الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وعلى هذا يخرج ما إذا وجد طرف من أطراف الإنسان كيد أو رجل أنه لا يغسل ; لأن الشرع ورد بغسل الميت ، والميت اسم لكله ولو وجد الأكثر منه غسل ; لأن للأكثر حكم الكل ، وإن وجد الأقل منه ، أو النصف لم يغسل كذا ذكر القدوري في شرحه مختصر الكرخي ; لأن هذا القدر ليس بميت حقيقة وحكما ، ولأن الغسل للصلاة وما لم يزد على النصف لا يصلى عليه ، فلا يغسل أيضا ، وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي أنه إذا وجد النصف ومعه الرأس يغسل ، وإن لم يكن معه الرأس لا يغسل فكأنه جعله مع الرأس في حكم الأكثر ; لكونه معظم البدن .

                                                                                                                                ولو وجد نصفه مشقوقا لا يغسل لما قلنا ، ولأنه لو غسل الأقل أو النصف يصلى عليه ; لأن الغسل لأجل الصلاة .

                                                                                                                                ولو صلي عليه لا يؤمن أن يوجد الباقي فيصلى عليه فيؤدي إلى تكرار الصلاة على ميت واحد ، وذلك مكروه عندنا ، أو يكون صاحب الطرف حيا فيصلى على بعضه ، وهو حي وذلك فاسد ، وهذا كله مذهبنا ، وقال الشافعي : إن وجد عضو يغسل ويصلى عليه واحتج بما روي أن طائرا ألقى يدا بمكة زمن وقعة الجمل فغسلها أهل مكة وصلوا عليها ، وقيل : إنها يد طلحة ، أو يد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد رضي الله عنهم وروي عن عمر رضي الله عنه أنه صلى على عظام بالشام وعن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه أنه صلى على رءوس ; ولأن صلاة الجنازة شرعت لحرمة الآدمي ، وكذا الغسل وكل جزء منه محترم .

                                                                                                                                ولنا ما روي عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما أنهما قالا : " لا يصلى على عضو " وهذا يدل على أنه لا يغسل ; لأن الغسل لأجل الصلاة ، ولما ذكرنا من المعاني أيضا .

                                                                                                                                وأما حديث أهل مكة فلا حجة فيه ; لأن الراوي لم يرو أن الذي صلى عليه من هو حتى ننظر أهو حجة أم لا ، أو نحمل الصلاة على الدعاء ، وكذا حديث عمر وأبي عبيدة رضي الله عنهما ألا ترى أن العظام لا يصلى عليها بالإجماع .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية