( ومنها ) النوم مضطجعا في الصلاة  أو في غيرها بلا  [ ص: 31 ] خلاف بين الفقهاء ، وحكي عن  النظام  أنه ليس بحدث ، ولا عبرة بخلافه لمخالفته الإجماع ، وخروجه عن أهل الاجتهاد ، والدليل عليه ما روي عن  ابن عباس  رضي الله عنه أن { النبي صلى الله عليه وسلم نام في صلاته حتى غط ، ونفخ ، ثم قال : لا وضوء على من نام قائما ، أو قاعدا ، أو راكعا أو ساجدا إنما الوضوء على من نام مضطجعا فإنه إذا نام مضطجعا استرخت مفاصله   } نص على الحكم ، وعلل باسترخاء المفاصل ، وكذا النوم متوركا بأن نام على أحد وركيه ; لأن مقعده يكون متجافيا عن الأرض فكان في معنى النوم مضطجعا في كونه سببا لوجود الحدث بواسطة استرخاء المفاصل ، وزوال مسكة اليقظة فأما النوم في غير هاتين الحالتين فأما إن كان في الصلاة . 
وأما إن كان في غيرها فإن كان في الصلاة لا يكون حدثا سواء غلبه النوم ، أو تعمد في ظاهر الرواية . 
وروي عن  أبي يوسف  أنه قال سألت  أبا حنيفة  عن النوم في الصلاة  فقال لا ينقض الوضوء ، ولا أدري أسألته عن العمد ، أو الغلبة ، وعندي أنه إن نام متعمدا ينتقض وضوءه . 
وعند  الشافعي  أن النوم حدث على كل حال إلا إذا كان قاعدا مستقرا على الأرض فله فيه قولان احتج بما روي عن صفوان بن عسال المرادي  أنه قال { كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ، ولياليها إذا كنا سفرا إلا من جنابة لكن من نوم ، أو بول ، أو غائط   } فقد جعل النوم حدثا على الإطلاق . 
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال { العينان وكاء الاست فإذا نامت العينان استطلق الوكاء   } أشار إلى كون النوم حدثا حيث جعله علة استطلاق الوكاء . 
( ولنا ) ما روينا عن  ابن عباس  عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث نفى الوضوء في النوم في غير حال الاضطجاع ، وأثبته فيها بعلة استرخاء المفاصل ، وزوال مسكة اليقظة ، ولم يوجد في هذه الأحوال لأن الإمساك فيها باق ألا ترى أنه لم يسقط ، وفي المشهور من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { إذا نام العبد في سجوده يباهي الله تعالى به ملائكته فيقول : انظروا إلى عبدي روحه عندي وجسده في طاعتي   } . 
ولو كان النوم في الصلاة حدثا لما كان جسده في طاعة الله تعالى ، ولا حجة له فيما روي ; لأن مطلق النوم ينصرف إلى النوم المتعارف ، وهو نوم المضطجع ، وكذا استطلاق الوكاء يتحقق به لا بكل نوم وجه رواية  أبي يوسف  أن القياس في النوم حالة القيام ، والركوع ، والسجود أن يكون حدثا لكونه سببا لوجود الحدث إلا أنا تركنا القياس حالة الغلبة لضرورة التهجد نظر للمتهجدين ، وذلك عند الغلبة دون التعمد . 
( ولنا ) ما روينا من الحديثين من غير فصل ، ولأن الاستمساك في هذه الأحوال باق لما بينا ، وإن كان خارج الصلاة  فإن كان قاعدا مستقرا على الأرض غير مستند إلى شيء لا يكون حدثا ، لأنه ليس بسبب لوجود الحدث غالبا ، وإن كان قائما ، أو على هيئة الركوع ، والسجود غير مستند إلى شيء اختلف المشايخ فيه والعامة على أنه لا يكون حدثا لما روينا من الحديث من غير فصل بين حالة الصلاة ، وغيرها ، ولأن الاستمساك فيها باق على ما مر ، والأقرب إلى الصواب في النوم على هيئة السجود خارج الصلاة ما ذكره القمي  أنه لا نص فيه ، ولكن ينظر فيه إن سجد على الوجه المسنون بأن كان رافعا بطنه عن فخذيه مجافيا عضديه عن جنبيه لا يكون حدثا ، وإن سجد لا على وجه السنة بأن ألصق بطنه بفخذيه ، واعتمد على ذراعيه على الأرض يكون حدثا ، لأن في الوجه الأول الاستمساك باق ، والاستطلاق منعدم ، وفي الوجه الثاني بخلافه إلا أنا تركنا هذا القياس في حالة الصلاة بالنص ، ولو نام مستندا إلى جدار ، أو سارية ، أو رجل ، أو متكئا على يديه ذكر  الطحاوي  أنه إن كان بحال لو أزيل السند لسقط يكون حدثا ، وإلا ، فلا ، وبه أخذ كثير من مشايخنا وروى  خلف بن أيوب  عن  أبي يوسف  أنه قال سألت  أبا حنيفة  عمن استند إلى سارية ، أو رجل فنام ولولا السارية والرجل لم يستمسك    . 
قال إذا كانت أليته مستوثقة من الأرض ، فلا وضوء عليه ، وبه أخذ عامة مشايخنا ، وهو الأصح لما روينا من الحديث ، وذكرنا من المعنى ، ولو نام قاعدا مستقرا على الأرض فسقط ، وانتبه فإن انتبه بعدما سقط على الأرض ، وهو نائم انتقض وضوءه بالإجماع لوجود النوم مضطجعا ، وإن قل ، وإن انتبه قبل أن يصل جنبه إلى الأرض روي عن  أبي حنيفة  أنه لا ينتقض وضوءه لانعدام النوم مضطجعا . 
وعن  أبي يوسف  أنه ينتقض وضوءه لزوال الاستمساك بالنوم حيث سقط ، وعن  محمد  أنه إن انتبه قبل أن يزايل مقعده الأرض لم ينتقض وضوءه ، وإن زايل مقعده قبل  [ ص: 32 ] أن ينتبه انتقض وضوءه . 
				
						
						
