[ ص: 679 ] ذكر القبض على  ابن صدقة  وزير الخليفة ونيابة   علي بن طراد   
في جمادى الأولى قبض الخليفة على وزيره  جلال الدين بن صدقة  ، وقد تقدم ذكره قبل ، وأقيم نقيب النقباء  شرف الدين علي بن طراد الزينبي  في نيابة الوزارة ، فأرسل السلطان إلى  المسترشد بالله  في معنى الوزارة  نظام الملك أبي نصر أحمد بن نظام الملك  ، وكان أخو  شمس الملك عثمان بن نظام  الملك وزير  السلطان محمود  ، فأجيب إلى ذلك ، واستوزر في شعبان . 
وكان قد وزر  للسلطان محمد  سنة خمسمائة ، ثم عزل ، ولزم دارا استجدها ببغداذ  إلى الآن . فلما خلع على نظام الملك ، وجلس في الديوان ، طلب أن يخرج  ابن صدقة  عن بغداذ  ، فلما علم  ابن صدقة  ذلك طلب من الخليفة أن يسير إلى حديثة عانة ليكون عند الأمير  سليمان بن مهارش  ، فأجيب إلى ما طلب . 
وسار إلى الحديثة ، فخرج عليه في الطريق إنسان من مفسدي التركمان  يقال له  يونس الحرامي  ، فأسره ونهب أصحابه ، فخاف الوزير أن يعلم  دبيس  فأرسل إلى  يونس  وبذل له مالا يأخذه منه للعداوة التي بينهما ، فقرر أمره مع يونس على ألف دينار يعجل منها ثلاثمائة ، ويؤخر الباقي إلى أن يرسله من الحديثة . 
وراسل عامل بلد الفرات  في تخليصه ، وإنفاذ من يضمن الباقي عليه ، فأعمل العامل الحيلة في ذلك ، فأحضر إنسانا فلاحا وألبسه ثيابا فاخرة وطيلسانا ، وأركبه وسير معه غلمانا ، وأمره أن يمضي إلى  يونس  ويدعي أنه قاضي بلد الفرات  ، ويضمن الوزير منه ما بقي من المال ، فسار السوادي إلى  يونس  ، فلما حضر عند الوزير  ويونس  احترماه ، وضمن السوادي الوزير منه ، وقال له : أقيم عندك إلى أن يصل المال مع صاحب لك تنفذه مع الوزير ، فاعتقد  يونس  صدق ذلك وأطلق الوزير ومعه جماعة من أصحابه ، فلما وصل الحديثة قبض على من معه منهم ، فأطلق  يونس  ذلك السوادي ، والمال الذي أخذه ، حتى أطلق الوزير أصحابه ، وعلم الحيل التي تمت عليه . 
ولما سار الوزير من عند  يونس  لقي إنسانا أنكره ، فأخذه ، فرأى معه كتابا من   [ ص: 680 ] دبيس  إلى  يونس  يبذل ستة آلاف دينار ليسلم الوزير إليه ، وكان خلاصه من أعجب الأشياء . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					