا وهو العشب قوله: بلغني ذرو قول أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي، يقال: بلغني عن فلان ذرو من خبر: إذا بلغك طرف منه قال:


                              أتاني عن مغيرة ذرو قول     وعن عيسى فقلت له كذاكا



                              قوله: ينفض مذرويه أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي، يقال: جاء فلان ينفض مذرويه: إذا جاء باغيا يتهدد وقال أبو عمرو والخليل: المذروان: فرعا الأليتين وأنشدنا:


                              أحولي تنفض استك مذرويها     لتقتلني فها أنا ذا عمارا



                              أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: مذائر: التي ترأم بأنفها ولا تدر على ولدها [ ص: 259 ] قوله: فمن يعمل مثقال ذرة .

                              حدثنا شجاع حدثنا ابن فضيل، عن ليث، عن أبي فزارة، عن يزيد بن الأصم، عن ابن عباس، " أنه أدخل يده في التراب، ثم رفعها، ثم قال: كل واحد مثقال ذرة " .

                              حدثنا موسى، حدثنا أبو هلال، عن معاوية بن فزارة: "أن رجلا، جعل في كفة ميزان خمسا وعشرين ذرة فما مال الميزان" .

                              حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا المزلق، رأيت الحسن: يفت الخبز للذر، والذر: صغار النمل، والذي أكبر منه فازر، والذي أكبر منه عقيفان " قال:


                              سلط الذر فازر وعقيفا     ن فأجلاهم لدار شطون



                              قوله: يكتحل بالذرور معروف. وذروت عين فلان إذا أخذت ذرورا بأطراف أصابعك تذره وقوله: ينثر على قميصه الذريرة: فتات قصب كالنشاب .

                              [ ص: 260 ] وقوله: لا تقتلن ذرية: هم صغار الخلق، وهم الباقي من الخلق قال الله تعالى: ذرية من حملنا مع نوح أخبرنا الأثرم، عن أبي عبيدة: ذرأ بمنزلة برأ، ومعناه خلق أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي، يقال: ذرأ رأس فلان، فهو يذرأ ذرأ، وقد علته ذرأة أي بياض قال الأشهب:


                              ألا يالقوم للشباب الذي مضى     وسلوة عيش قد تولى عريضها
                              وللرأس أمسى قد تبدل ذرأة     تلوح على أعلى المسايح بيضها



                              وقال أبو نخيلة:


                              وقد علتني ذرأة بادي بدي     ورثية تنهض في تشددي

                              .

                              [ ص: 261 ] ويقال: جدي أذرأ وعناق ذرآء، وذلك إذا كان في رأسه ورأسها بياض، وملح ذرآني إذا كان شديد البياض أخبرنا سلمة، عن الفراء: يقال: ملح ذرآني، وذرآني أخبرني أبو نصر، عن أبي زيد قال: في الغنم الذرآء، وهي الرقشاء الأذنين، وسائرها أسود وقال أبو زيد: علته ذرأة، قد ذرأ يذرأ ذرأ إذا شمط أخبرنا أبو نصر، عن الأصمعي، يقال: ذريت الشاة تذرية، وهو أن تجز صوفها، وتدع فوق ظهرها شيئا يعرف به، وذلك في الضأن خاصة، والإبل، ويقال: فلان يذري فلانا، وهو أن يرفع من أمره، ويمدحه، وأنشدنا:


                              عمدا أذري حسبي أن يشتما     بهدر هدار يمج البلغما



                              أخبرنا عمرو، عن أبيه، يقال: ذريته أي: مدحته قال المرار:

                              [ ص: 262 ]

                              تذكرتهم والمرء ذاكر قومه     فمثن عليهم أو مذر فزائد



                              أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي، يقال: كان في ذرى فلان، في دفئه، وظله، ويقال: استذر بهذه الشجرة أي كن في دفئها، وظلها. ودفؤها يسمى الذرا مقصور، وأنشدنا عمرو لتميم:


                              لديه لأنضاء الخصاص موارد     بأذرائها يأوي الضريك المعصب



                              يعني لديه: لدى عثمان بن عفان، لأنضاء: الواحد نضو والخصاص: الفقر، موارد: يردون عليه بأذرائها: ما استترت به، يأوي الضريك: الفقير والمعصب: الذي يشد بطنه من الجوع ويقال: ذرا ناب الجمل يذرى ذروا، إذا انكسر وقال أوس:


                              وإن مقرم منا ذرا حد نابه     تخمط فينا ناب آخر مقرم



                              قوله: في الذرة صدقة الذرة حب يؤكل، واحده وجمعه ذرة ويقال: ذر قرن الشمس، والذرور: أول طلوعها وسمعت أبا نصر، يقول: الذرور: طلوع الشمس، وأنشدنا:


                              فحط في علقى وفي مكور     بين تواري الشمس والذرور

                              .

                              [ ص: 263 ] وعلقى: نبت ومكور: نبت، يصف ثورا، وقال آخر:


                              حتى إذا ذر قرن الشمس صبحه     غضف كوالح في أعناقها الحلق



                              وقرئ على أبي نصر، عن الأصمعي قال: إذا أرادوا أن يمنعوا الفصيل، من الرضاع خلوه: أدخلوا في أنفه من داخل خلالا محدد الرأس بأسفله حجنة، فإن لم يصنعوا ذلك صروا أمهاتها، فتوا بعرا على كل خلف، فيذئروه بذلك الذئار والذئار: البعر، فإن لم يجدوا بعرا جعلوه، وبرا، ثم جعلوا فوقه التوادي، فصروا كل خلفين بتودية والتودية: عود عشر ثم شدوه بخيط، فاسم ذلك الخيط الصرار، فإن جعلت فوق الذئار صوفة فهي جلبة قال:


                              لا يهب الطيب، ولا يستوهبه     إلا ذئارا بيديه جلبه



                              فإن جعلت مكان الذئار جلدة، أو خرقة، ثم صررتها، فذلك الترفيل، فإن صررت جميع أخلافها، فقد أكمشت إكماشا، فإن صررت ثلاثة، فقد ثلثت، وإن صررت خلفين، فقد أشطرت، وشطرت .

                              [ ص: 264 ]

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية