ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33746ظهور عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر
وفي هذه السنة ظهر
عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بالكوفة ودعا إلى نفسه .
وكان سبب ذلك أنه قدم على
عبد الله بن عمر بن عبد العزيز إلى
الكوفة ، فأكرمه وأجازه ، وأجرى عليه وعلى إخوته كل يوم ثلاثمائة درهم ، فكانوا كذلك حتى هلك
nindex.php?page=showalam&ids=17358يزيد بن الوليد ، وبايع الناس أخاه
nindex.php?page=showalam&ids=12368إبراهيم بن الوليد وبعده
عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك ، فلما بلغ خبر بيعتهما
عبد الله بن عمر بالكوفة بايع الناس ، وزاد في العطاء ، وكتب ببيعتهما إلى الآفاق ، فجاءته البيعة ، ثم بلغه امتناع
مروان بن محمد من البيعة ومسيره إليهما إلى
الشام ، فحبس
nindex.php?page=showalam&ids=16464عبد الله بن معاوية عنده وزاده فيما كان يجري عليه
[ ص: 334 ] وأعده
لمروان بن محمد إن هو ظفر
بإبراهيم بن الوليد ليبايع له ويقاتل به
مروان ، فماج الناس .
وورد
مروان الشام وظفر
بإبراهيم ، فانهزم
إسماعيل بن عبد الله القسري إلى
الكوفة مسرعا ، وافتعل كتابا على لسان
إبراهيم بإمرة
الكوفة ، وجمع اليمانية وأعلمهم ذلك ، فأجابوه ، وامتنع
عبد الله بن عمر عليه وقاتله .
فلما رأى الأمر كذلك خاف أن يظهر أمره فيفتضح ويقتل فقال لأصحابه : إني أكره سفك الدماء فكفوا أيديكم ، فكفوا . وظهر أمر
إبراهيم وهربه ، ووقعت العصبية بين الناس ، وكان سببها أن
عبد الله بن عمر كان أعطى
مضر وربيعة عطايا كثيرة ، ولم يعط
جعفر بن نافع بن القعقاع بن شور الذهلي وعثمان بن الخيبري من
تيم اللات بن ثعلبة شيئا ، وهما من
ربيعة ، فكانا مغضبين ، وغضب لهما
ثمامة بن حوشب بن رويم الشيباني ، وخرجوا من عند
عبد الله بن عمر وهو
بالحيرة إلى
الكوفة فنادوا : يا
آل ربيعة ! فاجتمعت
ربيعة وتنمروا .
وبلغ الخبر
عبد الله بن عمر فأرسل أخاه
عاصما ، فأتاهم وهم بدير هند ، فألقى نفسه بينهم وقال : هذه يدي لكم فاحكموا . فاستحيوا ورجعوا وعظموا
عاصما وشكروه . فلما كان المساء أرسل
عبد الله بن عمر إلى
عمر بن الغضبان بن القبعثري بمائة ألف ، فقسمها في قومه
بني همام بن مرة بن ذهل الشيباني ، وإلى
ثمامة بن حوشب بمائة ألف قسمها في قومه ، وأرسل إلى
جعفر بن نافع بمال ، وإلى
عثمان بن الخيبري بمال .
فلما رأت
الشيعة ضعف
عبد الله بن عمر طمعوا فيه ودعوا إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16464عبد الله بن معاوية ، واجتمعوا في المسجد وثاروا ، وأتوا
nindex.php?page=showalam&ids=16464عبد الله بن معاوية وأخرجوه من داره وأدخلوه القصر ، ومنعوا
عاصم بن عمر عن القصر ، فلحق بأخيه
بالحيرة ، وجاء
ابن معاوية الكوفيون فبايعوه ، فيهم :
عمر بن الغضبان ،
ومنصور بن جمهور ،
وإسماعيل بن عبد الله القسري أخو
خالد ، وأقام أياما يبايعه الناس ، وأتته البيعة من
المدائن وفم النيل ، واجتمع إليه الناس ، فخرج إلى
عبد الله بن عمر بالحيرة ، فقيل
nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر : قد أقبل
ابن معاوية [ ص: 335 ] في الخلق ، فأطرق مليا ، وأتاه رئيس خبازيه فأعلمه بإدراك الطعام ، فأمره بإحضاره ، فأحضره ، فأكل هو ومن معه وهو غير مكترث ، والناس يتوقعون أن يهجم عليهم
ابن معاوية ، وفرغ من طعامه وأخرج المال ففرقه في قواده ، ثم دعا مولى له كان يتبرك به ويتفاءل باسمه ، كان اسمه : إما ميمونا ، وإما رباحا ، أو فتحا ، أو اسما يتبرك به ، فأعطاه اللواء وقال له : امض به إلى موضع كذا فاركزه وادع أصحابك وأقم حتى آتيك . ففعل .
