وأما حديث أنس بن مالك فهو الحديث العظيم الشأن الذي هو قرة لعيون أهل الإيمان وشجى في حلوق أهل التعطيل والبهتان ، رواه الشافعي في مسنده مجملا به كتابه راجيا بروايته وتبليغه عن الرسول من الله ثوابه ، ورواه أئمة السنة له مقرين ، وعلى من أنكره منكرين .
قال عثمان بن سعيد : حدثنا هشام بن خالد الدمشقي وكان ثقة حدثنا محمد بن شعيب بن شابور ، أخبرنا عمر بن عبد الله مولى عفرة قال : سمعت أنس بن مالك يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " جاءني جبرائيل وفي كفه مرآة فيها نكتة سوداء ، فقلت ما هذه يا جبرائيل ؟ قال هذه الجمعة أرسل بها إليك ربك فتكون هدى لك ولأمتك من بعدك ، فقلت وما لنا فيها ؟ قال لكم فيها خير كثير أنتم الأولون والآخرون السابقون يوم القيامة وفيها ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يصلي يسأل الله خيرا هو له قسم إلا آتاه الله إياه ، ولا خيرا له لم يقسم إلا ادخر له أفضل منه ، ولا يستعذ بالله من شر ما هو مكتوب عليه إلا رفع عنه أكبر منه ، قلت ما هذه النكتة السوداء ؟ قال هذه الساعة يوم تقوم فيها القيامة وهو سيد الأيام ، ونحن نسميه عندنا يوم المزيد ، قلت : ولم تسمونه يوم المزيد يا جبرائيل ؟ قال : إن ربك اتخذ في الجنة واديا أفيح من مسك أبيض ، فإذا كان يوم الجمعة من أيام الآخرة هبط الجبار جل جلاله عن عرشه إلى كرسيه إلى ذلك الوادي ، وقد حف الكرسي بمنابر من نور يجلس عليها الصديقون والشهداء ، ثم يجيء أهل الغرف حتى يحفوا بالكثيب ، ثم يتبدى لهم ذو الجلال والإكرام فيقول : أنا الذي صدقتكم وعدي وأتممت عليكم نعمتي ، وأحللتكم دار كرامتي فسلوني ، فيقولون بأجمعهم : نسألك الرضى عنا ، فيشهد لهم على الرضى ، ثم يقول لهم سلوني ، فيسألونه حتى تنتهي تهمة كل عبد منهم ، ثم يقول سلوني ، فيقولون حسبنا ربنا رضينا ، [ ص: 458 ] فيرجع الجبار تعالى إلى عرشه فيفتح لهم بعد انصرافهم من يوم الجمعة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فيرجع أهل الغرف إلى غرفهم ، وهي غرفة من لؤلؤة بيضاء وياقوتة حمراء وزمردة خضراء ليس فيها فصم ولا قصم ، مطردة فيها أنهارها متدلية فيها أثمارها ، فيها أزواجها وخدمها ومساكنها فليسوا إلى يوم أحوج منهم إلى يوم الجمعة ليزدادوا تفضلا من ربهم ورضوانا .
ورواه عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن ليث عن عثمان بن عمير عن أنس ، ورواه ابن أبي حاتم ، حدثنا أبو زرعة حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، حدثنا أبو اليمان عن شريك عن عثمان به ، ورواه مكي بن إبراهيم عن موسى بن عبيدة عن أبي الأزهر عن عثمان فذكره ، ورواه أبو زرعة شيبان بن فروخ ، حدثنا الصعق بن حزن ، حدثنا علي بن الحكيم عن أنس ، ورواه الحكم بن أسلم عن الصعق عن علي بن الحكم عن عبد الملك بن عمير ، ورواه الحسن بن سفيان في مسنده ، حدثنا شيبان بن أبي شيبة ، حدثنا الصعق بن حزن ، حدثنا علي بن الحكم ، ورواه أسعد بن موسى حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا صالح بن حيان عن عبد الله بن بريدة عن أنس ، رواه الشافعي في مسنده عن إبراهيم بن محمد ، حدثنا موسى بن عبيدة ، حدثني أبو الأزهر عن عبيد بن عمير أنه سمع أنس بن مالك فذكر نحوه ، وقال في أخرى : وهو اليوم الذي استوى فيه ربكم على العرش ، وفيه خلق آدم ، وفيه تقوم الساعة ، وقد جمع أبو داود طرق هذا الحديث .
وقد روى من حديث حذيفة بن اليمان قال ابن منده أخبرنا أبو عمر بن حكيم حدثنا يزيد بن جهور ، حدثنا الحسن بن يحيى بن كثير ، حدثنا أبي عن القاسم بن مطيب عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث بطوله ، ورواه أبو نعيم وأبو النضر وجماعة قالوا حدثنا المسعودي عن المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة عن عبد الله قال : سارعوا إلى الجمعة فإن الله ينزل لأهل الجنة في كل جمعة في كثيب من كافور أبيض فيكونون منه في القرب على قدر تسارعهم إلى الجمعة .


