nindex.php?page=treesubj&link=29714المثال الخامس : وجه الرب جل جلاله حيث ورد في الكتاب والسنة فليس بمجاز بل على حقيقته ،
nindex.php?page=treesubj&link=29714واختلف المعطلون في جهة التجوز في هذا ، فقالت طائفة : لفظ الوجه زائد ، والتقدير ويبقى ربك ، إلا ابتغاء ربه الأعلى ، ويريدون ربهم .
وقالت فرقة أخرى منهم : الوجه بمعنى الذات ، وهذا قول أولئك وإن اختلفوا في التعبير عنه ، وقالت فرقة : ثوابه وجزاؤه ، فجعله هؤلاء مخلوقا منفصلا ، قالوا : لأن الذي يراد هو الثواب ، وهذه أقوال نعوذ بوجه الله العظيم من أن يجعلنا من أهلها ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14274عثمان بن سعيد الدارمي ، وقد حكى قول
nindex.php?page=showalam&ids=15211بشر المريسي أنه قال في قول النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347340إذا قام العبد يصلي أقبل الله عليه بوجهه " يحتمل أن يقبل الله عليه بنعمته وإحسانه وأفعاله وما أوجب للمصلي من الثواب ، فقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27ويبقى وجه ربك ) أي ما
[ ص: 408 ] توجه به إلى ربك من الأعمال الصالحة ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115فأينما تولوا فثم وجه الله ) أي قبلة الله .
قال
الدارمي : لما فرغ
nindex.php?page=showalam&ids=15211المريسي من إنكار اليدين ونفيهما عن الله أقبل على وجه الله ذي الجلال والإكرام لينفيه عنه كما نفى عنه اليدين فلم يدع غاية في إنكار وجه الله ، ذي الجلال والإكرام والجحود به حتى ادعى أن وجه الله الذي وصفه بأنه ذو الجلال والإكرام مخلوق ; لأنه ادعى أنه أعمال مخلوقة يتوجه بها إليه ، وثواب وإنعام مخلوق يثبت به العامل ، وزعم أنه قبلة الله ، وقبلة الله لا شك مخلوقة .
ثم ساق الكلام في الرد عليه .
nindex.php?page=treesubj&link=29714والقول بأن لفظ الوجه مجاز باطل من وجوه :
أحدها : أن المجاز لا يمتنع نفيه ، فعلى هذا ألا يمتنع أن يقال : ليس لله وجه ولا حقيقة لوجهه ، وهذا تكذيب صريح لما أخبر به عن نفسه وأخبر به عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الثاني : أنه خروج عن الأصل والظاهر بلا موجب .
الثالث : أن ذلك يستلزم كون حياته وسمعه وبصره وقدرته وكلامه وإرادته وسائر صفاته مجازا لا حقيقة ، كما تقدم تقريره .
الرابع : أن دعوى المعطل أن الوجه صلة كذب على الله وعلى رسوله وعلى اللغة فإن هذه الكلمة ليست مما عهد زيادتها .
الخامس : أنه لو ساغ ذلك لساغ لمعطل آخر أن يدعي الزيادة في قوله : أعوذ بعزة الله وقدرته ، ويكون التقدير أعوذ بالله ، ويدعي معطل آخر الزيادة في سمعه وبصره وغير ذلك .
السادس : أن هذا يتضمن إلغاء وجهه لفظا ومعنى ، وأن لفظه زائد ومعناه منتف .
السابع : ما ذكره
الخطابي والبيهقي وغيرهما ، قالوا : لما أضاف الوجه إلى الذات وأضاف النعت إلى الوجه فقال (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) دل على أن ذكر الوجه ليس بصلة وأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27ذو الجلال والإكرام ) صفة للوجه وأن الوجه صفة للذات .
[ ص: 409 ] قلت : فتأمل رفع قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27ذو الجلال والإكرام ) عند ذكره الوجه ، وجره في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=78تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام ) فذو الوجه المضاف بالجلال والإكرام لما كان القصد الإخبار عنه ، وذي المضاف إليه بالجلال والإكرام في آخر السورة لما كان المقصود عين المسمى دون الاسم فتأمله .
الثامن : أنه لا يعرف في لغة من لغات الأمم وجه الشيء بمعنى ذاته ونفسه ، وغاية ما شبه به المعطل وجه الرب أن قال : هو كقوله : وجه الحائط ، ووجه الثوب ، ووجه النهار ، ووجه الأمر ( فيقال ) لهذا المعطل المشبه : ليس الوجه في ذلك بمعنى الذات بل هذا مبطل لقولك فإن وجه الحائط أحد جانبيه فهو مقابل لدبره ، وكمثل هذا وجه
الكعبة ودبرها ، فهو وجه حقيقة ولكنه بحسب المضاف إليه ، فلما كان المضاف إليه بناء كان وجهه من جنسه وكذلك وجه الثوب أحد جانبيه وهو من جنسه وكذلك وجه النهار أوله ولا يقال لجميع النهار ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : وجه النهار أوله ومنه قولهم : صدر النهار ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : أتيته بوجه نهار وصدر نهار ، وأنشد
للربيع بن زياد :
من كان مسرورا بمقتل مالك فليأت نسوتنا بوجه نهار
والوجه في اللغة مستقبل كل شيء لأنه أول ما يواجه منه ، ووجه الرأي والأمر ما يظهر أنه صوابه وهو في كل محل بحسب ما يضاف إليه ، فإن أضيف إلى زمن كان الوجه زمنا ، وإن أضيف إلى حيوان كان بحسبه ، وإن أضيف إلى ثوب أو حائط كان بحسبه ، وإن أضيف إلى من (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11ليس كمثله شيء ) كان وجهه تعالى كذلك .
التاسع : أن حمله على الثواب المنفصل من أبطل الباطل ، فإن اللغة لا تحتمل ذلك ولا يعرف أن الجزاء يسمى وجها للمجازي .
العاشر : أن الثواب مخلوق ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استعاذ بوجه الله فقال "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347341أعوذ بوجهك الكريم أن تضلني ، لا إله إلا أنت الحي الذي لا يموت ، والجن والإنس يموتون " رواه
أبو داود وغيره .
ومن دعائه يوم
الطائف : "
nindex.php?page=treesubj&link=29714أعوذ بوجهك الكريم الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح [ ص: 410 ] عليه أمر الدنيا والآخرة " ولا يظن برسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ بمخلوق ، وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أنزل عليه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=65قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم ) قال : أعوذ بوجهك (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=65أو من تحت أرجلكم ) .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347343أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إذا أخذت مضجعك فقل : " أعوذ بوجهك الكريم وكلماتك التامات من شر ما أنت آخذ بناصيته ، اللهم أنت تكشف المأثم والمغرم ، اللهم لا يهزم جندك ، ولا يخلف وعدك ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، سبحانك وبحمدك " وإسناده كلهم ثقات .
في الموطأ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347344أنه كان ليلة الجن أقبل عفريت من الجن وفي يده شعلة من نار فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن فلا يزداد إلا قربا ، فقال له جبرائيل عليه السلام : ( ألا أعلمك كلمات تقولهن ينكب منها لفيه وتطفأ شعلته ؟ قل : " أعوذ بوجه الله الكريم ، وكلمات الله التامات ، التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء ، ومن شر ما يعرج فيها ، ومن شر ما ذرأ في الأرض ، وما يخرج منها ، ومن شر فتن الليل والنهار ، ومن شر طوارق الليل ، ومن شر كل طارق يطرق بخير يا رحمن " فقالها فانكب لفيه ، وطفئت شعلته ، أرسله
مالك ووصله غيره .
الحادي عشر : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في دعائه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347345أسألك لذة النظر إلى وجهك [ ص: 411 ] والشوق إلى لقائك " ولم يكن ليسأل لذة النظر إلى الثواب ولا يعرف تسمية ذلك وجها لغة ولا شرعا ولا عرفا .
الثاني عشر : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347346من استعاذ بالله فأعيذوه ، ومن سألكم بوجه الله فأعطوه " وفي السنن من حديث
جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347347لا ينبغي لأحد أن يسأل بوجه الله إلا الجنة " ، فكان
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس يكره أن يسأل الإنسان بوجه الله ، وجاء رجل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز فرفع إليه حاجته ثم قال : أسألك بوجه الله ، فقال
عمر : لقد سألت بوجه الله ، فلم يسأل شيئا إلا أعطاه إياه ، ثم قال
عمر : ويحك ألا سألت بوجه الله الجنة ، ولو كان المراد بوجهه مخلوقا من مخلوقاته لما جاز أن يقسم عليه ويسأل به ولا كان ذلك أعظم من السؤال به سبحانه .
وهذه الآثار صريحة في أن
nindex.php?page=treesubj&link=29715السؤال بوجهه أبلغ وأعظم من السؤال به ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347348لا يسأل بوجه الله إلا الجنة " فدل على بطلان قول من قال هو ذاته .
الثالث عشر : ما رواه
مسلم في صحيحه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347238إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ، يخفض القسط ويرفعه ويرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل الليل ، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه " فإضافة السبحات التي هي الجلال والنور إلى الوجه وإضافة البصر إليه تبطل كل مجاز وتبين أن المراد وجهه .
الرابع عشر : ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : ليس عند ربكم ليل ولا نهار ، نور السماوات والأرض من نور وجهه ، فهل يصح أن يحمل الوجه في هذا على
[ ص: 412 ] مخلوق أو يكون صلة لا معنى له ، أو يكون بمعنى القبلة والجهة ، وهذا مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم : "
وأعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات " فأضاف النور إلى الوجه والوجه إلى الذات واستعاذ بنور الوجه الكريم ، فعلم أن نوره صفة له كما أن الوجه صفة ذاتية ، وهو الذي قاله
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود هو تفسير قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35الله نور السماوات والأرض ) فلا تشغل بأقوال المتأخرين الذين غشت بصائرهم عن معرفة ذلك ، فخذ العلم عن أهله ، فهذا تفسير الصحابة رضي الله عنهم .
الخامس عشر : أن من تدبر سياق الآيات والأحاديث والآثار التي فيها ذكر وجه الله الأعلى ذي الجلال والإكرام قطع ببطلان قول من حملها على المجاز ، وأنه الثواب والجزاء ، لو كان اللفظ صالحا في ذلك لغة ، فكيف واللفظ لا يصلح لذلك لغة ، فمنها قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=19وما لأحد عنده من نعمة تجزى nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=20إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ) .
الوجه السادس عشر : أن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وجميع أهل السنة والحديث والأئمة الأربعة ، وأهل الاستقامة من أتباعهم متفقون على أن
nindex.php?page=treesubj&link=29714_28725المؤمنين يرون وجه ربهم في الجنة ، وهي الزيادة التي فسر بها النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=26للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) فروى
مسلم في صحيحه بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=26للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) قال : النظر إلى وجه الله تعالى ، فمن أنكر حقيقة الوجه لم يكن للنظر عنده حقيقة ولا سيما إذا أنكر الوجه والعلو ، فيعود النظر عنده إلى خيال مجرد ، كان أحسن العبارة قال : هو معنى يقوم بالقلب نسبته إليه كنسبة النظر إلى العين ، وليس في الحقيقة عنده نظر ولا وجه ولا لذة تحصل للناظر .
الوجه السابع عشر : أن الوجه حيث ورد فإنما ورد مضافا إلى الذات في جميع موارده ، والمضاف إلى الرب تعالى نوعان : أعيان قائمة بنفسها كبيت الله وناقة الله وروح الله وعبد الله ورسول الله فهذا إضافة تشريف وتخصيص ، وهي إضافة مملوك إلى مالكه ( الثاني ) صفات لا تقوم بنفسها كعلم الله وحياته وقدرته وعزته وسمعه وبصره ونوره وكلامه ، فهذا إذا وردت مضافة إليه فهي إضافة صفة إلى الموصوف بها .
[ ص: 413 ] إذا عرف ذلك بوجهه الكريم وسمعه وبصره إذا أضيف إليه وجب أن تكون إضافته إضافة وصف لا إضافة خلق ، وهذه الإضافة تنفي أن يكون الوجه مخلوقا وأن يكون حشوا في الكلام ، وفي سنن
أبي داود عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المسجد قال "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347350أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم " ، فتأمل كيف قرن في الاستعاذة بين استعاذته بالذات وبين استعاذته بالوجه الكريم وهذا صريح في إبطال قول من قال : إنه الذات نفسها ، وقول من قال : إنه مخلوق .
