وأما الكلام في كمية الكفن    . 
فنقول : أكثر ما يكفن فيه الرجل  ثلاثة أثواب : إزار ، ورداء ، وقميص وهذا عندنا ، وقال  الشافعي    : لا يسن القميص في الكفن ، وإنما الكفن ثلاث لفائف ، واحتج بما روي عن  عائشة    { أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة   } ولنا ما روي عن { عبد الله بن مغفل  رضي الله عنه أنه قال : كفنوني في قميصي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في قميصه الذي توفي فيه   } ، وهكذا روي عن  ابن عباس    { أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب : أحدها القميص الذي توفي فيه   } والأخذ برواية  ابن عباس  أولى من الأخذ بحديث  عائشة    ; لأن  ابن عباس  حضر تكفين رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنه  وعائشة  ما حضرت ذلك على أن معنى قولها : ليس فيه قميص أي : لم يتخذ قميصا جديدا . 
وروي عن  علي  رضي الله عنه أنه قال : " كفن المرأة  خمسة أثواب ، وكفن الرجل ثلاثة ، " ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين " ; ولأن حال ما بعد الموت يعتبر بحال حياته ، والرجل في حال حياته يخرج في ثلاثة أثواب عادة : قميص ، وسراويل ، وعمامة ، فالإزار بعد الموت قائم مقام السراويل في حال الحياة ; لأنه في حال حياته إنما كان يلبس السراويل لئلا تنكشف عورته عند المشي ، وذلك غير محتاج إليه بعد موته فأقيم الإزار مقامه ، ولذا لم يذكر العمامة في الكفن ، وقد كرهه بعض مشايخنا ; لأنه لو فعل ذلك لصار الكفن شفعا ، والسنة فيه أن يكون وترا ، واستحسنه بعض مشايخنا لحديث  ابن عمر  أنه كان يعمم الميت ويجعل ذنب العمامة على وجهه ، بخلاف حال الحياة فإنه يرسل ذنب العمامة من قبل القفا ; لأن ذلك لمعنى الزينة ، وقد انقطع ذلك بالموت ، والدليل على أن السنة في حق الرجل ثلاثة أثواب  ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه كفن في برد وحلة   } والحلة اسم للزوج من الثياب ، والبرد اسم للفرد منها وأدنى ما يكفن فيه في حالة الاختيار  [ ص: 307 ] ثوبان    : إزار ورداء لقول  الصديق    : كفنوني في ثوبي هذين ; ولأن أدنى ما يلبسه الرجل في حال حياته ثوبان ، ألا ترى أنه يجوز له أن يخرج فيهما ويصلي فيهما من غير كراهة ، فكذا يجوز أن يكفن فيهما أيضا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					