حفر : حفر الشيء يحفره حفرا واحتفره : نقاه كما تحفر الأرض بالحديدة ، واسم المحتفر الحفرة . واستحفر النهر : حان له أن يحفر . والحفيرة والحفر والحفير . البئر الموسعة فوق قدرها ، والحفر ، بالتحريك : التراب المخرج من الشيء المحفور ، وهو مثل الهدم ، ويقال : هو المكان الذي حفر ; وقال الشاعر :
قالوا : انتهينا وهذا الخندق الحفر
والجمع من كل ذلك أحفار ، وأحافير جمع الجمع ; أنشد : ابن الأعرابي
جوب لها من جبل هرشم مسقى الأحافير ثبيت الأم
وقد تكون الأحافير جمع حفير كقطيع وأقاطيع . وفي الأحاديث : ذكر حفر أبي موسى ، وهو بفتح الحاء والفاء ، وهي ركايا احتفرها على جادة الطريق من البصرة إلى مكة ، وفيه ذكر الحفيرة ، بفتح الحاء وكسر الفاء ، نهر بالأردن نزل عنده ، وأما بضم الحاء وفتح الفاء فمنزل بين ذي الحليفة وملك يسلكه الحاج . والمحفر والمحفرة والمحفار : المسحاة ونحوها مما يحتفر به ، وركية حفيرة ، وحفر بديع ، وجمع الحفر أحفار ; وأتى يربوعا مقصعا أو مرهطا فحفره وحفر عنه واحتفره . النعمان بن بشير الأزهري : قال أبو حاتم : يقال حافر محافرة ، وفلان أروغ من يربوع محافر ، وذلك أن يحفر في لغز من ألغازه فيذهب سفلا ويحفر الإنسان حتى يعيا فلا يقدر عليه ويشتبه عليه الجحر ، فلا يعرفه من غيره فيدعه ، فإذا فعل اليربوع ذلك قيل لمن يطلبه : دعه فقد حافر فلا يقدر عليه أحد ; ويقال إنه إذا حافر وأبى أن يحفر التراب وينبثه ويذري وجه جحره ، يقال : قد جثا فترى [ ص: 163 ] الجحر مملوءا ترابا مستويا مع ما سواه إذا جثا ، ويسمى ذلك الجاثياء ، ممدودا ; يقال : ما أشد اشتباه جاثيائه . وقال : رجل محافر ليس له شيء ; وأنشد : ابن شميل
محافر العيش أتى جواري ليس له ، مما أفاء الشاري
غير مدى وبرمة أعشار
وكانت سورة براءة تسمى الحافرة ، وذلك أنها حفرت عن قلوب المنافقين ، وذلك أنه لما فرض القتال تبين المنافق من غيره ومن يوالي المؤمنين ممن يوالي أعداءهم . والحفر والحفر : سلاق في أصول الأسنان ، وقيل : هي صفرة تعلو الأسنان . الأزهري : الحفر والحفر ، جزم وفتح لغتان ، وهو ما يلزق بالأسنان من ظاهر وباطن ، تقول : حفرت أسنانه تحفر حفرا . ويقال : في أسنانه حفر ، و بنو أسد تقول : في أسنانه حفر ، بالتحريك ; وقد حفرت تحفر حفرا ، مثال كسر يكسر كسرا : فسدت أصولها ; ويقال أيضا : حفرت مثال تعب تعبا ، قال : وهي أردأ اللغتين ; وسئل شمر عن الحفر في الأسنان فقال : هو أن يحفر القلح أصول الأسنان بين اللثة وأصل السن من ظاهر وباطن ، يلح على العظم حتى ينقشر العظم إن لم يدرك سريعا . ويقال : أخذ فمه حفر وحفر . ويقال : أصبح فم فلان محفورا ، وقد حفر فوه ، وحفر يحفر حفرا ، وحفر حفرا فيهما . وأحفر الصبي : سقطت له الثنيتان العلييان والسفليان ، فإذا سقطت رواضعه قيل : حفرت . وأحفر المهر للإثناء والإرباع والقروح : سقطت ثناياه لذلك . وأفرت الإبل للإثناء إذا ذهبت رواضعها وطلع غيرها . وقال أبو عبيدة في كتاب الخيل : يقال أحفر المهر إحفارا ، فهو محفر ، قال : وإحفاره أن تتحرك الثنيتان السفليان والعلييان من رواضعه ، فإذا تحركن قالوا : قد أحفرت ثنايا رواضعه فسقطن ; قال : وأول ما يحفر فيما بين ثلاثين شهرا أدنى ذلك إلى ثلاثة أعوام ثم يسقطن فيقع عليها اسم الإبداء ، ثم تبدي فيخرج له ثنيتان سفليان وثنيتان علييان كان ثناياه الرواضع اللواتي سقطن بعد ثلاثة أعوام ، فهو مبد ; قال : ثم يثني فلا يزال ثنيا حتى يحفر إحفارا ، وإحفاره أن تحرك له