[ ص: 64 ] ذكر ظهور  الأصفر  وأسره  
في هذه السنة ظهر  الأصفر التغلبي  برأس عين  ، وادعى أنه من المذكورين في الكتب ، واستغوى قوما بمخاريق وضعها ، وجمع جمعا وغزا نواحي الروم  ، فظفر وغنم وعاد ، وظهر حديثه ، وقوي ناموسه ، وعاودوا الغزو في عدد أكثر من العدد الأول ، ودخل نواحيالروم  وأوغل ، وغنم أضعاف ما غنمه أولا ، حتى بيعت الجارية الجميلة بالثمن البخس .  
وتسامع الناس به فقصدوه ، وكثر جمعه ، واشتدت شوكته ، وثقلت على الروم  وطأته ، فأرسل ملك الروم  إلى   نصر الدولة بن مروان  يقول له :  إنك عالم بما بيننا من الموادعة وقد فعل هذا الرجل هذه الأفاعيل ، فإن كنت قد رجعت عن المهادنة فعرفنا لندبر أمرنا بحسبه . 
واتفق في ذلك الوقت أن وصل رسول من الأصفر إلى   نصر الدولة  أيضا ، ينكر عليه ترك الغزو والميل إلى الدعة ، فساءه ذلك أيضا ، واستدعى قوما من بني نمير  وقال لهم : إن هذا الرجل قد أثار الروم  علينا ، ولا قدرة لنا عليهم . وبذل لهم مالا على الفتك به ، فساروا إليه ، فقربهم ولازموه ، فركب يوما غير متحرز ، فأبعد وهم معه ، فعطفوا عليه وأخذوه ، وحملوه إلى   نصر الدولة بن مروان  فاعتقله ، وتلافى أمر الروم    . 
				
						
						