الوجه الثامن عشر : أن
nindex.php?page=treesubj&link=29714تفسير وجه الله بقبلة الله وإن قاله بعض السلف
كمجاهد وتبعه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فإنما قالوه في موضع واحد لا غير ، وهو قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) فهب أن هذا كذلك في هذا الموضع ، فهل يصح أن يقال ذلك في غيره في المواضع التي ذكر الله تعالى فيها الوجه ، فما يفيدكم هذا في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=20إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ) وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=9إنما نطعمكم لوجه الله ) على أن الصحيح في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115فثم وجه الله ) أنه كقوله في سائر الآيات التي ذكر فيها الوجه ، فإنه قد اطرد مجيئه في القرآن والسنة مضافا إلى الرب تعالى على طريقة واحدة ومعنى واحد ، فليس فيه معنيان مختلفان في جميع المواضع غير الموضع الذي ذكر في سورة البقرة وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115فثم وجه الله ) وهذا لا يتعين حمله على القبلة والجهة ، ولا يمتنع أن يراد به وجه الرب حقيقة ، فحمله على غير القبلة كنظائره كلها أولى ، يوضحه : الوجه التاسع عشر : أنه لا يعرف إطلاق وجه الله على القبلة لغة ولا شرعا ولا عرفا بل القبلة لها اسم يخصها ، والوجه له اسم يخصه ، فلا يدخل أحدهما على الآخر ولا يستعار اسمه له ، نعم ، القبلة تسمى وجهة ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=148ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا ) وقد تسمى جهة وأصلها وجهة لكن أعلت بحذف فائها كزنة وعدة ، وإنما سميت قبلة ووجهة لأن الرجل يقابلها ويواجهها
[ ص: 414 ] بوجهه ، وأما تسميتها وجها فلا عهد به ، فكيف إذا أضيف إلى الله تعالى مع أنه لا يعرف تسمية القبلة ( وجهة الله ) في شيء من الكلام مع أنها تسمى وجهه ، فكيف يطلق عليها وجه الله ولا يعرف تسميتها وجها ؟ !
وأيضا فمن المعلوم أن قبلة الله التي نصبها لعباده هي قبلة واحدة ، وهي القبلة التي أمر الله عباده أن يتوجهوا إليها حيث كانوا ، لا كل جهة يولي الرجل وجهه إليها فإنه يولي وجهه إلى المشرق والمغرب والشمال وما بين ذلك ، وليست تلك الجهات قبلة الله فكيف يقال : أي وجهة وجهتموها واستقبلتموها فهي قبلة الله ؟
فإن قيل : هذا عند اشتباه القبلة على المصلي ، وعند صلاته النافلة في السفر ، قيل : اللفظ لا إشعار له بذلك البتة ، بل هو عام مطلق في الحضر والسفر وحال العلم والاشتباه والقدرة والعجز ، يوضحه : أن إخراج الاستقبال المفروض والاستقبال في الحضر وعند العلم والقدرة وهو أكثر أحوال المستقبل ، وحمل الآية على استقبال المسافر في التنفل على الراحلة على حال الغيم ونحوه بعيد جدا عن ظاهر الآية وإطلاقها وعمومها وما قصد بها ، فإن " أين " من أدوات العموم ، وقد أكد عمومها بـ " ما " إرادة لتحقيق العموم كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره ) والآية صريحة في أنه أينما ولى العبد فثم وجه الله من حضر أو سفر في صلاة أو غير صلاة ، وذلك أن الآية لا تعرض فيها للقبلة ولا لحكم الاستقبال ، بل سياقها لمعنى آخر وهو بيان عظمة الرب تعالى وسعته ، وأنه أكبر من كل شيء ، وأعظم منه ، وأنه محيط بالعالم العلوي والسفلي ، فذكر في أول الآية إحاطة ملكه في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115ولله المشرق والمغرب ) فنبهنا بذلك على ملكه لما بينهما ، ثم ذكر عظمته سبحانه وأنه أكبر وأعظم من كل شيء ، فأين ما ولى العبد وجهه فثم وجه الله ، ثم ختم باسمين دالين على السعة والإحاطة فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115إن الله واسع عليم ) فذكر اسم الواسع عقيب قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115فأينما تولوا فثم وجه الله ) كالتفسير والبيان والتقرير له فتأمله ، فهذا السياق لم يقصد به الاستقبال في الصلاة بخصوصه ، وإن دخل في عموم الخطاب ، حضرا أو سفرا بالنسبة إلى الفرض والنفل ، والقدرة والعجز .
وعلى هذا فالآية باقية على عمومها وأحكامها ليست منسوخة ولا مخصوصة ، بل
[ ص: 415 ] لا يصح دخول النسخ فيها ، لأنها خبر عن ملكه للمشرق والمغرب وأنه أين ما ولى الرجل وجهه فثم وجه الله ، وعن سعته وعلمه ، فكيف يمكن دخول النسخ والتخصيص في ذلك .
وأيضا هذه الآية ذكرت مع ما بعدها لبيان عظمة الرب والرد على من جعل لله عدلا من خلقه أشركه معه في العبادة ، ولهذا ذكر بعدها الرد على من جعل له ولدا فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=117كن فيكون ) فهذا السياق لا تعرض فيه للقبلة ، ولا سيق الكلام لأجلها ، وإنما سيق لذكر عظمة الرب وبيان سعة علمه وملكه وحلمه ، والواسع من أسمائه ، فكيف تجعلون له شريكا بسننه وتمنعون بيوته ومساجده أن يذكر فيها اسمه وتسعون في خرابها ، فهذا للمشركين ، ثم ذكر ما نسبه إليه
النصارى من اتخاذ الولد ووسط بين كفر هؤلاء ، وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115ولله المشرق والمغرب ) فالمقام مقام تقرير لأصول التوحيد والإيمان والرد على المشركين ، لا بيان فرع معين جزئي .
يوضحه : أن الله تعالى لما ذكر قبلته التي شرعها عينها دون سائر الجهات بأنها شطر المسجد الحرام ، وأكد ذكرها مرة بعد مرة تعيينها لها دون غيرها من الجهات بأنها القبلة التي رضيها ، وشرعها وأحبها لعباده ، ولم يذكر أنها كل جهة بل أخبر أنها قبلة يرضاها رسوله صلى الله عليه وسلم وجعل استقبالها من أعلام نبوة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم ) أي ذلك الاستقبال ، وأكد أمر هذه القبلة تأكيدا أزال به استقبال غيرها وأن تكون قبلة شرعها .
nindex.php?page=treesubj&link=29714الْمِثَالُ الْخَامِسُ : وَجْهُ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ حَيْثُ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَلَيْسَ بِمَجَازٍ بَلْ عَلَى حَقِيقَتِهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29714وَاخْتَلَفَ الْمُعَطِّلُونَ فِي جِهَةِ التَّجَوُّزِ فِي هَذَا ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لَفْظُ الْوَجْهِ زَائِدٌ ، وَالتَّقْدِيرُ وَيَبْقَى رَبُّكَ ، إِلَّا ابْتِغَاءَ رَبِّهِ الْأَعْلَى ، وَيُرِيدُونَ رَبَّهُمْ .
وَقَالَتْ فِرْقَةٌ أُخْرَى مِنْهُمْ : الْوَجْهُ بِمَعْنَى الذَّاتِ ، وَهَذَا قَوْلُ أُولَئِكَ وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِي التَّعْبِيرِ عَنْهُ ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : ثَوَابُهُ وَجَزَاؤُهُ ، فَجَعَلَهُ هَؤُلَاءِ مَخْلُوقًا مُنْفَصِلًا ، قَالُوا : لِأَنَّ الَّذِي يُرَادُ هُوَ الثَّوَابُ ، وَهَذِهِ أَقْوَالٌ نَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْعَظِيمِ مِنْ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِهَا ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14274عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ ، وَقَدْ حَكَى قَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=15211بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347340إِذَا قَامَ الْعَبْدُ يُصَلِّي أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ " يُحْتَمَلُ أَنْ يُقْبِلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِنِعْمَتِهِ وَإِحْسَانِهِ وَأَفْعَالِهِ وَمَا أَوْجَبَ لِلْمُصَلِّي مِنَ الثَّوَابِ ، فَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ) أَيْ مَا
[ ص: 408 ] تَوَجَّهَ بِهِ إِلَى رَبِّكَ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) أَيْ قِبْلَةُ اللَّهِ .
قَالَ
الدَّارِمِيُّ : لَمَّا فَرَغَ
nindex.php?page=showalam&ids=15211الْمَرِيسِيُّ مِنْ إِنْكَارِ الْيَدَيْنِ وَنَفْيِهِمَا عَنِ اللَّهِ أَقْبَلَ عَلَى وَجْهِ اللَّهِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ لِيَنْفِيَهُ عَنْهُ كَمَا نَفَى عَنْهُ الْيَدَيْنِ فَلَمْ يَدَعْ غَايَةً فِي إِنْكَارِ وَجْهِ اللَّهِ ، ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَالْجُحُودِ بِهِ حَتَّى ادَّعَى أَنَّ وَجْهَ اللَّهِ الَّذِي وَصَفَهُ بِأَنَّهُ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ مَخْلُوقٌ ; لِأَنَّهُ ادَّعَى أَنَّهُ أَعْمَالٌ مَخْلُوقَةٌ يَتَوَجَّهُ بِهَا إِلَيْهِ ، وَثَوَابٌ وَإِنْعَامٌ مَخْلُوقٌ يَثْبُتُ بِهِ الْعَامِلُ ، وَزَعَمَ أَنَّهُ قِبْلَةُ اللَّهِ ، وَقِبْلَةُ اللَّهِ لَا شَكَّ مَخْلُوقَةٌ .
ثُمَّ سَاقَ الْكَلَامَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=29714وَالْقَوْلُ بِأَنَّ لَفْظَ الْوَجْهِ مَجَازٌ بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ الْمَجَازَ لَا يُمْتَنَعُ نَفْيُهُ ، فَعَلَى هَذَا أَلَّا يَمْتَنِعَ أَنْ يُقَالَ : لَيْسَ لِلَّهِ وَجْهٌ وَلَا حَقِيقَةَ لِوَجْهِهِ ، وَهَذَا تَكْذِيبٌ صَرِيحٌ لِمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَأَخْبَرَ بِهِ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
الثَّانِي : أَنَّهُ خُرُوجٌ عَنِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ بِلَا مُوجِبٍ .
الثَّالِثُ : أَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ حَيَاتِهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَقُدْرَتِهِ وَكَلَامِهِ وَإِرَادَتِهِ وَسَائِرِ صِفَاتِهِ مَجَازًا لَا حَقِيقَةً ، كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ .
الرَّابِعُ : أَنَّ دَعْوَى الْمُعَطِّلِ أَنَّ الْوَجْهَ صِلَةٌ كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى اللُّغَةِ فَإِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ لَيْسَتْ مِمَّا عُهِدَ زِيَادَتُهَا .
الْخَامِسُ : أَنَّهُ لَوْ سَاغَ ذَلِكَ لَسَاغَ لِمُعَطِّلٍ آخَرَ أَنْ يَدَّعِيَ الزِّيَادَةَ فِي قَوْلِهِ : أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ ، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ أَعُوذُ بِاللَّهِ ، وَيَدَّعِي مُعَطِّلٌ آخَرُ الزِّيَادَةَ فِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
السَّادِسُ : أَنَّ هَذَا يَتَضَمَّنُ إِلْغَاءَ وَجْهِهِ لَفْظًا وَمَعْنًى ، وَأَنَّ لَفْظَهُ زَائِدٌ وَمَعْنَاهُ مُنْتَفٍ .
السَّابِعُ : مَا ذَكَرَهُ
الْخَطَّابِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا ، قَالُوا : لَمَّا أَضَافَ الْوَجْهَ إِلَى الذَّاتِ وَأَضَافَ النَّعْتَ إِلَى الْوَجْهِ فَقَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) دَلَّ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْوَجْهِ لَيْسَ بِصِلَةٍ وَأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) صِفَةٌ لِلْوَجْهِ وَأَنَّ الْوَجْهَ صِفَةٌ لِلذَّاتِ .
[ ص: 409 ] قُلْتُ : فَتَأَمَّلْ رَفْعَ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) عِنْدَ ذِكْرِهِ الْوَجْهَ ، وَجَرِّهِ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=78تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) فَذُو الْوَجْهِ الْمُضَافُ بِالْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ لَمَّا كَانَ الْقَصْدُ الْإِخْبَارَ عَنْهُ ، وَذِي الْمُضَافُ إِلَيْهِ بِالْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ فِي آخِرِ السُّورَةِ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ عَيْنَ الْمُسَمَّى دُونَ الِاسْمِ فَتَأَمَّلْهُ .
