هرق : الأزهري : هراقت السماء ماءها وهي تهريق والماء مهراق ، الهاء في ذلك كله متحركة ، لأنها ليست بأصلية إنما هي بدل من همزة أراق ، قال : وهرقت مثل أرقت ، قال : ومن قال أهرقت فهو خطأ في القياس ، ومثل العرب يخاطب به الغضبان : هرق على جمرك أو تبين أي تثبت ، ومثل هرقت والأصل أرقت قولهم : هرحت الدابة وأرحتها ، وهنرت النار وأنرتها ، قال : وأما لغة من قال أهرقت الماء فهي بعيدة ; قال أبو زيد : الهاء منها زائدة ، كما قالوا أنهأت اللحم ، والأصل أنأته بوزن أنعته . ويقال : هرق عنا من الظهيرة وأهرئ عنا بمعناه ، من قال : أهرق عنا من الظهيرة جعل القاف مبدلة من الهمزة ، في أهرئ قال : وقال بعض النحويين إنما هو هراق يهريق ; لأن الأصل من أراق يريق يأريق ; لأن أفعل يفعل كان في الأصل يأفعل فقلبوا الهمزة التي في يأريق هاء ، فقيل يهريق ، ولذلك تحركت الهاء . الجوهري : هراق الماء يهريقه ، بفتح الهاء ، هراقة أي صبه ; وأنشد : ابن بري
رب كأس هرقتها ابن لؤي حذر الموت لم تكن مهراقه
وأنشد ل أوس بن حجر :نبئت أن دما حراما نلته فهريق في ثوب عليك محبر
وما هريق على الأنصاب من جسد
قال : وأصل هراق أراق يريق إراقة ، وأصل أراق أريق ، وأصل يريق يريق ، وأصل يريق يأريق ، وإنما قالوا : أنا أهريقه ، وهم لا يقولون : أأريقه لاستثقالهم الهمزتين ، وقد زال ذلك بعد الإبدال ، وفيه لغة أخرى : أهرق الماء يهرقه إهراقا على أفعل يفعل ; قال : أبدلوا من الهمزة الهاء ثم ألزمت فصارت كأنها من نفس الحرف ، ثم أدخلت الألف بعد على الهاء وتركت الهاء عوضا من حذفهم حركة العين ; لأن أصل أهرق أريق . قال سيبويه : هذه اللغة الثانية التي حكاها عن ابن بري ، هي الثالثة ، التي يحكيها فيما بعد إلا أنه غلط في التمثيل ، فقال : أهرق يهرق ، وهي لغة ثالثة شاذة نادرة ليست بواحدة من اللغتين المشهورتين ; يقولون : هرقت الماء هرقا وأهرقته إهراقا ، فيجعلون الهاء فاء والراء عينا ، ولا يجعلونه معتلا ، وأما الثانية التي حكاها سيبويه فهي أهراق يهريق إهراقة فغيرها سيبويه الجوهري ، وجعلها ثالثة ، وجعل مصدرها إهرياقا ، ألا ترى أنه حكي عن في اللغة الثانية أن الهاء عوض من حركة العين ; لأن الأصل أريق ؟ فهذا يدل أنه من أهراق إهراقة بالألف ، وكذا حكاه سيبويه في اللغة الثانية الصحيحة ، قال سيبويه الجوهري : وفيه لغة ثالثة أهراق يهريق إهرياقا ، فهو مهريق ، والشيء مهراق ومهراق أيضا ، بالتحريك ، وهذا شاذ ، ونظيره أسطاع يسطيع اسطياعا ، بفتح الألف في الماضي وضم الياء في المستقبل ، لغة في أطاع يطيع ، فجعلوا السين عوضا من ذهاب حركة عين الفعل على ما تقدم ذكره عن الأخفش في باب العين ، قال : وكذلك حكم الهاء عندي . قال : قد ذكرنا أن هذه اللغة هي الثانية فيما تقدم إلا أنه غير مصدرها فقال إهرياقا ، وصوابه إهراقة ; لأن الأصل أراق يريق إراقة ثم زيدت فيه الهاء فصار إهراقة ، وتاء التأنيث عوض من العين المحذوفة ، وكذلك قال ابن بري ابن السراج : أهراق يهريق إهراقة ، وأسطاع يسطيع إسطاعة ، قال : وأما الذي ذكره الجوهري من أن مصدر أهراق وأسطاع إهرياقا واسطياعا فغلط منه ; لأنه غير معروف ، والقياس إهراقة وإسطاعة على ما تقدم ، وإنما غلطه في اسطياع أنه أتى به على وزن الاستطاع مصدر استطاع ، قال : وهذا سهو منه ; لأن أسطاع همزته قطع ، والاستطاع والاسطياع همزتهما وصل ، وقوله : والشيء مهراق ومهراق أيضا ، بالتحريك ، غير صحيح ; لأن مفعول أهراق مهراق لا غير ; قال : وأما مهراق ، بالفتح ، فمفعول هراق ، وقد تقدم شاهده وشاهد المهراق ما أنشد في باب الهجاء من الحماسة لعمارة بن عقيل :دعته وفي أثوابه من دمائها خليطا دم مهراقة غير ذاهب
إذا ما قلت قد صالحت قومي أبى الأضغان والنسب البعيد
ومهراق الدماء بواردات تبيد المخزيات ولا تبيد
فأصبحت كالمهريق فضلة مائه لضاحي سراب بالملا يترقرق
فكنت كمهريق الذي في سقائه لرقراق آل فوق رابية جلد
فظللت كالمهريق فضل سقائه في جو هاجرة للمع سراب
فلما دنت إهراقة الماء أنصتت لأعزلة عنها وفي النفس أن أثني
تمشى به نفر الظباء كأنها جنى مهرقان فاض بالليل ساحله
كم للمنازل من شهر وأحوال لآل أسماء مثل المهرق البالي
[ ص: 56 ]
كما تقادم عهد المهرق البالي
قال : وقال الحارث بن حلزة :آياتها كمهارق الحبش
والمهارق في قول : ذي الرمةبيعملة بين الدجى والمهارق
الفلوات ، وقيل الطرق ، وقيل : المهرق ثوب حرير أبيض يسقى الصمغ ويصقل ثم يكتب فيه ، وهو بالفارسية مهر كرد ، وقيل : مهره ; لأن الخرزة التي يصقل بها يقال لها بالفارسية كذلك . والمهرق : الصحراء الملساء . والمهارق : الصحاري ، واحدها مهرق ، وهو معرب ; قال الأزهري : وإنما قيل للصحراء مهرق تشبيها بالصحيفة ; قال الأعشى :ربي كريم لا يكدر نعمة فإذا تنوشد في المهارق أنشدا
وخرق مهارق ذي لهله أجد الأوام به مظمؤه