الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
267 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس ، حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، حدثنا القعنبي ، فيما قرأ على مالك ، عن ابن شهاب ، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، عن عبد الله بن عباس ، أن عمر بن الخطاب ، خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد - أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه - فأخبروه أن الوباء وقع بالشام وساق الحديث في استشارته إياهم واختلافهم عليه ، إلى أن قال: فنادى عمر في الناس إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه ، فقال أبو عبيدة بن الجراح: أفرارا من قدر الله؟ قال عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة ، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله ، أرأيت لو كان لك إبل فهبطت واديا له عدوتان أحدهما خصبة والأخرى جدبة ، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله ، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيبا في بعض حاجته فقال: إن عندي من هذا علما ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه ، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه"  قال: فحمد الله عمر ، ثم انصرف رواه البخاري في الصحيح عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك وأخرجه مسلم من وجه آخر [ ص: 220 ] قال أصحابنا في هذا الخبر: إن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه استعمل الحذر وثبت بالقدر معا ، وهو طريق السنة ونهج السلف الصالح رحمة الله عليهم. والذي روينا: "لا ينفع حذر من قدر" معناه فيما كتب من القضاء المحتوم ، كما لا ينفع الدعاء والدواء في رد الموت إذا جاء الأجل المكتوب المحتوم في أم الكتاب ، ثم قد يكون النفع في الحذر والدعاء والدواء إذا كان القلم قد جرى بإلحاق النفع بأحد هؤلاء ، وهو ميسر لما كتب له وعليه عن جميع ذلك لا يستطيع أن يعمل غيره ، وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية