[ ص: 530 ] فصل  
في  الاحتجاج بالأحاديث النبوية على الصفات المقدسة العلية ، وكسر طاغوت أهل التعطيل   الذين قالوا : لا يحتج بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم على شيء من صفات ذي الجلال والإكرام .  
قالوا :  الأخبار قسمان      : متواتر وآحاد ، فالمتواتر وإن كان قطعي السند لكنه غير قطعي الدلالة ، فإن الدلالة اللفظية لا تفيد اليقين ، وبهذا قدحوا في دلالة القرآن على الصفات ، والآحاد لا تفيد العلم ، فسدوا على القلوب معرفة الرب تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم وأحالوا الناس على قضايا وهمية ومقدمات خيالية سموها قواطع عقلية ، وبراهين نقلية ، وهي في التحقيق  كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب      .  
ومن العجب أنهم قدموها على نصوص الوحي وعزلوا لأجلها النصوص ، والكلام على ذلك في عشر مقامات .  
أحدها : في بيان إفادة النصوص الدلالة القاطعة على مراد المتكلم ، وقد تقدم إشباع الكلام في ذلك .  
الثاني : أين هذه الأخبار التي زعموا أنها آحاد موافقة للقرآن مفسرة له مفصلة لما أجمله وموافقة للمتواتر منها .  
الثالث : بيان وجوب تلقيها بالقبول .  
الرابع : إفادتها للعلم واليقين .  
الخامس : بيان أنها لو لم تفد اليقين ، فأقل درجاتها أن تفيد الظن الراجح ، ولا يمتنع إثبات بعض الصفات والأفعال به .  
السادس : إن الظن الحاصل بها أقوى من الجزم المسند إلى تلك القضايا الوهمية الخيالية .  
السابع : بيان أن كون الشيء قطعيا أو ظنيا أمر نسبي إضافي لا يجب الاشتراك فيه ، فهذه الأخبار تفيد العلم عند من له عناية بمعرفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ومعرفة أحواله ودعوته على التفصيل دون غيرهم .  
 [ ص: 531 ] الثامن : بيان الإجماع المعلوم على قبولها وإثبات الصفات بها .  
التاسع : بيان أن قولهم خبر الواحد لا يفيد العلم ، قضية كاذبة باتفاق العقلاء إن أخذت عامة كلية ، وإن أخذت خاصة جزئية لم تقدح في الاستدلال بجملة أخبار الآحاد على الصفات .  
العاشر : جواز الشهادة لله سبحانه بما دلت عليه هذه الأخبار ، والشهادة على رسوله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر بها عن الله .  
أما المقام الأول فقد تقدم تقريره .  
				
						
						
