الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
257 - وأما ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال: أخبرني محمد بن إسماعيل السكري ، حدثنا أبو قريش ، حدثنا أبو محمد نصر بن خلف النيسابوري ، حدثنا يعلى بن عبيد ، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن عبد الله هو ابن مسعود قال: " ما دعا عبد بهذه الدعوات إلا وسع الله عليه في معيشته:  يا ذا المن ، ولا يمن عليك ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا ذا الطول ، لا إله إلا أنت ، ظهر اللاجئين ، وجار المستجيرين ، ومأمن الخائفين إن كنت كتبتني في أم الكتاب عندك شقيا فامح عني اسم الشقاء ، واثبتني عندك سعيدا ، وإن كنت كتبتني في أم الكتاب محروما مقترا علي رزقي ، فامح عني حرماني وتقتير رزقي ، واثبتني عندك سعيدا موفقا للخير ، فإنك تقول في كتابك يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " قال: فهذا موقوف وروي عن أبي حكيمة ، [ ص: 216 ] عن أبي عثمان النهدي قال: سمعت عمر بن الخطاب وهو يطوف بالكعبة يقول: " اللهم إن كنت كتبتني في السعادة فاثبتني فيها ، وإن كنت كتبت علي الشقاوة والذنب. . . فامحني واثبتني في السعادة يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " هكذا رواه حماد بن سلمة ، عن أبي حكيمة وسمعناه. ورواه هشام الدستوائي ، عن أبي حكيمة مختصرا وقال: "فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب" وأبو حكيمة اسمه: عصمة بصري تفرد به ، فإن صح شيء من هذا فمعناه يرجع إلى ما ذكرنا من محو العمل والحال ، وتقدير قوله: اللهم إن كنت كتبتني أعمل عمل الأشقياء ، وحالي حال الفقراء برهة من دهري فامح ذلك عني بإثبات عمل السعداء ، وحال الأغنياء ، واجعل خاتمة أمري سعيدا موفقا للخير فإنك قلت في كتابك: يمحو الله ما يشاء أي: من عمل الأشقياء ، ويثبت أي: من عمل السعداء ، ويبدل ما يشاء من حال الفقر ويثبت ما يشاء من حال الغنى ، ثم المحو والإثبات جميعا مسطوران في أم الكتاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية