ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33881_34064وفاة تميم بن المعز صاحب إفريقية وولاية ابنه يحيى
في هذه السنة ، في رجب ، توفي
nindex.php?page=showalam&ids=12969تميم بن المعز بن باديس ، صاحب
إفريقية ، وكان شهما ، شجاعا ، ذكيا ، له معرفة حسنة ، وكان حليما ، كثير العفو عن الجرائم العظيمة ، وله شعر حسن ، فمنه أنه وقعت حرب بين طائفتين من العرب ، وهم
عدي ،
ورياح ، فقتل رجل من
رياح ، ثم اصطلحوا ، وأهدروا دمه ، وكان صلحهم ما يضر به وببلاده ، فقال أبياتا يحرض على الطلب بدمه ، وهي :
متى كانت دماؤكم تطل أما فيكم بثأر مستقل أغانم ثم سالم إن فشلتم
فما كانت أوائلكم تذل
[ ص: 557 ] ونمتم عن طلاب الثأر حتى
كأن العز فيكم مضمحل وما كسرتم فيه العوالي
ولا بيض تفل ، ولا تسل
فعمد إخوة المقتول فقتلوا أميرا من
عدي ، واشتد بينهم القتال ، وكثرت القتلى ، حتى أخرجوا
بني عدي من
إفريقية .
قيل : إنه اشترى جارية بثمن كثير ، فبلغه أن مولاها الذي باعها ذهب عقله وأسف على فراقها ، فأحضره
تميم إلى بين يديه ، وأرسل الجارية إلى داره ، ومعها الكسوات ، والأواني الفضة ، وغيرها ، ومن الطيب ، وغيره ، شيء كثير ، ثم أمر مولاها بالانصراف ، وهو لا يعلم بذلك ، فلما وصل إلى داره ورآها على تلك الحال وقع مغشيا عليه لكثرة سروره ، ثم أفاق . فلما كان الغد أخذ الثمن ، وجميع ما كان معها ، وحمله إلى دار
تميم ، فانتهره ، وأمره بإعادة جميع ذلك إلى داره .
وكان له في البلاد أصحاب أخبار يجري عليهم أرزاقا سنية ليطالعوه بأحوال أصحابه لئلا يظلموا الناس ، فكان
بالقيروان تاجر له مال وثروة ، فذكر في بعض الأيام التجار
تميما ، ودعوا له ، وذلك التاجر حاضر ، فترحم على أبيه
المعز ، ولم يذكره ، فرفع ذلك إلى
تميم ، فأحضره إلى قصره وسأله : هل ظلمتك ؟ فقال : لا ! قال : فهل ظلمك بعض أصحابي ؟ قال : لا ! قال : فلم أطلقت لسانك أمس بذمي ؟ فسكت ، فقال : لولا أن يقال شره في ماله لقتلتك ، ثم أمر به فصفع في حضرته قليلا ، ثم أطلقه فخرج ، وأصحابه ينتظرونه ، فسألوه عن خبره ، فقال : أسرار الملوك لا تذاع ، فصارت
بإفريقية مثلا .
ولما توفي كان عمره تسعا وسبعين سنة ، وكانت ولايته ستا وأربعين سنة وعشرة أشهر وعشرين يوما ، وخلف من الذكور ما يزيد على مائة ، ومن البنات ستين بنتا ، ولما توفي ملك بعده ابنه
يحيى بن تميم ، وكانت ولادته
بالمهدية لأربع بقين من ذي الحجة سنة سبع وخمسين وأربعمائة ، وكان عمره حين ولي ثلاثا وأربعين سنة وستة أشهر وعشرين يوما ، ولما ولي فرق أموالا جزيلة ، وأحسن السيرة في الرعية .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33881_34064وَفَاةِ تَمِيمِ بْنِ الْمُعِزِّ صَاحِبِ إِفْرِيقِيَّةَ وَوِلَايَةِ ابْنِهِ يَحْيَى
فِي هَذِهِ السَّنَةِ ، فِي رَجَبٍ ، تُوُفِّيَ
nindex.php?page=showalam&ids=12969تَمِيمُ بْنُ الْمُعِزِّ بْنِ بَادِيسٍ ، صَاحِبُ
إِفْرِيقِيَّةَ ، وَكَانَ شَهْمًا ، شُجَاعًا ، ذَكِيًّا ، لَهُ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ ، وَكَانَ حَلِيمًا ، كَثِيرَ الْعَفْوِ عَنِ الْجَرَائِمِ الْعَظِيمَةِ ، وَلَهُ شِعْرٌ حَسَنٌ ، فَمِنْهُ أَنَّهُ وَقَعَتْ حَرْبٌ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ مِنَ الْعَرَبِ ، وَهُمْ
عَدِيٌّ ،
وَرَيَاحٌ ، فَقُتِلَ رَجُلٌ مِنْ
رَيَاحٍ ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا ، وَأَهْدَرُوا دَمَهُ ، وَكَانَ صُلْحُهُمْ مَا يَضُرُّ بِهِ وَبِبِلَادِهِ ، فَقَالَ أَبْيَاتًا يُحَرِّضُ عَلَى الطَّلَبِ بِدَمِهِ ، وَهِيَ :
مَتَّى كَانَتْ دِمَاؤُكُمْ تُطِلُّ أَمَا فِيكُمْ بِثَأْرٍ مُسْتَقِلُّ أَغَانِمُ ثُمَّ سَالِمُ إِنْ فَشِلْتُمْ
فَمَا كَانَتْ أَوَائِلُكُمْ تَذِلُّ
[ ص: 557 ] وَنِمْتُمْ عَنْ طِلَابِ الثَّأْرِ حَتَّى
كَأَنَّ الْعِزَّ فِيكُمْ مُضْمَحِلٌّ وَمَا كَسَّرْتُمُ فِيهِ الْعَوَالِي
وَلَا بِيضٌ تُفَلُّ ، وَلَا تُسَلُّ
فَعَمَدَ إِخْوَةُ الْمَقْتُولِ فَقَتَلُوا أَمِيرًا مِنْ
عَدِيٍّ ، وَاشْتَدَّ بَيْنَهُمُ الْقِتَالُ ، وَكَثُرَتِ الْقَتْلَى ، حَتَّى أَخْرَجُوا
بَنِي عَدِيٍّ مِنْ
إِفْرِيقِيَّةَ .
