الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وكي

                                                          وكي : الوكاء : كل سير أو خيط يشد به فم السقاء أو الوعاء . وقد أوكيته بالوكاء إيكاء إذا شددته . ابن سيده : الوكاء رباط القربة وغيرها الذي يشد به رأسها . وفي الحديث : احفظ عفاصها ووكاءها وفي حديث اللقطة : اعرف وكاءها وعفاصها ; الوكاء : الخيط الذي تشد به الصرة والكيس وغيرهما . وأوكى على ما في سقائه إذا شده بالوكاء . وفي الحديث : أوكوا الأسقية أي شدوا رءوسها بالوكاء لئلا يدخلها حيوان أو يسقط فيها شيء . يقال : أوكيت السقاء أوكيه إيكاء ، فهو موكى . وفي الحديث : نهى عن الدباء والمزفت وعليكم بالموكى ، أي السقاء المشدود الرأس ; لأن السقاء الموكى قلما يغفل عنه صاحبه لئلا يشتد فيه الشراب ، فينشق فهو يتعهده كثيرا . ابن سيده : وقد وكى القربة وأوكاها وأوكى عليها ، وإن فلانا لوكاء ما يبض بشيء ، وسألناه فأوكى علينا أي بخل . وفي الحديث : إن العين وكاء السه ، فإذا نام أحدكم فليتوضأ ; جعل اليقظة للاست كالوكاء للقربة ، كما أن الوكاء يمنع ما في القربة أن يخرج كذلك اليقظة تمنع الاست أن تحدث إلا بالاختيار ، والسه : حلقة الدبر ، وكنى بالعين عن اليقظة ; لأن النائم لا عين له تبصر . وفي حديث آخر : إذا نامت العين استطلق الوكاء وكله على المثل . وكل ما شد رأسه من وعاء ونحوه وكاء ومنه قول الحسن : يا ابن آدم ، جمعا في وعاء ، وشدا في وكاء ; جعل الوكاء ها هنا كالجراب . وفي حديث أسماء : قال لها أعطي ولا توكي ، فيوكى عليك ، أي لا تدخري وتشدي ما عندك وتمنعي ما في يدك فتنقطع مادة الرزق عنك . وأوكى فمه : سده . وفلان يوكي فلانا : يأمره أن يسد فاه ويسكت . وفي حديث الزبير : أنه كان يوكي بين الصفا والمروة سعيا أي يملأ ما بينهما سعيا كما يوكى السقاء بعد الملء ، وقيل : كان يسكت ; قال أبو عبيد : هو عندي من الإمساك عن الكلام أي لا يتكلم كأنه يوكي فاه فلا يتكلم ، ويروى عن أعرابي أنه سمع رجلا يتكلم فقال : أوك حلقك ، أي سد فمك واسكت ; قال أبو منصور : وفيه وجه آخر ، قال : وهو أصح عندي مما ذهب إليه أبو عبيد ، وذلك لأن الإيكاء في كلام العرب يكون بمعنى السعي الشديد ، ومما يدل عليه قوله في حديث الزبير : إنه كان يوكي ما بينهما سعيا ، قال : وقرأت في نوادر الأعراب المحفوظة عنهم : الزوازية الموكي الذي يتشدد في مشيه ، فمعنى الموكي الذي يتشدد في مشيه . وروي عن أحمد بن صالح أنه قال في حديث الزبير : أنه كان إذا طاف بالبيت أوكى الثلاث سعيا يقول : جعله كله سعيا ، قال أبو عبيد ، بعد أن ذكر في تفسير حديث الزبير ما ذكرنا قال : إن صح أنه كان يوكي ما بين الصفا والمروة سعيا فإن وجهه أن يملأ ما بينهما سعيا لا يمشي على هينته في شيء من ذلك ، قال : وهذا مشبه بالسقاء أو غيره يملأ ماء ثم يوكى عليه حيث انتهى الامتلاء ; قال الأزهري : وإنما قيل للذي يشتد عدوه موك لأنه كأنه قد ملأ ما بين خواء رجليه عدوا وأوكى عليه ، والعرب تقول : ملأ الفرس فروج دوارجه عدوا إذا اشتد حضره ، والسقاء إنما يوكى على ملئه . ابن شميل : استوكى بطن الإنسان وهو أن لا يخرج منه نجوه . ويقال للسقاء ونحوه إذا امتلأ : قد استوكى . ووكى الفرس الميدان شدا : ملأه ، وهو من هذا .

                                                          ويقال : استوكت الناقة واستوكت الإبل استكاء إذا امتلأت سمنا . ويقال : فلان موكي الغلمة ومزك الغلمة ومشط الغلمة ، إذا كانت به حاجة شديدة إلى الخلاط .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية