( فصل ) : 
وأما بيان أفضل التطوع  فأما في النهار فأربع أربع في قول أصحابنا ، وقال  الشافعي    : مثنى مثنى بالليل والنهار جميعا واحتج بما روى عمارة بن رويبة  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه { كان يفتتح صلاة الضحى بركعتين   } ، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان يختار من الأعمال أفضلها ; ولأن في التطوع بالمثنى زيادة تكبير وتسليم فكان أفضل ، ولهذا قال في الأربع قبل الظهر إنها بتسليمتين ، ولنا ما روى  ابن مسعود  عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه كان يواظب في صلاة الضحى على أربع ركعات   } والأخذ برواية  ابن مسعود  أولى من الأخذ برواية عمارة بن رويبة    ; لأنه يروي المواظبة وعمارة  لا يرويها ، ولا شك أن الأخذ بالمفسر أولى ; ولأن الأربع أدوم وأشق على البدن . 
{ ، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال فقال : أحمزها أي : أشقها على البدن   } . 
وأما في الليل فأربع أربع في قول  أبي حنيفة  ، وعند  أبي يوسف   ومحمد  مثنى مثنى وهو قول  الشافعي  احتجا بما روى  ابن عمر  رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { صلاة الليل مثنى مثنى وبين كل ركعتين فسلم   } أمر بالتسليم على رأس الركعتين  [ ص: 295 ] وما أراد به الإيجاب ; لأنه غير واجب فتعين الاستحباب مرادا به ; ولأن عمل الأمة في التراويح فظهر مثنى مثنى من لدن  عمر  رضي الله عنه إلى يومنا هذا فدل أن ذلك أفضل ،  ولأبي حنيفة  ما روينا عن  عائشة  رضي الله عنها أنها { سئلت عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليالي رمضان فقالت : كان قيامه في رمضان وغيره سواء ; لأنه كان يصلي بعد العشاء أربع ركعات لا تسأل عن حسنهن وطولهن ، ثم أربعا لا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم كان يوتر بثلاث   } ، وفي بعض الروايات أنها سئلت عن ذلك فقالت وأيكم يطيق ذلك ، ثم ذكرت الحديث وكلمة كان عبارة عن العادة ، والمواظبة وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يواظب إلا على أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى ، وفيه دلالة على أنه ما كان يسلم على رأس الركعتين إذ لو كان كذلك لم يكن لذكر الأربع فائدة ; ولأن الوصل بين الشفعين بمنزلة التتابع في باب الصوم ، ألا ترى أنه لو نذر أن يصلي أربعا بتسليمة فصلى بتسليمتين  لا يخرج عن العهدة كذا ذكر  محمد  في الزيادات كما في صفة التتابع في باب الصوم ، ثم الصوم متتابعا أفضل فكذا الصلاة ، والمعنى فيه ما ذكرنا أنه أشق على البدن فكان أفضل ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم فسلم أي : فتشهد ; لأن التحيات تسمى تشهدا لما فيها من الشهادة وهي قوله : " أشهد أن لا إله إلا الله " وكذا تسمى تسليما لما فيها من التسليم بقوله : " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " وحمله على هذا أولى ; لأنه أمر بالتسليم ومطلق الأمر للوجوب ، والتسليم ليس بواجب ألا ترى أنه لو صلى أربعا جاز ، أما التشهد فواجب فكان الحمل عليه أولى ، فأما التراويح فإنما تؤدى مثنى مثنى ; لأنها تؤدى بجماعة فتؤدى على وجه السهولة واليسر لما فيهم من المريض وذي الحاجة ولا كلام فيه ، وإنما الكلام فيما إذا كان وحده . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					