ذكر مخالفة  مروان بن محمد   
وفي هذه السنة أظهر  مروان بن محمد  الخلاف  ليزيد بن الوليد     . 
وكان السبب في ذلك أن  الوليد  لما قتل كان  عبد الملك بن مروان بن محمد  مع  الغمر بن يزيد  أخي  الوليد  بحران  بعد انصرافه من الصائفة ، وكان على الجزيرة  عبدة بن الرياح الغساني  عاملا  للوليد  ، فلما قتل  الوليد  سار  عبدة  عنها إلى الشام  ، فوثب  عبد الملك بن مروان بن محمد  على حران  والجزيرة  فضبطهما ، وكتب إلى أبيه بإرمينية  يعلمه بذلك ويشير عليه بتعجيل السير . فتهيأ  مروان  للمسير وأنفذ إلى الثغور من يضبطها ويحفظها ، وأظهر أنه يطلب بدم  الوليد  ، وسار ومعه الجنود ومعه  ثابت بن نعيم الجذامي  من أهل فلسطين    . 
وسبب صحبته له أن  هشاما  كان قد حبسه ، وسبب حبسه أن  هشاما  أرسله إلى إفريقية  لما قتلوا عامله  كلثوم بن عياض  فأفسد الجند ، فحبسه  هشام  ، وقدم  مروان  على  هشام  في بعض وفاداته فشفع فيه فأطلقه فاستصحبه معه . 
فلما سار  مروان  مسيره هذا أمر  ثابت بن نعيم  من مع  مروان  من أهل الشام  بالانضمام إليه ومفارقة  مروان  ليعودوا إلى الشام  ، فأجابوه إلى ذلك ، فاجتمع معه ضعف من مع  مروان  وباتوا يتحارسون ، فلما أصبحوا اصطفوا للقتال ، فأمر مروان منادين ينادون بين الصفين : يا أهل الشام  ما دعاكم إلى هذا ؟ ألم أحسن فيكم السيرة ؟ فأجابوه بأنا كنا نطيعك بطاعة الخليفة ، وقد قتل وبايع أهل الشام  يزيد  فرضينا بولاية  ثابت  ليسير بنا إلى أجنادنا . 
فنادوهم : كذبتم فإنكم لا تريدون ما قلتم ، وإنما تريدون أن تغصبوا من مررتم به من أهل الذمة أموالهم ! وما بيني وبينكم إلا السيف حتى تنقادوا إلي فأسير بكم إلى الغزاة ، ثم أترككم تلحقون بأجنادكم . فانقادوا له ، فأخذ  ثابت بن نعيم  وأولاده وحبسهم وضبط الجند ، حتى بلغ حران  وسيرهم إلى الشام  ، ودعا أهل الجزيرة    ( إلى الفرض ففرض   [ ص: 322 ] لنيف ) وعشرين ألفا وتجهز للمسير إلى  يزيد  ، وكاتبه  يزيد  ليبايع له ويوليه ما كان   عبد الملك بن مروان  ولى أباه  محمد بن مروان  من الجزيرة  وإرمينية  والموصل  وأذربيجان  ، فبايع له  مروان  وأعطاه  يزيد  ولاية ما ذكر له . 
				
						
						
