الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ثم عندهما يقرأ في الصلاة ما شاء جهرا كما في صلاة العيدين لكن الأفضل أن يقرأ بسبح اسم ربك الأعلى ، وهل أتاك حديث الغاشية ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرؤهما في صلاة العيد ولا يكبر فيها في المشهور من الرواية عنهما .

                                                                                                                                وروي عن محمد أنه يكبر ، وليس في الاستسقاء أذان ولا إقامة ، أما عند أبي حنيفة فلا يشكل ; لأنه ليس فيه صلاة الجماعة ، وإن شاءوا صلوا فرادى ، وذلك في معنى الدعاء وعندهما إن كان فيه صلاة بالجماعة ، ولكنها ليست بمكتوبة ، والأذان والإقامة من خواص المكتوبات كصلاة العيد ، ثم بعد الفراغ من الصلاة يخطب عندهما ، وعند أبي حنيفة لا يخطب ، ولكن لو صلوا وحدانا يشتغلون بالدعاء بعد الصلاة ; لأن الخطبة من توابع الصلاة بجماعة ، والجماعة غير مسنونة في هذه الصلاة عنده ، وعندهما سنة فكذا الخطبة ، ثم عند محمد يخطب خطبتين يفصل بينهما بالجلسة كما في صلاة العيد ، وعن أبي يوسف أنه يخطب خطبة واحدة ; لأن المقصود منها الدعاء فلا يقطعها بالجلسة ، ولا يخرج المنبر في الاستسقاء ، ولا يصعده لو كان في موضع الدعاء منبر ; لأنه خلاف السنة ، وقد عاب الناس على مروان بن الحكم عند إخراجه المنبر في العيدين ونسبوه إلى خلاف السنة على ما بينا ، ولكن يخطب على الأرض معتمدا على قوس أو سيف وإن توكأ على عصا فحسن ; لأن خطبته تطول فيستعين بالاعتماد على عصا ، ويخطب مقبلا بوجهه إلى الناس وهم مقبلون عليه ; لأن الإسماع والاستماع إنما يتم عند المقابلة ، ويستمعون الخطبة وينصتون ; لأن الإمام يعظهم فيها فلا بد من الإنصات والاستماع ، وإذا فرغ من الخطبة جعل ظهره إلى الناس ووجهه إلى القبلة ويشتغل بدعاء الاستسقاء ، والناس قعود مستقبلون بوجوههم إلى القبلة في الخطبة والدعاء ; لأن الدعاء مستقبل [ ص: 284 ] القبلة أقرب إلى الإجابة فيدعو الله ويستغفر للمؤمنين ، ويجددون التوبة ويستسقون .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية