[ ص: 251 ] 467
ثم دخلت سنة سبع وستين وأربعمائة .
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=34064_33782وفاة nindex.php?page=showalam&ids=14932القائم بأمر الله وذكر بعض سيرته .
في هذه السنة ، ليلة الخميس ثالث عشر شعبان ، توفي
nindex.php?page=showalam&ids=14932القائم بأمر الله أمير المؤمنين ، رضي الله عنه ، واسمه
عبد الله أبو جعفر بن القادر بالله أبي العباس أحمد بن الأمير إسحاق بن المقتدر بالله أبي الفضل بن المعتضد بالله أبي العباس أحمد .
وكان سبب موته أنه قد أصابه شرى ، فافتصد ، ونام منفردا ، فانفجر فصاده ، وخرج منه دم كثير ولم يشعر ، فاستيقظ وقد ضعف وسقطت قوته ، فأيقن بالموت ، فأحضر ولي العهد ، ووصاه بوصايا ، وأحضر النقيبين وقاضي القضاة وغيرهم مع الوزير
ابن جهير ، وأشهدهم على نفسه أنه جعل ابن ابنه
أبا القاسم عبد الله بن محمد بن القائم بأمر الله ولي عهده .
ولما توفي غسله
الشريف أبو جعفر بن أبي موسى الهاشمي ، وصلى عليه
nindex.php?page=showalam&ids=15298المقتدي بأمر الله .
وكان عمره ستا وسبعين سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيام ، وخلافته أربعا وأربعين سنة وثمانية أشهر وأياما ، وقيل كان مولده ثامن عشر ذي
[ ص: 252 ] الحجة سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة ، ( وعلى هذا يكون عمره ستا وسبعين سنة وتسعة أشهر وخمسة وعشرين يوما .
وأمه أم ولد تسمى
قطر الندى ، أرمنية ، وقيل رومية ، أدركت خلافته ، وقيل اسمها
علم . وماتت في رجب سنة اثنين وخمسين وأربعمائة .
وكان
القائم جميلا ، مليح الوجه ، أبيض ، مشربا حمرة ، حسن الجسم ، ورعا ، دينا ، زاهدا ، عالما قوي اليقين بالله تعالى ، كثير الصبر ، وكان
للقائم عناية بالأدب ، ومعرفة حسنة بالكتابة ، ولم يكن يرتضي أكثر ما يكتب من الديوان ، فكان يصلح فيه أشياء ، وكان مؤثرا للعدل والإنصاف يريد قضاء حوائج الناس ، لا يرى المنع من شيء يطلب منه .
قال
محمد بن علي بن عامر الوكيل : دخلت يوما إلى المخزن ، فلم يبق أحد إلا أعطاني قصة ، فامتلأت أكمامي منها ، فقلت في نفسي : لو كان الخليفة أخي لأعرض عن هذه كلها ، فألقيتها في بركة ،
والقائم ينظر ولا أشعر ، فلما دخلت إليه أمر الخدم بإخراج الرقاع من البركة ، فأخرجت ، ووقف عليها ، ووقع فيها بأغراض أصحابها ، ثم قال لي : ما حملك على هذا ؟ فقلت : خوف الضجر منها ، فقال : لا تعد إلى مثلها ! فإنا ما أعطيناهم من أموالنا شيئا ، إنما نحن وكلاء .
ووزر
للقائم أبو طالب محمد بن أيوب ،
وأبو الفتح بن دارست ، ورئيس الرؤساء ،
وأبو نصر بن جهير ، وكان قاضيه
nindex.php?page=showalam&ids=13484ابن ماكولا ،
nindex.php?page=showalam&ids=12712وأبو عبد الله الدامغاني .
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33800خلافة nindex.php?page=showalam&ids=15298المقتدي بأمر الله .
لما توفي
nindex.php?page=showalam&ids=14932القائم بأمر الله بويع
nindex.php?page=showalam&ids=15298المقتدي بأمر الله بن محمد بن القائم بالخلافة ، وحضر
nindex.php?page=showalam&ids=13604مؤيد الملك بن نظام الملك ، والوزير
فخر الدولة بن جهير وابنه
[ ص: 253 ] عميد الدولة ، والشيخ
أبو إسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=12785وأبو نصر بن الصباغ ، ونقيب النقباء
طراد ، والنقيب
الطاهر المعمر بن محمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14275وقاضي القضاة أبو عبد الله الدامغاني ، وغيرهم من الأعيان والأماثل ، فبايعوه .
وقيل : كان أول من بايعه
الشريف أبو جعفر بن أبي موسى الهاشمي ، فإنه لما فرغ من غسل
القائم بايعه ، وأنشده :
إذا سيد منا مضى قام سيد
ثم أرتج عليه ، فقال
المقتدي :
قئول بما قال الكرام فعول
فلما فرغوا من البيعة صلى بهم العصر .
ولم يكن
للقائم من أعقابه ذكر سواه ، فإن
الذخيرة أبا العباس محمد بن القائم توفي أيام أبيه ولم يكن له غيره ، فأيقن الناس بانقراض نسله ، وانتقال الخلافة من البيت القادري إلى غيره ، ولم يشكوا في اختلال الأحوال بعد
القائم ، لأن من عدا البيت القادري كانوا يخالطون العامة في البلد ، ويجرون مجرى السوقة ، فلو اضطر الناس إلى خلافة أحدهم لم يكن له ذلك القبول ، ولا تلك الهيبة ، فقدر الله تعالى أن
الذخيرة أبا العباس كان له جارية اسمها
أرجوان ، وكان يلم بها ، فلما توفي ورأت ما نال
القائم من المصيبة واستعظمه من انقراض عقبه ، ذكرت أنها حامل ، فتعلقت النفوس بذلك ، فولدت بعد موت سيدها بستة أشهر
المقتدي ، فاشتد فرح
القائم ، وعظم سروره وبالغ [ في ] الإشفاق عليه والمحبة له .
فلما كانت حادثة البساسيري كان
للمقتدي قريب أربع سنين ، فأخفاه أهله ، وحمله
أبو الغنائم بن المحلبان إلى
حران ، كما ذكرنا ولما عاد
القائم إلى
بغداذ أعيد
المقتدي إليه . فلما بلغ الحلم جعله ولي عهد ، ولما ولي الخلافة أقر
فخر الدولة [ ص: 254 ] بن جهير على وزارته بوصية من
القائم بذلك ، وسير
عميد الدولة بن فخر الدولة بن جهير إلى
nindex.php?page=showalam&ids=17148السلطان ملكشاه لأخذ البيعة ، وكان مسيره في شهر رمضان ، وأرسل معه من أنواع الهدايا ما يجل عن الوصف .
ذكر عدة حوادث .
في هذه السنة ، في شوال ، وقعت نار
ببغداذ في دكان خباز
بنهر المعلى ، فاحترقت من السوق مائة وثمانون دكانا سوى الدور ، ثم وقعت نار في
المأمونية ، ثم في
الظفرية ، ثم في
درب المطبخ ، ثم في دار الخليفة ، ثم في
حمام السمرقندي ، ثم في
باب الأزج ودرب خراسان ، ثم في الجانب الغربي في
نهر طابق ،
ونهر القلائين ،
والقطيعة ،
وباب البصرة ، واحترق ما لا يحصى .
وفيها أرسل
nindex.php?page=showalam&ids=15234المستنصر بالله العلوي ، صاحب
مصر ، إلى صاحب
مكة nindex.php?page=showalam&ids=12534ابن أبي هاشم رسالة وهدية جلية ، وطلب منه أن يعيد الخطبة
بمكة حرسها الله تعالى ، وقال : إن أيمانك وعهودك كانت
للقائم ،
وللسلطان ألب أرسلان ، وقد ماتا ، فخطب له
بمكة وقطع خطبة
المقتدي ، وكانت مدة الخطبة العباسية
بمكة أربع سنين وخمسة أشهر ، ثم أعيدت في ذي الحجة سنة ثمان وستين [ وأربعمائة ] .
[ ص: 255 ] وفيها كانت الحرب شديدة بين
بني رياح وزغبة ببلاد
إفريقية ، فقويت
بنو رياح على
زغبة فهزموهم وأخرجوهم عن البلاد .
وفيها جمع
نظام الملك ،
والسلطان ملكشاه ، جماعة من أعيان المنجمين ، وجعلوا النيروز أول نقطة من الحمل ، وكان النيروز قبل ذلك عند حلول الشمس نصف الحوت . وصار ما فعله السلطان مبدأ التقاويم .
وفيها أيضا عمل الرصد
nindex.php?page=showalam&ids=17148للسلطان ملكشاه ، واجتمع جماعة من أعيان المنجمين في عمله منهم :
عمر بن إبراهيم الخيامي ،
وأبو المظفر الإسفزاري وميمون بن النجيب الواسطي ، وغيرهم ، وخرج عليه من الأموال شيء عظيم ، وبقي الرصد دائرا إلى أن مات السلطان سنة خمس وثمانين وأربعمائة ، فبطل ( بعد موته ) .
[ ص: 251 ] 467
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=34064_33782وَفَاةِ nindex.php?page=showalam&ids=14932الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَذِكْرُ بَعْضِ سِيرَتِهِ .
فِي هَذِهِ السَّنَةِ ، لَيْلَةَ الْخَمِيسِ ثَالِثَ عَشَرَ شَعْبَانَ ، تُوُفِّيَ
nindex.php?page=showalam&ids=14932الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَاسْمُهُ
عَبْدُ اللَّهِ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ الْقَادِرِ بِاللَّهِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ الْأَمِيرِ إِسْحَاقَ بْنِ الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ أَبِي الْفَضْلِ بْنِ الْمُعْتَضِدِ بِاللَّهِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ .
وَكَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ أَنَّهُ قَدْ أَصَابَهُ شَرَى ، فَافْتَصَدَ ، وَنَامَ مُنْفَرِدًا ، فَانْفَجَرَ فَصَادُهُ ، وَخَرَجَ مِنْهُ دَمٌ كَثِيرٌ وَلَمْ يَشْعُرْ ، فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ضَعُفَ وَسَقَطَتْ قُوَّتُهُ ، فَأَيْقَنَ بِالْمَوْتِ ، فَأَحْضَرَ وَلِيَّ الْعَهْدِ ، وَوَصَّاهُ بِوَصَايَا ، وَأَحْضَرَ النَّقِيبَيْنِ وَقَاضِيَ الْقُضَاةِ وَغَيْرَهُمْ مَعَ الْوَزِيرِ
ابْنِ جَهِيرٍ ، وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ جَعَلَ ابْنَ ابْنِهِ
أَبَا الْقَاسِمِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَلِيَّ عَهْدِهِ .
وَلَمَّا تُوُفِّيَ غَسَّلَهُ
الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ أَبِي مُوسَى الْهَاشِمِيُّ ، وَصَلَّى عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=15298الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ .
وَكَانَ عُمْرُهُ سِتًّا وَسَبْعِينَ سَنَةً وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَخَمْسَةَ أَيَّامٍ ، وَخِلَافَتُهُ أَرْبَعًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَأَيَّامًا ، وَقِيلَ كَانَ مَوْلِدُهُ ثَامِنَ عَشَرَ ذِي
[ ص: 252 ] الْحِجَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ ، ( وَعَلَى هَذَا يَكُونُ عُمْرُهُ سِتًّا وَسَبْعِينَ سَنَةً وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا .
وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ تُسَمَّى
قَطْرَ النَّدَى ، أَرْمَنِيَّةٌ ، وَقِيلَ رُومِيَّةٌ ، أَدْرَكَتْ خِلَافَتَهُ ، وَقِيلَ اسْمُهَا
عَلَمُ . وَمَاتَتْ فِي رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ .
وَكَانَ
الْقَائِمُ جَمِيلًا ، مَلِيحَ الْوَجْهِ ، أَبْيَضَ ، مُشْرَبًا حُمْرَةً ، حَسَنَ الْجِسْمِ ، وَرِعًا ، دَيِّنًا ، زَاهِدًا ، عَالِمًا قَوِيَّ الْيَقِينِ بِاللَّهِ تَعَالَى ، كَثِيرَ الصَّبْرِ ، وَكَانَ
لِلْقَائِمِ عِنَايَةٌ بِالْأَدَبِ ، وَمَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ بِالْكِتَابَةِ ، وَلَمْ يَكُنْ يَرْتَضِي أَكْثَرَ مَا يُكْتَبُ مِنَ الدِّيوَانِ ، فَكَانَ يُصْلِحُ فِيهِ أَشْيَاءَ ، وَكَانَ مُؤْثِرًا لِلْعَدْلِ وَالْإِنْصَافِ يُرِيدُ قَضَاءَ حَوَائِجِ النَّاسِ ، لَا يَرَى الْمَنْعَ مِنْ شَيْءٍ يُطْلَبُ مِنْهُ .
قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَامِرٍ الْوَكِيلُ : دَخَلْتُ يَوْمًا إِلَى الْمَخْزَنِ ، فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلَّا أَعْطَانِي قَصَّةً ، فَامْتَلَأَتْ أَكْمَامِي مِنْهَا ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : لَوْ كَانَ الْخَلِيفَةُ أَخِي لَأَعْرَضَ عَنْ هَذِهِ كُلِّهَا ، فَأَلْقَيْتُهَا فِي بِرْكَةٍ ،
وَالْقَائِمُ يَنْظُرُ وَلَا أَشْعُرُ ، فَلَمَّا دَخَلْتُ إِلَيْهِ أَمَرَ الْخَدَمِ بِإِخْرَاجِ الرِّقَاعِ مِنَ الْبِرْكَةِ ، فَأُخْرِجَتْ ، وَوَقَفَ عَلَيْهَا ، وَوَقَعَ فِيهَا بِأَغْرَاضِ أَصْحَابِهَا ، ثُمَّ قَالَ لِي : مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا ؟ فَقُلْتُ : خَوْفَ الضَّجَرِ مِنْهَا ، فَقَالَ : لَا تَعُدْ إِلَى مِثْلِهَا ! فَإِنَّا مَا أَعْطَيْنَاهُمْ مِنْ أَمْوَالِنَا شَيْئًا ، إِنَّمَا نَحْنُ وُكَلَاءُ .
وَوَزَرَ
لِلْقَائِمِ أَبُو طَالِبٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ،
وَأَبُو الْفَتْحِ بْنُ دَارَسَتْ ، وَرَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ ،
وَأَبُو نَصْرِ بْنُ جَهِيرٍ ، وَكَانَ قَاضِيَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13484ابْنُ مَاكُولَا ،
nindex.php?page=showalam&ids=12712وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدَّامَغَانِيُّ .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33800خِلَافَةِ nindex.php?page=showalam&ids=15298الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ .
لَمَّا تُوُفِّيَ
nindex.php?page=showalam&ids=14932الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ بُويِعَ
nindex.php?page=showalam&ids=15298الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَائِمِ بِالْخِلَافَةِ ، وَحَضَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=13604مُؤَيِّدُ الْمُلْكِ بْنُ نِظَامِ الْمُلْكِ ، وَالْوَزِيرُ
فَخْرُ الدَّوْلَةِ بْنُ جَهِيرٍ وَابْنُهُ
[ ص: 253 ] عَمِيدُ الدَّوْلَةِ ، وَالشَّيْخُ
أَبُو إِسْحَاقَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12785وَأَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ ، وَنَقِيبُ النُّقَبَاءِ
طِرَادٌ ، وَالنَّقِيبُ
الطَّاهِرُ الْمُعَمِّرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14275وَقَاضِي الْقُضَاةِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الدَّامَغَانِيُّ ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْأَمَاثِلِ ، فَبَايَعُوهُ .
وَقِيلَ : كَانَ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَهُ
الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ أَبِي مُوسَى الْهَاشِمِيُّ ، فَإِنَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ غَسْلِ
الْقَائِمِ بَايَعَهُ ، وَأَنْشَدَهُ :
إِذَا سَيِّدٌ مِنَّا مَضَى قَامَ سَيِّدٌ
ثُمَّ أُرْتِجَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ
الْمُقْتَدِي :
قَئُولٌ بِمَا قَالَ الْكِرَامُ فَعُولُ
فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ الْبَيْعَةِ صَلَّى بِهِمُ الْعَصْرَ .
