[ ص: 6 ] كأس : ابن السكيت : هي الكأس والفأس والرأس مهموزات ، وهو رابط الجأش . والكأس مؤنثة ، قال الله تعالى : بكأس من معين بيضاء وأنشد الأصمعي لأمية بن أبي الصلت :
ما رغبة النفس في الحياة وإن تحيا قليلا فالموت لاحقها يوشك من فر من منيته
في بعض غراته يوافقها من لم يمت عبطة يمت هرما
للموت كأس ، والمرء ذائقها
قال ابن بري : عبطة أي شابا في طراءته وانتصب على المصدر أي موت عبطة وموت هرم فحذف المضاف ، قال : وإن شئت نصبتهما على الحال أي ذا عبطة وذا هرم فحذف المضاف أيضا وأقام المضاف إليه مقامه . والكأس : الزجاجة ما دام فيها شراب . وقال أبو حاتم : الكأس الشراب بعينه وهو قول الأصمعي ، وكذلك كان الأصمعي ينكر رواية من روى بيت أمية للموت كأس ، وكان يرويه : الموت كأس ، ويقطع ألف الوصل ؛ لأنها في أول النصف الثاني من البيت ، وذلك جائز ; وكان أبو علي الفارسي يقول : هذا الذي أنكره الأصمعي غير منكر ، واستشهد على إضافة الكأس إلى الموت ببيت مهلهل ، وهو :
ما أرجي بالعيش بعد ندامى قد أراهم سقوا بكأس حلاق
وحلاق : اسم للمنية وقد أضاف الكأس إليها ; ومثل هذا البيت الذي استشهد به أبو علي . قول الجعدي :
فهاجها ، بعدما ريعت ، أخو قنص عاري الأشاجع من نبهان أو ثعلا
بأكلب كقداح النبع يوسدها طمل ، أخو قفرة غرثان قد نحلا
فلم تدع واحدا منهن ذا رمق حتى سقته بكأس الموت فانجدلا
يصف صائدا أرسل كلابه على بقرة وحش ; ومثله للخنساء :
ويسقي حين تشتجر العوالي بكأس الموت ، ساعة مصطلاها
وقال جرير في مثل ذلك :
ألا رب جبار عليه مهابة سقيناه كأس الموت حتى تضلعا
ومثله لأبي داود الإيادي :
تعتاده زفرات حين يذكرها سقينه بكئوس الموت أفواقا
ابن سيده : الكأس الخمر نفسها اسم لها . وفي التنزيل العزيز : يطاف عليهم بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين ; وأنشد أبو حنيفة للأعشى :
وكأس كعين الديك باكرت نحوها بفتيان صدق والنواقيس تضرب
وأنشد أبو حنيفة أيضا لعلقمة :
كأس عزيز من الأعناب عتقها لبعض أربابها ، حانية حوم
قال ابن سيده : كذا أنشده أبو حنيفة ، كأس عزيز ، يعني أنها خمر تعز فينفس بها إلا على الملوك والأرباب ; وكأس عزيز على الصفة ، والمتعارف : كأس عزيز ، بالإضافة ; وكذلك أنشد سيبويه أي كأس مالك عزيز أو مستحق عزيز . والكأس أيضا : الإناء إذا كان فيه خمر ، قال بعضهم : هي الزجاجة ما دام فيها خمر ، فإذا لم يكن فيها خمر فهي قدح ، كل هذا مؤنث . قال ابن الأعرابي : لا تسمى الكأس كأسا إلا وفيها الشراب ، وقيل : هو اسم لهما على الانفراد والاجتماع ، وقد ورد ذكر الكأس في الحديث ، واللفظة مهموزة وقد يترك الهمز تخفيفا ; والجمع من كل ذلك أكؤس وكئوس وكئاس ; قال الأخطل :
خضل الكئاس إذا تثنى لم تكن خلفا مواعده كبرق الخلب
وحكى أبو حنيفة : كياس ، بغير همز ، فإن صح ذلك ، فهو على البدل قلب الهمزة في كأس ألفا في نية الواو ، فقال كاس كنار ، ثم جمع كأسا على كياس ، والأصل كواس ، فقلبت الواو ياء للكسرة التي قبلها ; وتقع الكأس لكل إناء مع شرابه ، ويستعار الكأس في جميع ضروب المكاره ، كقولهم : سقاه كأسا من الذل ، وكأسا من الحب والفرقة والموت ، قال أمية بن أبي الصلت ، وقيل هو لبعض الحرورية :
من لم يمت عبطة يمت هرما الموت كأس والمرء ذائقه
قطع ألف الوصل ، وهذا يفعل في الأنصاف كثيرا ؛ لأنه موضع ابتداء ; أنشد سيبويه :
ولا يبادر في الشتاء وليدنا ألقدر ينزلها بغير جعال
ابن بزرج : كاص فلان من الطعام والشراب إذا أكثر منه . وتقول : وجدت فلانا كأصا بزنة كعصا أي صبورا باقيا على شربه وأكله . قال الأزهري : وأحسب الكأس مأخوذا منه ؛ لأن الصاد والسين يتعاقبان في حروف كثيرة لقرب مخرجيهما .


