الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
456 - أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ، أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، نا يعقوب بن سفيان ، نا أحمد بن يونس ، نا المعافى بن عمران الموصلي ، نا إدريس بن سنان ، نا أبو إلياس ابن بنت وهب ، قال: حدثني وهب بن منبه ، أن ابن عباس طاف بالبيت حين أصبح أسبوعا ، قال وهب: وأنا وطاوس ، معه وعكرمة مولاه ، وكان قد رق بصره ، فكان يتوكأ على العصا ، فلما فرغ من طوافه انصرف إلى الحطيم فصلي ركعتين ، ثم نهض فنهضنا معه ، فدفع عصاه إلى عكرمة مولاه ، وتوكأ علي وعلى طاوس ، ثم انطلق بنا إلى غربي الكعبة بين باب بني سهم وباب بني جمح ، فوقفنا على قوم بلغ ابن عباس أنهم يخوضون في حديث القدر  وغيره مما يختلف الناس فيه ، فلما وقف عليهم سلم عليهم أجابوه ورحبوا به وأوسعوا له فكره أن يجلس إليهم ثم قال: "يا معشر المتكلمين فيما لا يعنيهم ، ولا يرد عليهم ألم تعلموا أن لله عبادا قد أسكتتهم خشيته من غير عي ، ولا بكم ، وأنهم [ ص: 295 ] هم الفصحاء الطلقاء النبلاء الألباء العالمون بالله وبآياته ، لكنهم إذا ذكروا عظمة الله انقطعت ألسنتهم ، وكسرت قلوبهم ، وطاشت عقولهم إعظاما لله عز وجل ، وإعزازا ، وإجلالا ، فإذا استفاقوا من ذلك استبقوا إلى الله عز وجل بالأعمال الزاكية ، يعدون أنفسهم مع الظالمين الخاطئين ، وإنهم لأبر برا ، ومع المقصرين والمقرضين ، وإنهم لأكياس أقوياء ، ولكنهم لا يرضون لله بالقليل ، ولا يستكثرون له الكثير ، ولا يدلون عليه بالأعمال ، حيثما لقيتهم فهم متهمون محزونون مروعون خائفون مشفقون وجلون ، فأين أنتم منهم يا معشر المبتدعين ، اعلموا أن أعلم الناس بالقدر أسكتهم عنه ، وأن أجهل الناس بالقدر أنطقهم فيه" قال وهب: ثم انصرف عنهم وتركهم ، فبلغ ابن عباس أنهم قد تفرقوا عن مجلسهم ذلك ، ثم لم يعودوا إليه حتى هلك ابن عباس .

التالي السابق


الخدمات العلمية