الثَّامِنُ : أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ فِي لُغَةٍ مِنْ لُغَاتِ الْأُمَمِ وَجْهُ الشَّيْءِ بِمَعْنَى ذَاتِهِ وَنَفْسِهِ ، وَغَايَةُ مَا شَبَّهَ بِهِ الْمُعَطِّلُ وَجْهَ الرَّبِّ أَنْ قَالَ : هُوَ كَقَوْلِهِ : وَجْهُ الْحَائِطِ ، وَوَجْهُ الثَّوْبِ ، وَوَجْهُ النَّهَارِ ، وَوَجْهُ الْأَمْرِ ( فَيُقَالُ ) لِهَذَا الْمُعَطِّلِ الْمُشَبِّهِ : لَيْسَ الْوَجْهُ فِي ذَلِكَ بِمَعْنَى الذَّاتِ بَلْ هَذَا مُبْطِلٌ لِقَوْلِكَ فَإِنَّ وَجْهَ الْحَائِطِ أَحَدُ جَانِبَيْهِ فَهُوَ مُقَابِلٌ لِدُبُرِهِ ، وَكَمِثْلِ هَذَا وَجْهُ
الْكَعْبَةِ وَدُبُرُهَا ، فَهُوَ وَجْهٌ حَقِيقَةً وَلَكِنَّهُ بِحَسْبِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا كَانَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ بِنَاءً كَانَ وَجْهُهُ مِنْ جِنْسِهِ وَكَذَلِكَ وَجْهُ الثَّوْبِ أَحَدُ جَانِبَيْهِ وَهُوَ مِنْ جِنْسِهِ وَكَذَلِكَ وَجْهُ النَّهَارِ أَوَّلُهُ وَلَا يُقَالُ لِجَمِيعِ النَّهَارِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : وَجْهُ النَّهَارِ أَوَّلُهُ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : صَدْرُ النَّهَارِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : أَتَيْتُهُ بِوَجْهِ نَهَارٍ وَصَدْرِ نَهَارٍ ، وَأَنْشَدَ
لِلرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ :
مَنْ كَانَ مَسْرُورًا بِمَقْتَلِ مَالِكٍ فَلْيَأْتِ نِسْوَتَنَا بِوَجْهِ نَهَارِ
وَالْوَجْهُ فِي اللُّغَةِ مُسْتَقْبِلُ كُلِّ شَيْءٍ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَا يُوَاجَهُ مِنْهُ ، وَوَجْهُ الرَّأْيِ وَالْأَمْرِ مَا يَظْهَرُ أَنَّهُ صَوَابُهُ وَهُوَ فِي كُلِّ مَحَلٍّ بِحَسْبِ مَا يُضَافُ إِلَيْهِ ، فَإِنْ أُضِيفَ إِلَى زَمَنٍ كَانَ الْوَجْهُ زَمَنًا ، وَإِنْ أُضِيفَ إِلَى حَيَوَانٍ كَانَ بِحَسْبِهِ ، وَإِنْ أُضِيفَ إِلَى ثَوْبٍ أَوْ حَائِطٍ كَانَ بِحَسْبِهِ ، وَإِنْ أُضِيفَ إِلَى مَنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) كَانَ وَجْهُهُ تَعَالَى كَذَلِكَ .
التَّاسِعُ : أَنَّ حَمْلَهُ عَلَى الثَّوَابِ الْمُنْفَصِلِ مِنْ أَبْطَلِ الْبَاطِلِ ، فَإِنَّ اللُّغَةَ لَا تَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَلَا يُعْرَفُ أَنَّ الْجَزَاءَ يُسَمَّى وَجْهًا لِلْمَجَازِيِّ .
الْعَاشِرُ : أَنَّ الثَّوَابَ مَخْلُوقٌ ، فَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اسْتَعَاذَ بِوَجْهِ اللَّهِ فَقَالَ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347341أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَنْ تُضِلَّنِي ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ " رَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ .
وَمِنْ دُعَائِهِ يَوْمَ
الطَّائِفِ : "
nindex.php?page=treesubj&link=29714أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ ، وَصَلُحَ [ ص: 410 ] عَلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ " وَلَا يُظَنُّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَعِيذَ بِمَخْلُوقٍ ، وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=65قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ ) قَالَ : أَعُوذُ بِوَجْهِكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=65أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ) .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347343أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ فَقُلْ : " أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ ، اللَّهُمَّ أَنْتَ تَكْشِفُ الْمَأْثَمَ وَالْمَغْرَمَ ، اللَّهُمَّ لَا يُهْزَمُ جُنْدُكَ ، وَلَا يُخْلَفُ وَعْدُكَ ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ " وَإِسْنَادُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ .
فِي الْمُوَطَّأِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347344أَنَّهُ كَانَ لَيْلَةَ الْجِنِّ أَقْبَلَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ وَفِي يَدِهِ شُعْلَةٌ مِنْ نَارٍ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَلَا يَزْدَادُ إِلَّا قُرْبًا ، فَقَالَ لَهُ جَبْرَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : ( أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ يَنْكَبُّ مِنْهَا لِفِيهِ وَتُطْفَأُ شُعْلَتُهُ ؟ قُلْ : " أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ ، وَكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ ، الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ مِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا ، وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الْأَرْضِ ، وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا ، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَمِنْ شَرِّ طَوَارِقِ اللَّيْلِ ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ " فَقَالَهَا فَانْكَبَّ لِفِيهِ ، وَطُفِئَتْ شُعْلَتُهُ ، أَرْسَلَهُ
مَالِكٌ وَوَصَلَهُ غَيْرُهُ .
الْحَادِي عَشَرَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي دُعَائِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347345أَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ [ ص: 411 ] وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ " وَلَمْ يَكُنْ لِيَسْأَلَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى الثَّوَابِ وَلَا يُعْرَفُ تَسْمِيَةُ ذَلِكَ وَجْهًا لُغَةً وَلَا شَرْعًا وَلَا عُرْفًا .