وَلَمْ يَكُنْ
لِلْقَائِمِ مِنْ أَعْقَابِهِ ذَكَرٌ سِوَاهُ ، فَإِنَّ
الذَّخِيرَةَ أَبَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدَ بْنَ الْقَائِمِ تُوُفِّيَ أَيَّامَ أَبِيهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ ، فَأَيْقَنَ النَّاسُ بِانْقِرَاضِ نَسْلِهِ ، وَانْتِقَالِ الْخِلَافَةِ مِنَ الْبَيْتِ الْقَادِرِيِّ إِلَى غَيْرِهِ ، وَلَمْ يَشُكُّوا فِي اخْتِلَالِ الْأَحْوَالِ بَعْدَ
الْقَائِمِ ، لِأَنَّ مَنْ عَدَا الْبَيْتِ الْقَادِرِيِّ كَانُوا يُخَالِطُونَ الْعَامَّةَ فِي الْبَلَدِ ، وَيَجْرُونَ مَجْرَى السُّوقَةِ ، فَلَوِ اضْطَرَّ النَّاسُ إِلَى خِلَافَةِ أَحَدِهِمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ الْقَبُولُ ، وَلَا تِلْكَ الْهَيْبَةُ ، فَقَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ
الذَّخِيرَةَ أَبَا الْعَبَّاسِ كَانَ لَهُ جَارِيَةً اسْمُهَا
أُرْجُوَانُ ، وَكَانَ يُلِمُّ بِهَا ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَرَأَتْ مَا نَالَ
الْقَائِمَ مِنَ الْمُصِيبَةِ وَاسْتَعْظَمَهُ مِنِ انْقِرَاضِ عَقِبِهِ ، ذَكَرَتْ أَنَّهَا حَامِلٌ ، فَتَعَلَّقَتِ النُّفُوسُ بِذَلِكَ ، فَوَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ
الْمُقْتَدِي ، فَاشْتَدَّ فَرَحُ
الْقَائِمِ ، وَعَظُمَ سُرُورُهُ وَبَالَغَ [ فِي ] الْإِشْفَاقِ عَلَيْهِ وَالْمَحَبَّةِ لَهُ .
فَلَمَّا كَانَتْ حَادِثَةُ الْبَسَاسِيرِيِّ كَانَ
لِلْمُقْتَدِي قَرِيبُ أَرْبَعِ سِنِينَ ، فَأَخْفَاهُ أَهْلُهُ ، وَحَمْلَهُ
أَبُو الْغَنَائِمِ بْنُ الْمَحْلَبَانِ إِلَى
حَرَّانَ ، كَمَا ذَكَرْنَا وَلَمَّا عَادَ
الْقَائِمُ إِلَى
بَغْدَاذَ أُعِيدَ
الْمُقْتَدِي إِلَيْهِ . فَلَمَّا بَلَغَ الْحُلُمَ جَعَلَهُ وَلِيَّ عَهْدٍ ، وَلَمَّا وَلِيَ الْخِلَافَةَ أَقَرَّ
فَخْرَ الدَّوْلَةِ [ ص: 254 ] بْنَ جَهِيرٍ عَلَى وِزَارَتِهِ بِوَصِيَّةٍ مِنَ
الْقَائِمِ بِذَلِكَ ، وَسَيَّرَ
عَمِيدَ الدَّوْلَةِ بْنَ فَخْرِ الدَّوْلَةِ بْنِ جَهِيرٍ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=17148السُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ لِأَخْذِ الْبَيْعَةِ ، وَكَانَ مَسِيرُهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَأَرْسَلَ مَعَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْهَدَايَا مَا يَجِلُّ عَنِ الْوَصْفِ .
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ .
فِي هَذِهِ السَّنَةِ ، فِي شَوَّالٍ ، وَقَعَتْ نَارٌ
بِبَغْدَاذَ فِي دُكَّانِ خَبَّازٍ
بِنَهْرِ الْمُعَلَّى ، فَاحْتَرَقَتْ مِنَ السُّوقِ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ دُكَّانًا سِوَى الدُّورِ ، ثُمَّ وَقَعَتْ نَارٌ فِي
الْمَأْمُونِيَّةِ ، ثُمَّ فِي
الظَّفَرِيَّةِ ، ثُمَّ فِي
دَرْبِ الْمَطْبَخِ ، ثُمَّ فِي دَارِ الْخَلِيفَةِ ، ثُمَّ فِي
حَمَّامِ السَّمَرْقَنْدِيِّ ، ثُمَّ فِي
بَابِ الْأَزَجِ وَدَرْبِ خُرَاسَانَ ، ثُمَّ فِي الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ فِي
نَهْرِ طَابِقٍ ،
وَنَهْرِ الْقَلَّائِينَ ،
وَالْقَطِيعَةِ ،
وَبَابِ الْبَصْرَةِ ، وَاحْتَرَقَ مَا لَا يُحْصَى .
وَفِيهَا أَرْسَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=15234الْمُسْتَنْصِرُ بِاللَّهِ الْعَلَوِيُّ ، صَاحِبُ
مِصْرَ ، إِلَى صَاحِبِ
مَكَّةَ nindex.php?page=showalam&ids=12534ابْنِ أَبِي هَاشِمٍ رِسَالَةً وَهَدِيَّةً جَلِيَّةً ، وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُعِيدَ الْخُطْبَةَ
بِمَكَّةَ حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى ، وَقَالَ : إِنَّ أَيْمَانَكَ وَعُهُودَكَ كَانَتْ
لِلْقَائِمِ ،
وَلِلسُّلْطَانِ أَلْب أَرْسَلَانَ ، وَقَدْ مَاتَا ، فَخَطَبَ لَهُ
بِمَكَّةَ وَقَطَعَ خُطْبَةَ
الْمُقْتَدِي ، وَكَانَتْ مُدَّةُ الْخُطْبَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ
بِمَكَّةَ أَرْبَعَ سِنِينَ وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ ، ثُمَّ أُعِيدَتْ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ [ وَأَرْبَعِمِائَةٍ ] .
[ ص: 255 ] وَفِيهَا كَانَتِ الْحَرْبُ شَدِيدَةٌ بَيْنَ
بَنِي رِيَاحٍ وَزُغْبَةَ بِبِلَادِ
إِفْرِيقِيَّةَ ، فَقَوِيَتْ
بَنُو رِيَاحٍ عَلَى
زُغْبَةَ فَهَزَمُوهُمْ وَأَخْرَجُوهُمْ عَنِ الْبِلَادِ .
وَفِيهَا جَمَعَ
نِظَامُ الْمُلْكِ ،
وَالسُّلْطَانُ مَلِكْشَاهْ ، جَمَاعَةً مِنْ أَعْيَانِ الْمُنَجِّمِينَ ، وَجَعَلُوا النَّيْرُوزَ أَوَّلَ نُقْطَةٍ مِنَ الْحَمَلِ ، وَكَانَ النَّيْرُوزُ قَبْلَ ذَلِكَ عِنْدَ حُلُولِ الشَّمْسِ نِصْفَ الْحُوتِ . وَصَارَ مَا فَعَلَهُ السُّلْطَانُ مَبْدَأَ التَّقَاوِيمِ .
وَفِيهَا أَيْضًا عُمِلَ الرَّصْدُ
nindex.php?page=showalam&ids=17148لِلسُّلْطَانِ مَلِكْشَاهْ ، وَاجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَعْيَانِ الْمُنَجِّمِينَ فِي عَمَلِهِ مِنْهُمْ :
عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْخَيَّامِيُّ ،
وَأَبُو الْمُظَفَّرِ الْإِسْفَزَارِيُّ وَمَيْمُونُ بْنُ النَّجِيبِ الْوَاسِطِيُّ ، وَغَيْرُهُمْ ، وَخَرَجَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَمْوَالِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ، وَبَقِيَ الرَّصْدُ دَائِرًا إِلَى أَنْ مَاتَ السُّلْطَانُ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ ، فَبَطَلَ ( بَعْدَ مَوْتِهِ ) .