الرباعيتان السفليان والرباعيتان العلييان من رواضعه ، وإذا تحركن قيل : قد أحفرت رباعيات رواضعه ، فيسقطن أول ما يحفرن في استيفائه أربعة أعوام ثم يقع عليها اسم الإبداء ، ثم لا يزال رباعيا حتى يحفر للقروح وهو أن يتحرك قارحاه وذلك إذا استوفى خمسة أعوام ; ثم يقع عليه اسم الإبداء على ما وصفناه ثم هو قارح . : إذا استتم المهر سنتين فهو جذع ثم إذا استتم الثالثة فهو ثني ، فإذا أثنى ألقى رواضعه فيقال : أثنى وأدرم للإثناء ; ثم هو رباع إذا استتم الرابعة من السنين يقال : أهضم للإرباع ، وإذا دخل في الخامسة فهو قارح ; قال ابن الأعرابي الأزهري : وصوابه إذا استتم الخامسة فيكون موافقا لقول أبي عبيدة قال : وكأنه سقط شيء . وأحفر المهر للإثناء والإرباع والقروح إذا ذهبت رواضعه وطلع غيرها . والتقى القوم فاقتتلوا عند الحافرة أي عند أول ما التقوا . والعرب تقول : أتيت فلانا ثم رجعت على حافرتي أي طريقي الذي أصعدت فيه خاصة فإن رجع على غيره لم يقل ذلك ; وفي التهذيب : أي رجعت من حيث جئت . ورجع على حافرته أي الطريق الذي جاء منه . والحافرة : الخلقة الأولى . وفي التنزيل العزيز : أئنا لمردودون في الحافرة أي في أول أمرنا ; وأنشد : ابن الأعرابي
أحافرة على صلع وشيب ؟ معاذ الله من سفه وعار !
يقول : أأرجع إلى ما كنت عليه في شبابي وأمري الأول من الغزل والصبا بعدما شبت وصلعت ؟ والحافرة : العودة في الشيء حتى يرد آخره على أوله . وفي الحديث : إن هذا الأمر يترك على حاله حتى يرد على حافرته ; أي على أول تأسيسه . وفي حديث سراقة قال : يا رسول الله ، أرأيت أعمالنا التي نعمل ؟ أمؤاخذون بها عند الحافرة خير فخير أو شر فشر أو شيء سبقت به المقادير وجفت به الأقلام ؟ وقال الفراء في قوله تعالى : في الحافرة معناه أئنا لمردودون إلى أمرنا الأول أي الحياة . وقال : في الحافرة ، أي في الدنيا كما كنا ; وقيل معنى قوله ابن الأعرابي أئنا لمردودون في الحافرة أي في الخلق الأول بعدما نموت . وقالوا في المثل : النقد عند الحافرة والحافر أي عند أول كلمة ; وفي التهذيب : معناه إذا قال قد بعتك رجعت عليه بالثمن وهما في المعنى واحد ; قال : وبعضهم يقول : النقد عند الحافر يريد حافر الفرس ، وكأن هذا المثل جرى في الخيل ، وقيل : الحافرة الأرض التي تحفر فيها قبورهم فسماها الحافرة ، والمعنى يريد المحفورة كما قال : ماء دافق يريد : مدفوق ; وروى الأزهري عن أبي العباس أنه قال هذه كلمة كانوا يتكلمون بها عند السبق ، قال : والحافرة الأرض المحفورة ، يقال أول ما يقع حافر الفرس على الحافرة فقد وجب النقد يعني في الرهان ; أي كما يسبق فيقع حافره ; يقول : هات النقد ; وقال الليث : النقد عند الحافر معناه إذا اشتريته فلن تبرح حتى تنقد . وفي حديث أبي قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم ، عن التوبة النصوح ، قال : هو الندم على الذنب حين يفرط منك وتستغفر الله بندامتك عند الحافر تعود إليه أبدا ; قيل : كانوا لنفاسة الفرس عندهم ونفاستهم بها لا يبيعونها إلا بالنقد ، فقالوا : النقد عند الحافر أي عند بيع ذات الحافر وصيروه مثلا ، ومن قال عند الحافرة فإنه لما جعل الحافرة في معنى الدابة نفسها ، وكثر استعماله من غير ذكر الذات ، ألحقت به علامة التأنيث إشعارا بتسمية الذات بها أو هي فاعلة من الحفر ؛ لأن الفرس بشدة دوسها تحفر الأرض ; قال : هذا هو الأصل ثم كثر حتى استعمل في كل أولية فقيل : رجع إلى حافره وحافرته ، وفعل كذا عند الحافرة والحافر ، والمعنى يتخير الندامة والاستغفار عند مواقعة الذنب من غير تأخير ؛ لأن التأخير من الإصرار ، والباء في بندامته بمعنى مع أو للاستعانة أي تطلب مغفرة الله بأن تندم ، والواو في وتستغفر للحال أو للعطف على معنى الندم . والحافر من الدواب يكون للخيل والبغال والحمير : اسم كالكاهل والغارب ، والجمع حوافر ; قال :
أولى فأولى يا امرأ القيس ، بعدما [ ص: 164 ] خصفن بآثار المطي الحوافرا
أراد : خصفن بالحوافر آثار المطي يعني آثار أخفافه فحذف الباء الموحدة من الحوافر وزاد أخرى عوضا منها في آثار المطي ، هذا على قول من لم يعتقد القلب ، وهو أمثل ، فما وجدت مندوحة عن القلب لم ترتكبه ، ومن هنا قال بعضهم : معنى قولهم النقد عند الحافر أن الخيل كانت أعز ما يباع فكانوا يبارحون من اشتراها حتى ينقد البائع ، وليس ذلك بقوي . ويقولون للقدم حافرا إذا أرادوا تقبيحها ; قال :
أعوذ بالله من غول مغولة كأن حافرها في ظنبوب
الجوهري : الحافر واحد حوافر الدابة وقد استعاره الشاعر في القدم ; قال جبيها الأسدي يصف ضيفا طارقا أسرع إليه :
فأبصر ناري ، وهي شقراء أوقدت بليل فلاحت للعيون النواظر
فما رقد الولدان ، حتى رأيته على البكر يمريه بساق وحافر
ومعنى يمريه : يستخرج ما عنده من الجري . والحفرة : واحدة الحفر . والحفرة : ما يحفر في الأرض . والحفر : اسم المكان الذي حفر كخندق أو بئر . والحفر : الهزال ; عن كراع . وحفر الغرز العنز يحفرها حفرا : أهزلها . وهذا غيث لا يحفره أحد أي لا يعلم أحد أين أقصاه ، والحفرى مثال الشعرى : نبت ، وقيل : هو شجر ينبت في الرمل لا يزال أخضر ، وهو من نبات الربيع ، وقال أبو حنيفة : الحفرى ذات ورق وشوك صغار لا تكون إلا في الأرض الغليظة ولها زهرة بيضاء ، وهي تكون مثل جثة الحمامة ; قال أبو النجم في وصفها :
يظل حفراه ، من التهدل في روض دفراء ورعل مخجل
الواحدة من كل ذلك حفراة ، وناس من أهل اليمن يسمون الخشبة ذات الأصابع التي يذرى بها الكدس المدوس وينقى بها البر من التبن : الحفراة ، : أحفر الرجل إذا رعت إبله الحفرى ، وهو نبت ; قال ابن الأعرابي الأزهري : وهو من أردإ المراعي . قال : وأحفر إذا عمل بالحفراة ، وهي الرفش الذي يذرى به الحنطة وهي الخشبة المصمتة الرأس ، فأما المفرج فهو العضم ، بالضاد ، والمعزقة ; قال : والمعزقة في غير هذا : المر ; قال : والرفش في غير هذا : الأكل الكثير . ويقال : حفرت ثرى فلان إذا فتشت عن أمره ووقفت عليه ، وقال : حفر إذا جامع ، وحفر إذا فسد : والحفير : القبر . وحفره حفرا : هزله ; يقال : ما حامل إلا والحمل يحفرها إلا الناقة فإنها تسمن عليه . وحفرة وحفيرة ، وحفير وحفر ، ويقالان بالألف واللام : مواضع ، وكذلك أحفار والأحفار قال ابن الأعرابي : الفرزدق
فيا ليت داري بالمدينة أصبحت بأحفار فلج ، أو بسيف الكواظم
وقال : أراد الحفر وكاظمة فجمعهما ضرورة . ابن جني الأزهري : حفر وحفيرة اسما موضعين ذكرهما الشعراء القدماء . قال الأزهري : والأحفار المعروفة في بلاد العرب ثلاثة : فمنها حفر أبي موسى ، وهي ركايا احتفرها على جادة أبو موسى الأشعري البصرة ، قال : وقد نزلت بها واستقيت من ركاياها وهي ما بين ماوية والمنجشانيات ، وركايا الحفر مستوية بعيدة الرشاء عذبة الماء ; ومنها حفر ضبة ، وهي ركايا بناحية الشواجن بعيدة القعر عذبة الماء ; ومنها حفر سعد بن زيد مناة بن تميم ، وهي بحذاء العرمة وراء الدهناء يستقى منها بالسانية عند جبل من جبال الدهناء يقال له جبل الحاضر .