ذكر وفاة  مودود بن مسعود  وملك عمه  عبد الرشيد   
في هذه السنة في العشرين من رجب توفي  أبو الفتح مودود بن مسعود بن محمود بن سبكتكين  ، صاحب غزنة  ، وعمره تسع وعشرون سنة ، وملكه تسع سنين وعشرة أشهر ، وكان موته بغزنة  ، وكان قد كاتب أصحاب الأطراف في سائر البلاد ، ودعاهم إلى نصرته وإمداده بالعساكر ، وبذل لهم الأموال الكثيرة ، وتفويض أعمال خراسان  ونواحيها إليهم على قدر مراتبهم ، فأجابوا إلى ذلك ، منهم   أبو كاليجار  صاحب أصبهان  ، فإنه جمع عساكره وسار في المفازة ، فهلك كثير من عسكره ، ومرض وعاد . 
ومنهم  خاقان  ملك الترك ، فإنه سار إلى ترمذ  ، ونهب وخرب ، وصادر أهل تلك الأعمال ، وسارت طائفة أخرى مما وراء النهر إلى خوارزم    . 
وسار  مودود  من غزنة  فلم يسر غير مرحلة واحدة حتى عارضه قولنج اشتد عليه ، فعاد إلى غزنة  مريضا ، وسير وزيره  أبا الفتح عبد الرزاق بن أحمد الميمندي  إلى سجستان  في جيش كثيف لأخذها من الغز ، واشتدت العلة  بمودود  فتوفي ، وقام في الملك بعده ولده ، فبقي خمسة أيام ثم عدل الناس عنه إلى عمه  علي بن مسعود     . 
 [ ص: 80 ] وكان  مودود  لما ملك قبض على عمه  عبد الرشيد بن محمود  وسجنه في قلعة ميدين  بطريق بست  ، فلما توفي كان وزيره قد قارب هذه القلعة ، فنزل  عبد الرشيد  إلى العسكر ودعاهم إلى طاعته ، فأجابوه وعادوا معه إلى غزنة  ، فلما قاربها هرب عنها  علي بن مسعود  ، وملك  عبد الرشيد  ، واستقر الأمر له ، ولقب  شمس دين الله سيف الدولة  ، وقيل  جمال الدولة  ، ودفع الله شر  مودود  عن  داود  ، وهذه السعادة التي تقتل الأعداء بغير سلاح ولا أجناد . 
				
						
						
