المذهب الثاني :  مذهب الفلاسفة المتأخرين أتباع  أرسطو   ، وهم الذين يحكي   ابن سينا   والفارابي  والطوسي  قولهم : إن كلام الله فيض فاض من العقل الفعال على النفوس الفاضلة الزكية بحسب استعدادها ، فأوجب لها ذلك الفيض تصورات وتصديقات بحسب ما قبلته منه ، لهذه النفوس عندهم ثلاث قوى : قوة التصور وقوة التخييل وقوة التعبير ، فتدرك بقوة تصورها من المعاني ما يعجز عنه غيرها ، وتدرك بقوة تخيلها شكل المعقول في صورة المحسوس ، فتتصور المعقول صورا نورانية تخاطبها وتكلمها بكلام تسمعه الآذان ، وهو عندهم كلام الله ولا حقيقة له في الخارج ، وإنما ذلك كله من      [ ص: 496 ] القوة الخيالية الوهمية ، قالوا وربما قويت هذه القوة على إسماع ذلك الخطاب لغيرها ، وتشكيل تلك الصور العقلية لعين الرائي فيرى الملائكة ويسمع خطابهم ، وكل ذلك من الوهم والخيال لا في الخارج .  
فهذا أصل هؤلاء في إثبات كلام الرب وملائكته وأنبيائه ورسله ، والأصل الذي قادهم إلى هذا عدم الإقرار بالرب الذي عرفت به الرسل ودعت إليه ، وهو القائم بنفسه المباين العالي فوق سماواته فوق عرشه الفعال لما يريد بقدرته ومشيئته ، العالم بجميع المعلومات ، القادر على كل شيء ، فهم أنكروا ذلك كله .  
				
						
						