قِيلَ : إِنَّهُ اشْتَرَى جَارِيَةً بِثَمَنٍ كَثِيرٍ ، فَبَلَغَهُ أَنَّ مَوْلَاهَا الَّذِي بَاعَهَا ذَهَبَ عَقْلُهُ وَأَسِفَ عَلَى فِرَاقِهَا ، فَأَحْضَرَهُ
تَمِيمٌ إِلَى بَيْنِ يَدَيْهِ ، وَأَرْسَلَ الْجَارِيَةَ إِلَى دَارِهِ ، وَمَعَهَا الْكِسْوَاتُ ، وَالْأَوَانِي الْفِضَّةُ ، وَغَيْرُهَا ، وَمِنَ الطِّيبِ ، وَغَيْرِهِ ، شَيْءٌ كَثِيرٌ ، ثُمَّ أَمَرَ مَوْلَاهَا بِالِانْصِرَافِ ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى دَارِهِ وَرَآهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ وَقَعَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ لِكَثْرَةِ سُرُورِهِ ، ثُمَّ أَفَاقَ . فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَخَذَ الثَّمَنَ ، وَجَمِيعَ مَا كَانَ مَعَهَا ، وَحَمَلَهُ إِلَى دَارِ
تَمِيمٍ ، فَانْتَهَرَهُ ، وَأَمَرَهُ بِإِعَادَةِ جَمِيعِ ذَلِكَ إِلَى دَارِهِ .
وَكَانَ لَهُ فِي الْبِلَادِ أَصْحَابُ أَخْبَارٍ يُجْرِي عَلَيْهِمْ أَرْزَاقًا سَنِيَّةً لِيُطَالِعُوهُ بِأَحْوَالِ أَصْحَابِهِ لِئَلَّا يَظْلِمُوا النَّاسَ ، فَكَانَ
بِالْقَيْرَوَانِ تَاجِرٌ لَهُ مَالٌ وَثَرْوَةٌ ، فَذَكَرَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ التُّجَّارُ
تَمِيمًا ، وَدَعَوْا لَهُ ، وَذَلِكَ التَّاجِرُ حَاضِرٌ ، فَتَرَحَّمَ عَلَى أَبِيهِ
الْمُعِزِّ ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى
تَمِيمٍ ، فَأَحْضَرَهُ إِلَى قَصْرِهِ وَسَأَلَهُ : هَلْ ظَلَمْتُكَ ؟ فَقَالَ : لَا ! قَالَ : فَهَلْ ظَلَمَكَ بَعْضُ أَصْحَابِي ؟ قَالَ : لَا ! قَالَ : فَلِمَ أَطْلَقْتَ لِسَانَكَ أَمْسِ بِذَمِّي ؟ فَسَكَتَ ، فَقَالَ : لَوْلَا أَنْ يُقَالَ شَرِهَ فِي مَالِهِ لَقَتَلْتُكَ ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَصُفِعَ فِي حَضْرَتِهِ قَلِيلًا ، ثُمَّ أَطْلَقَهُ فَخَرَجَ ، وَأَصْحَابُهُ يَنْتَظِرُونَهُ ، فَسَأَلُوهُ عَنْ خَبَرِهِ ، فَقَالَ : أَسْرَارُ الْمُلُوكِ لَا تُذَاعُ ، فَصَارَتْ
بِإِفْرِيقِيَّةَ مَثَلًا .
وَلَمَّا تُوُفِّيَ كَانَ عُمُرُهُ تِسْعًا وَسَبْعِينَ سَنَةً ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَعَشَرَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا ، وَخَلَّفَ مِنَ الذُّكُورِ مَا يَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ ، وَمِنَ الْبَنَاتِ سِتِّينَ بِنْتًا ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ مَلَكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ
يَحْيَى بْنُ تَمِيمٍ ، وَكَانَتْ وِلَادَتُهُ
بِالْمَهْدِيَّةِ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ ، وَكَانَ عُمُرُهُ حِينَ وُلِّيَ ثَلَاثًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا ، وَلَمَّا وُلِّيَ فَرَّقَ أَمْوَالًا جَزِيلَةً ، وَأَحْسَنَ السِّيرَةَ فِي الرَّعِيَّةِ .