[ ص: 870 ] سياق  
ما روي في معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم      - مما يدل على صدقه ، وخرق الله العادة الجارية ؛ لوضوح دلالته وإثبات نبوته ، ونفي الشك والارتياب في أمره  
1457 - أخبرنا  محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن خيران الفقيه  ، أخبرنا   عبد الله بن محمد بن الأشقر القاضي  قال : ثنا  الحسين بن مهدي الأيلي  قال : ثنا  عبد الرزاق  ، أخبرنا  معمر  ، عن   الزهري  ، عن   عبيد الله بن عبد الله  ، عن   ابن عباس  ، قال : حدثني  أبو سفيان  من فيه إلى في قال :  انطلقت في المدة التي كانت بيننا وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبينا أنا بالشام إذ جيء  بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى  هرقل   جاء به   دحية الكلبي  فدفعه إلى عظيم  بصرى   فدفعه عظيم  بصرى   إلى  هرقل     .  
قال  هرقل     : ها هنا أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ قالوا : نعم . فدعيت في نفر من  قريش   فدخلنا على  هرقل  فأجلسنا بين يديه . قال : أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ قال  أبو سفيان  فقلت : أنا ، فأجلسوني بين أيديهم وأجلسوا أصحابي خلفي ، ثم دعا بترجمانه . فقال : قل لهم : إني سائله عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ، وإن كذبني فكذبوه . قال  أبو سفيان     : وايم الله لولا مخافة أن يؤثر علي الكذب لكذبته . ثم قال لترجمانه : سله كيف حسبه فيكم ؟ قال : قلت : هو فينا ذو حسب .      [ ص: 871 ] قال : فهل كان من آبائه ملك ؟ قال : قلت لا . قال : فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قال : قلت لا . قال : من تبعه أشراف الناس أم ضعفاؤهم ؟ قلت : لا بل ضعفاؤهم . قال : فهل يزيدون أم ينقصون ؟ قال : قلت لا ، بل يزيدون . قال : فهل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة لدينه ؟ قال : قلت لا . قال : فهل قاتلتموه ؟ قال : قلت نعم . قال : فكيف كان قتالكم إياه ؟ قال : قلت يكون الحرب بيننا وبينه سجالا يصيب منا ونصيب منه . قال : فهل يغدر ؟ قال : قلت لا . ونحن في مدة لا ندري ما هو صانع فيها. قال : فوالله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه . قال : فهل قال هذا القول أحد قبله ؟ قال : قلت لا . قال : ثم قال لترجمانه : قل له : إني سألتك عن حسبه فيكم فزعمت أنه فيكم ذو حسب ، وكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها .  
وسألتك هل كان من آبائه ملك فزعمت أن لا ، فقلت : لو كان في      [ ص: 872 ] آبائه ملك قلت رجل يطلب ملك آبائه . وسألتك عن أتباعه أضعفاؤهم أم أشرافهم فقلت بل ضعفاؤهم ، وهم أتباع الرسل . وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فزعمت أن لا ، فقد عرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ، ويذهب يكذب على الله . وسألتك هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخله سخطة لدينه ؟ فزعمت أن لا ، وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشته القلوب . وسألتك : هل يزيدون أم ينقصون ؟ فزعمت أنهم يزيدون ، وكذلك الإيمان حتى يتم . وسألتك هل قاتلتموه ؟ فزعمت أنكم قاتلتموه فيكون الحرب بينكم وبينه سجالا ينال منكم وتنالون منه ، وكذلك الرسل تبتلى حتى تكون لها العاقبة . وسألتك هل يغدر فزعمت أن لا ؟ وكذلك الرسل لا تغدر . وسألتك : هل قال هذا القول أحد قبله ؟ فزعمت أن لا ، فقلت : لو كان قال هذا القول أحد قبله قلت : رجل ائتم بقول قيل قبله . ثم قال : بم يأمركم ؟ قلت : يأمرنا بالصلاة والزكاة والصلة ، والعفاف . ثم قال : إن يكن ما تقول فيه حقا فإنه نبي ، وقد كنت أعلم أنه خارج ، ولم أكن أظن أنه منكم ، ولو أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه ، وليبلغن ملكه ما تحت قدمي .  
قال : ثم دعا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا فيه :      [ ص: 873 ]    " بسم الله الرحمن الرحيم من  محمد   رسول الله إلى  هرقل  عظيم  الروم   سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد : فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين . ويا  أهل الكتاب      (  تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا      ) إلى قوله (  اشهدوا بأنا مسلمون      ) .  
فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده وكثر اللغط وأمر بنا فأخرجنا . فقلت لأصحابي حين خرجنا : لقد أمر أمر  ابن أبي كبشة   ؛ إنه ليخافه ملك  بني الأصفر   فما زلت موقنا بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام     . أخرجه   البخاري  ومسلم  جميعا من حديث  عبد الرزاق     .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					