الفصل الثاني : في  عادة الصحابة في تعظيمه - صلى الله عليه وسلم - ، وتوقيره ، وإجلاله  
    [ حدثنا  القاضي أبو علي الصدفي  ،  وأبو بحر الأسدي  بسماعي عليهما في آخرين ، قالوا : حدثنا  أحمد بن عمر  ، حدثنا  أحمد بن الحسن  ، حدثنا  محمد بن عيسى  ، حدثنا  إبراهيم بن سفيان  ، حدثنا  مسلم  ، حدثنا   محمد بن مثنى  ،  وأبو معن الرقاشي  ،   وإسحاق بن منصور  ، قالوا حدثنا   الضحاك بن مخلد  ، أخبرنا  حيوة بن شريح  ، حدثنا   يزيد بن أبي حبيب  ، عن  ابن شماسة المهري  ، قال : حضرنا   عمرو بن العاص  ، فذكر حديثا طويلا فيه ]  عن  عمرو  قال : وما كان أحد أحب إلي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولا أجل في عيني منه ، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له ، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت ، لأني لم أكن أملأ عيني منه     .  
وروى  الترمذي  عن  أنس  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج على أصحابه من  المهاجرين   ،  والأنصار   ، وهم جلوس ، فيهم  أبو بكر  ،  وعمر  ، فلا يرفع أحد منهم إليه بصره إلا  أبو بكر  ،  وعمر  ، فإنهما كانا ينظران إليه ، وينظر إليهما ، ويتبسمان إليه ، ويتبسم لهما     .  
وروى  أسامة بن شريك  ، قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأصحابه حوله كأنما على رءوسهم الطير     .  
وفي حديث صفته : إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رءوسهم الطير .  
 [ ص: 400 ] وقال  عروة بن مسعود  حين وجهته  قريش   عام القضية إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ورأى من تعظيم أصحابه له ما رأى ، وأنه لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوءه ، وكادوا يقتتلون عليه ، ولا يبصق بصاقا ، ولا يتنخم نخامة إلا تلقوها بأكفهم فدلكوا بها وجوههم ، وأجسادهم ، ولا تسقط منه شعرة إلا ابتدروها ، وإذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون إليه النظر تعظيما له .  
فلما رجع إلى  قريش   قال : يا معشر  قريش   ، إني جئت   كسرى  في ملكه ،  وقيصر  في ملكه ،   والنجاشي  في ملكه ، وإني والله ما رأيت ملكا في قوم قط مثل  محمد   في أصحابه .  
وفي رواية : إن رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم  محمدا   أصحابه . وقد رأيت قوما لا يسلمونه أبدا .  
وعن  أنس     :  لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والحلاق يحلقه ، وقد أطاف به أصحابه ، فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل     .  
ومن هذا  لما أذنت  قريش   لعثمان  في الطواف  بالبيت   حين وجهه النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم في القضية أبى ، وقال : ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله - صلى الله عليه وسلم     - .  
وفي حديث  طلحة     :  أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا لأعرابي جاهل : سله عمن قضى نحبه ، وكانوا يهابونه ، ويوقرونه ، فسأله ، فأعرض عنه ، إذ طلع  طلحة  ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هذا ممن قضى نحبه     .  
وفي حديث  قيلة     :  فلما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسا القرفصاء أرعدت من الفرق ، وذلك هيبة له ، وتعظيما   .  
وفي  حديث  المغيرة     : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرعون بابه بالأظافر     .  
وقال   البراء بن عازب     : لقد كنت أريد أن أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الأمر فأؤخر سنين من هيبته     .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					