وأما كيفية التشييع  فالمشي خلف الجنازة أفضل  عندنا ، وقال  الشافعي    : " المشي أمامها أفضل " واحتج بما روى الزهري  عن سالم  عن  عبد الله بن عمر    { أن النبي صلى الله عليه وسلم  وأبا بكر   وعمر   [ ص: 310 ] كانوا يمشون أمام الجنازة   } وهذا حكاية عادة وكانت عادتهم اختيار الأفضل ; ولأنهم شفعاء الميت ، والشفيع أبدا يتقدم ; لأنه أحوط للصلاة لما فيه من التحرز عن احتمال الفوت . 
ولنا ما روي عن  ابن مسعود  موقوفا عليه ، ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال {   : الجنازة متبوعة وليست بتابعة ليس معها من تقدمها   } وروي عنه أنه عليه السلام { كان يمشي خلف جنازة  سعد بن معاذ    } وروى  معمر  عن  طاوس  عن أبيه قال : { ما مشى رسول الله حتى مات إلا خلف الجنازة   } وعن  ابن مسعود  فضل المشي خلف الجنازة على المشي أمامها كفضل المكتوبة على النافلة ; ولأن المشي خلفها أقرب إلى الاتعاظ ; لأنه يعاين الجنازة فيتعظ فكان أفضل ، والمروي عن النبي صلى الله عليه وسلم لبيان الجواز وتسهيل الأمر على الناس عند الازدحام ، وهو تأويل فعل  أبي بكر   وعمر  ، والدليل عليه ما روي عن  عبد الرحمن بن أبي ليلى  أنه قال : بينا أنا أمشي مع  علي  خلف الجنازة  وأبو بكر   وعمر  يمشيان أمامها فقلت :  لعلي  ما بال  أبي بكر   وعمر  يمشيان أمام الجنازة فقال : إنهما يعلمان أن المشي خلفها أفضل من المشي أمامها إلا أنهما يسه لان على الناس ومعناه أن الناس يتحرزون عن المشي أمامها تعظيما لها ، فلو اختار المشي خلف الجنازة لضاق الطريق على مشيعيها . 
وأما قوله : " إن الناس شفعاء الميت " فينبغي أن يتقدموا فيشكل هذا بحالة الصلاة ، فإن حالة الصلاة حالة الشفاعة ومع ذلك لا يتقدمون الميت بل الميت قدامهم ، وقوله : " هذا أحوط للصلاة " قلنا : عندنا إنما يكون المشي خلفها أفضل إذا كان بقرب منها بحيث يشاهدها ، وفي مثل هذا لا تفوت الصلاة . 
ولو مشى قدامها كان واسعا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم  وأبا بكر   وعمر  رضي الله عنهما فعلوا ذلك في الجملة على ما ذكرنا غير أنه يكره أن يتقدم الكل عليها ; لأن فيه إبطال متبوعية الجنازة من كل وجه . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					