الثَّانِي عَشَرَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347346مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ ، وَمَنْ سَأَلَكُمْ بِوَجْهِ اللَّهِ فَأَعْطُوهُ " وَفِي السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ
جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347347لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَسْأَلَ بِوَجْهِ اللَّهِ إِلَّا الْجَنَّةَ " ، فَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسٌ يَكْرَهُ أَنْ يَسْأَلَ الْإِنْسَانُ بِوَجْهِ اللَّهِ ، وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَرَفَعَ إِلَيْهِ حَاجَتَهُ ثُمَّ قَالَ : أَسْأَلُكَ بِوَجْهِ اللَّهِ ، فَقَالَ
عُمَرُ : لَقَدْ سَأَلْتَ بِوَجْهِ اللَّهِ ، فَلَمْ يَسْأَلْ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ ، ثُمَّ قَالَ
عُمَرُ : وَيَحْكَ أَلَا سَأَلْتَ بِوَجْهِ اللَّهِ الْجَنَّةَ ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِوَجْهِهِ مَخْلُوقًا مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ لَمَا جَازَ أَنْ يُقْسِمَ عَلَيْهِ وَيَسْأَلَ بِهِ وَلَا كَانَ ذَلِكَ أَعْظَمَ مِنَ السُّؤَالِ بِهِ سُبْحَانَهُ .
وَهَذِهِ الْآثَارُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29715السُّؤَالَ بِوَجْهِهِ أَبْلَغُ وَأَعْظَمُ مِنَ السُّؤَالِ بِهِ ، فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347348لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللَّهِ إِلَّا الْجَنَّةُ " فَدَلَّ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ قَالَ هُوَ ذَاتُهُ .
الثَّالِثَ عَشَرَ : مَا رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=110أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347238إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ وَيُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ اللَّيْلِ ، حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ " فَإِضَافَةُ السُّبُحَاتِ الَّتِي هِيَ الْجَلَالُ وَالنُّورُ إِلَى الْوَجْهِ وَإِضَافَةُ الْبَصَرِ إِلَيْهِ تُبْطِلُ كُلَّ مَجَازٍ وَتُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ وَجْهُهُ .
الرَّابِعَ عَشَرَ : مَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : لَيْسَ عِنْدَ رَبِّكُمْ لَيْلٌ وَلَا نَهَارٌ ، نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ ، فَهَلْ يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ الْوَجْهُ فِي هَذَا عَلَى
[ ص: 412 ] مَخْلُوقٍ أَوْ يَكُونَ صِلَةً لَا مَعْنَى لَهُ ، أَوْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْقِبْلَةِ وَالْجِهَةِ ، وَهَذَا مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
وَأَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظُّلُمَاتُ " فَأَضَافَ النُّورَ إِلَى الْوَجْهِ وَالْوَجْهَ إِلَى الذَّاتِ وَاسْتَعَاذَ بِنُورِ الْوَجْهِ الْكَرِيمِ ، فَعُلِمَ أَنَّ نُورَهُ صِفَةٌ لَهُ كَمَا أَنَّ الْوَجْهَ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ ، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ هُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) فَلَا تُشْغَلْ بِأَقْوَالِ الْمُتَأَخِّرِينَ الَّذِينَ غَشَتْ بَصَائِرُهُمْ عَنْ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ ، فَخُذِ الْعِلْمَ عَنْ أَهْلِهِ ، فَهَذَا تَفْسِيرُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
الْخَامِسَ عَشَرَ : أَنَّ مَنْ تَدَبَّرَ سِيَاقَ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ وَجْهِ اللَّهِ الْأَعْلَى ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ قَطَعَ بِبُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى الْمَجَازِ ، وَأَنَّهُ الثَّوَابُ وَالْجَزَاءُ ، لَوْ كَانَ اللَّفْظُ صَالِحًا فِي ذَلِكَ لُغَةً ، فَكَيْفَ وَاللَّفْظُ لَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ لُغَةً ، فَمِنْهَا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=19وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=20إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى ) .
الْوَجْهُ السَّادِسُ عَشَرَ : أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَالتَّابِعِينَ وَجَمِيعَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ وَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ ، وَأَهْلِ الِاسْتِقَامَةِ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29714_28725الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ وَجْهَ رَبِّهِمْ فِي الْجَنَّةِ ، وَهِيَ الزِّيَادَةُ الَّتِي فَسَّرَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=26لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ) فَرَوَى
مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=26لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ) قَالَ : النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَمَنْ أَنْكَرَ حَقِيقَةَ الْوَجْهِ لَمْ يَكُنْ لِلنَّظَرِ عِنْدَهُ حَقِيقَةً وَلَا سِيَّمَا إِذَا أَنْكَرَ الْوَجْهَ وَالْعُلُوَّ ، فَيَعُودُ النَّظَرُ عِنْدَهُ إِلَى خَيَالٍ مُجَرَّدٍ ، كَانَ أَحْسَنَ الْعِبَارَةِ قَالَ : هُوَ مَعْنًى يَقُومُ بِالْقَلْبِ نِسْبَتُهُ إِلَيْهِ كَنِسْبَةِ النَّظَرِ إِلَى الْعَيْنِ ، وَلَيْسَ فِي الْحَقِيقَةِ عِنْدَهُ نَظَرٌ وَلَا وَجْهٌ وَلَا لَذَّةٌ تَحْصُلُ لِلنَّاظِرِ .
الْوَجْهُ السَّابِعُ عَشَرَ : أَنَّ الْوَجْهَ حَيْثُ وَرَدَ فَإِنَّمَا وَرَدَ مُضَافًا إِلَى الذَّاتِ فِي جَمِيعِ مَوَارِدِهِ ، وَالْمُضَافُ إِلَى الرَّبِّ تَعَالَى نَوْعَانِ : أَعْيَانٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا كَبَيْتِ اللَّهِ وَنَاقَةِ اللَّهِ وَرُوحِ اللَّهِ وَعَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِ اللَّهِ فَهَذَا إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ وَتَخْصِيصٍ ، وَهِيَ إِضَافَةُ مَمْلُوكٍ إِلَى مَالِكِهِ ( الثَّانِي ) صِفَاتٌ لَا تَقُومُ بِنَفْسِهَا كَعِلْمِ اللَّهِ وَحَيَاتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعِزَّتِهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَنُورِهِ وَكَلَامِهِ ، فَهَذَا إِذَا وَرَدَتْ مُضَافَةً إِلَيْهِ فَهِيَ إِضَافَةُ صِفَةٍ إِلَى الْمَوْصُوفِ بِهَا .
[ ص: 413 ] إِذَا عُرِّفَ ذَلِكَ بِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ إِذَا أُضِيفَ إِلَيْهِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ إِضَافَتُهُ إِضَافَةَ وَصْفٍ لَا إِضَافَةَ خَلْقٍ ، وَهَذِهِ الْإِضَافَةُ تَنْفِي أَنْ يَكُونَ الْوَجْهُ مَخْلُوقًا وَأَنْ يَكُونَ حَشْوًا فِي الْكَلَامِ ، وَفِي سُنَنِ
أَبِي دَاوُدَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10347350أَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " ، فَتَأَمَّلْ كَيْفَ قَرَنَ فِي الِاسْتِعَاذَةِ بَيْنَ اسْتِعَاذَتِهِ بِالذَّاتِ وَبَيْنَ اسْتِعَاذَتِهِ بِالْوَجْهِ الْكَرِيمِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبْطَالِ قَوْلِ مَنْ قَالَ : إِنَّهُ الذَّاتُ نَفْسُهَا ، وَقَوْلِ مَنْ قَالَ : إِنَّهُ مَخْلُوقٌ .
الْوَجْهُ الثَّامِنُ عَشَرَ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29714تَفْسِيرَ وَجْهِ اللَّهِ بِقِبْلَةِ اللَّهِ وَإِنْ قَالَهُ بَعْضُ السَّلَفِ
كَمُجَاهِدٍ وَتَبِعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ، فَإِنَّمَا قَالُوهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ لَا غَيْرَ ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) فَهَبْ أَنَّ هَذَا كَذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، فَهَلْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا الْوَجْهَ ، فَمَا يُفِيدُكُمْ هَذَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) وَقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=20إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى ) وَقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=9إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ ) عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) أَنَّهُ كَقَوْلِهِ فِي سَائِرِ الْآيَاتِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا الْوَجْهُ ، فَإِنَّهُ قَدِ اطَّرَدَ مَجِيئُهُ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مُضَافًا إِلَى الرَّبِّ تَعَالَى عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَعْنًى وَاحِدٍ ، فَلَيْسَ فِيهِ مَعْنَيَانِ مُخْتَلِفَانِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ غَيْرَ الْمَوْضِعِ الَّذِي ذُكِرَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) وَهَذَا لَا يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى الْقِبْلَةِ وَالْجِهَةِ ، وَلَا يُمْتَنَعُ أَنْ يُرَادَ بِهِ وَجْهُ الرَّبِّ حَقِيقَةً ، فَحَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ كَنَظَائِرِهِ كُلِّهَا أَوْلَى ، يُوَضِّحُهُ : الْوَجْهُ التَّاسِعُ عَشَرَ : أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إِطْلَاقُ وَجْهِ اللَّهِ عَلَى الْقِبْلَةِ لُغَةً وَلَا شَرْعًا وَلَا عُرْفًا بَلِ الْقِبْلَةُ لَهَا اسْمٌ يَخُصُّهَا ، وَالْوَجْهُ لَهُ اسْمٌ يَخُصُّهُ ، فَلَا يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَا يُسْتَعَارُ اسْمُهُ لَهُ ، نَعَمْ ، الْقِبْلَةُ تُسَمَّى وِجْهَةً ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=148وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا ) وَقَدْ تُسَمَّى جِهَةً وَأَصْلُهَا وِجْهَةٌ لَكِنْ أُعِلَّتْ بِحَذْفِ فَائِهَا كَزِنَةٍ وَعِدَةٍ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ قِبْلَةً وَوِجْهَةً لِأَنَّ الرَّجُلَ يُقَابِلُهَا وَيُوَاجِهُهَا
[ ص: 414 ] بِوَجْهِهِ ، وَأَمَّا تَسْمِيَتُهَا وَجْهًا فَلَا عَهْدَ بِهِ ، فَكَيْفَ إِذَا أُضِيفَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَعَ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ تَسْمِيَةُ الْقِبْلَةِ ( وِجْهَةَ اللَّهِ ) فِي شَيْءٍ مِنَ الْكَلَامِ مَعَ أَنَّهَا تُسَمَّى وَجْهَهُ ، فَكَيْفَ يُطْلَقُ عَلَيْهَا وَجْهُ اللَّهِ وَلَا يُعْرَفُ تَسْمِيَتُهَا وَجْهًا ؟ !
وَأَيْضًا فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ قِبْلَةَ اللَّهِ الَّتِي نَصَبَهَا لِعِبَادِهِ هِيَ قِبْلَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَهِيَ الْقِبْلَةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ أَنْ يَتَوَجَّهُوا إِلَيْهَا حَيْثُ كَانُوا ، لَا كُلُّ جِهَةٍ يُوَلِّي الرَّجُلُ وَجْهَهُ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ يُوَلِّي وَجْهَهُ إِلَى الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَالشَّمَالِ وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ ، وَلَيْسَتْ تِلْكَ الْجِهَاتُ قِبْلَةَ اللَّهِ فَكَيْفَ يُقَالُ : أَيُّ وِجْهَةٍ وُجِّهْتُمُوهَا وَاسْتَقْبَلْتُمُوهَا فَهِيَ قِبْلَةُ اللَّهِ ؟
فَإِنْ قِيلَ : هَذَا عِنْدَ اشْتِبَاهِ الْقِبْلَةِ عَلَى الْمُصَلِّي ، وَعِنْدَ صَلَاتِهِ النَّافِلَةَ فِي السَّفَرِ ، قِيلَ : اللَّفْظُ لَا إِشْعَارَ لَهُ بِذَلِكَ الْبَتَّةَ ، بَلْ هُوَ عَامٌّ مُطْلَقٌ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَحَالِ الْعِلْمِ وَالِاشْتِبَاهِ وَالْقُدْرَةِ وَالْعَجْزِ ، يُوَضِّحُهُ : أَنَّ إِخْرَاجَ الِاسْتِقْبَالِ الْمَفْرُوضِ وَالِاسْتِقْبَالِ فِي الْحَضَرِ وَعِنْدَ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَهُوَ أَكْثَرُ أَحْوَالِ الْمُسْتَقْبِلِ ، وَحَمْلُ الْآيَةِ عَلَى اسْتِقْبَالِ الْمُسَافِرِ فِي التَّنَفُّلِ عَلَى الرَّاحِلَةِ عَلَى حَالِ الْغَيْمِ وَنَحْوِهِ بَعِيدٌ جِدًّا عَنْ ظَاهِرِ الْآيَةِ وَإِطْلَاقِهَا وَعُمُومِهَا وَمَا قُصِدَ بِهَا ، فَإِنَّ " أَيْنَ " مِنْ أَدَوَاتِ الْعُمُومِ ، وَقَدْ أَكَّدَ عُمُومَهَا بِـ " مَا " إِرَادَةً لِتَحْقِيقِ الْعُمُومِ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) وَالْآيَةُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ أَيْنَمَا وَلَّى الْعَبْدُ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ مِنْ حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ فِي صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِ صَلَاةٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْآيَةَ لَا تَعَرُّضَ فِيهَا لِلْقِبْلَةِ وَلَا لِحُكْمِ الِاسْتِقْبَالِ ، بَلْ سِيَاقُهَا لِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ بَيَانُ عَظَمَةِ الرَّبِّ تَعَالَى وَسَعَتِهِ ، وَأَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، وَأَعْظَمُ مِنْهُ ، وَأَنَّهُ مُحِيطٌ بِالْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ ، فَذَكَرَ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ إِحَاطَةَ مُلْكِهِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) فَنَبَّهَنَا بِذَلِكَ عَلَى مُلْكِهِ لِمَا بَيْنَهُمَا ، ثُمَّ ذَكَرَ عَظَمَتَهُ سُبْحَانَهُ وَأَنَّهُ أَكْبَرُ وَأَعْظَمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، فَأَيْنَ مَا وَلَّى الْعَبْدُ وَجْهَهُ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ، ثُمَّ خَتَمَ بِاسْمَيْنِ دَالَّيْنِ عَلَى السَّعَةِ وَالْإِحَاطَةِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) فَذَكَرَ اسْمَ الْوَاسِعِ عُقَيْبَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) كَالتَّفْسِيرِ وَالْبَيَانِ وَالتَّقْرِيرِ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ ، فَهَذَا السِّيَاقُ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الِاسْتِقْبَالُ فِي الصَّلَاةِ بِخُصُوصِهِ ، وَإِنْ دَخَلَ فِي عُمُومِ الْخِطَابِ ، حَضَرًا أَوْ سَفَرًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ ، وَالْقُدْرَةِ وَالْعَجْزِ .
وَعَلَى هَذَا فَالْآيَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى عُمُومِهَا وَأَحْكَامِهَا لَيْسَتْ مَنْسُوخَةً وَلَا مَخْصُوصَةً ، بَلْ
[ ص: 415 ] لَا يَصِحُّ دُخُولُ النَّسْخِ فِيهَا ، لِأَنَّهَا خَبَرٌ عَنْ مُلْكِهِ لِلْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَأَنَّهُ أَيْنَ مَا وَلَّى الرَّجُلُ وَجْهَهُ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ، وَعَنْ سَعَتِهِ وَعِلْمِهِ ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ دُخُولُ النَّسْخِ وَالتَّخْصِيصِ فِي ذَلِكَ .
وَأَيْضًا هَذِهِ الْآيَةُ ذُكِرَتْ مَعَ مَا بَعْدَهَا لِبَيَانِ عَظَمَةِ الرَّبِّ وَالرَّدِّ عَلَى مَنْ جَعَلَ لِلَّهِ عِدْلًا مِنْ خَلْقِهِ أَشْرَكَهُ مَعَهُ فِي الْعِبَادَةِ ، وَلِهَذَا ذَكَرَ بَعْدَهَا الرَّدَّ عَلَى مَنْ جَعَلَ لَهُ وَلَدًا فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=116وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=117كُنْ فَيَكُونُ ) فَهَذَا السِّيَاقُ لَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِلْقِبْلَةِ ، وَلَا سِيقَ الْكَلَامُ لِأَجْلِهَا ، وَإِنَّمَا سِيقَ لِذِكْرِ عَظَمَةِ الرَّبِّ وَبَيَانِ سَعَةِ عِلْمِهِ وَمُلْكِهِ وَحِلْمِهِ ، وَالْوَاسِعُ مِنْ أَسْمَائِهِ ، فَكَيْفَ تَجْعَلُونَ لَهُ شَرِيكًا بِسَنَنِهِ وَتَمْنَعُونَ بُيُوتَهُ وَمَسَاجِدَهُ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَتَسْعَوْنَ فِي خَرَابِهَا ، فَهَذَا لِلْمُشْرِكِينَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا نَسَبَهُ إِلَيْهِ
النَّصَارَى مِنَ اتِّخَاذِ الْوَلَدِ وَوُسِّطَ بَيْنَ كُفْرِ هَؤُلَاءِ ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) فَالْمَقَامُ مَقَامُ تَقْرِيرٍ لِأُصُولِ التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ وَالرَّدِّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، لَا بَيَانِ فَرْعٍ مُعَيَّنٍ جُزْئِيٍّ .
يُوَضِّحُهُ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ قِبْلَتَهُ الَّتِي شَرَعَهَا عَيَّنَهَا دُونَ سَائِرِ الْجِهَاتِ بِأَنَّهَا شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَأَكَّدَ ذِكْرُهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ تَعْيِينَهَا لَهَا دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْجِهَاتِ بِأَنَّهَا الْقِبْلَةُ الَّتِي رَضِيَهَا ، وَشَرَعَهَا وَأَحَبَّهَا لِعِبَادِهِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهَا كُلُّ جِهَةٍ بَلْ أَخْبَرَ أَنَّهَا قِبْلَةٌ يَرْضَاهَا رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ اسْتِقْبَالَهَا مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ) أَيْ ذَلِكَ الِاسْتِقْبَالُ ، وَأَكَّدَ أَمْرَ هَذِهِ الْقِبْلَةٍ تَأْكِيدًا أَزَالَ بِهِ اسْتِقْبَالَ غَيْرِهَا وَأَنْ تَكُونَ قِبْلَةً شَرَعَهَا .