وخرج
عبد الله فإذا الأرض بيضاء من أصحاب
ابن معاوية ، فأمر
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مناديا فنادى : من جاء برأس فله خمسمائة . فأتي برءوس كثيرة وهو يعطي ما ضمن .
وبرز رجل من
أهل الشام ، فبرز إليه
القاسم بن عبد الغفار العجلي ، فسأله
الشامي فعرفه فقال : قد ظننت أنه لا يخرج إلي رجل من
بكر بن وائل ، والله ما أريد قتالك ولكن أحببت أن ألقي إليك حديثا ، أخبرك أنه ليس معكم رجل من
أهل اليمن ، لا
إسماعيل ولا
منصور ولا غيرهما ، إلا وقد كاتب
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وكاتبته
مضر ، وما أرى لكم يا
ربيعة كتابا ولا رسولا ، وأنا رجل من
قيس ، فإن أردتم الكتاب أبلغته ونحن غدا بإزائكم فإنهم اليوم لا يقاتلونكم .
فبلغ الخبر
ابن معاوية فأخبره
عمر بن الغضبان ، فأشار عليه أن يستوثق من
إسماعيل ومنصور وغيرهما ، فلم يفعل .
وأصبح الناس من الغد غادين على القتال ، فحمل
عمر بن الغضبان على ميمنة
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فانكشفوا ، ومضى
إسماعيل ومنصور من فورهما إلى
الحيرة ، فانهزم أصحاب
ابن معاوية إلى
الكوفة ،
وابن معاوية معهم ، فدخلوا القصر ، وبقي من بالميسرة من
ربيعة ومضر ومن بإزائهم من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، فقال
لعمر بن الغضبان : ما كنا نأمن عليكم ما صنع الناس بكم ، فانصرفوا . فقال
ابن الغضبان : لا أبرح حتى أقتل . فأخذ أصحابه بعنان دابته فأدخلوه
الكوفة ، فلما أمسوا قال لهم
ابن معاوية : يا معشر
ربيعة ، قد رأيتم ما صنع الناس بنا ، وقد أعلقنا دماءنا في أعناقكم ، فإن قاتلتم قاتلنا معكم ، وإن كنتم ترون الناس يخذلوننا وإياكم فخذوا لنا ولكم أمانا . فقال له
عمر بن الغضبان : ما نقاتل معكم وما نأخذ لكم أمانا كما نأخذ لأنفسنا . فأقاموا في القصر
والزيدية على أفواه السكك يقاتلون أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أياما .
ثم إن
ربيعة أخذت أمانا
لابن معاوية ولأنفسهم
وللزيدية ليذهبوا حيث شاءوا ، وسار
[ ص: 336 ] ابن معاوية من
الكوفة فنزل
المدائن ، فأتاه قوم من
أهل الكوفة ، فخرج بهم فغلب على
حلوان والجبال وهمدان وأصبهان والري ، وخرج إليه
عبيد أهل الكوفة . وكان شاعرا مجيدا ، فمن قوله :
ولا تركبن الصنيع الذي تلوم أخاك على مثله ولا يعجبنك قول امرئ
يخالف ما قال في فعله
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33746ظُهُورِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ ظَهَرَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِالْكُوفَةِ وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ .
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى
الْكُوفَةِ ، فَأَكْرَمَهُ وَأَجَازَهُ ، وَأَجْرَى عَلَيْهِ وَعَلَى إِخْوَتِهِ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ ، فَكَانُوا كَذَلِكَ حَتَّى هَلَكَ
nindex.php?page=showalam&ids=17358يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، وَبَايَعَ النَّاسُ أَخَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12368إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْوَلِيدِ وَبَعْدَهُ
عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ الْحَجَّاجِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ، فَلَمَّا بَلَغَ خَبَرُ بَيْعَتِهِمَا
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بِالْكُوفَةِ بَايَعَ النَّاسُ ، وَزَادَ فِي الْعَطَاءِ ، وَكَتَبَ بِبَيْعَتِهِمَا إِلَى الْآفَاقِ ، فَجَاءَتْهُ الْبَيْعَةُ ، ثُمَّ بَلَغَهُ امْتِنَاعُ
مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ مِنَ الْبَيْعَةِ وَمَسِيرُهُ إِلَيْهِمَا إِلَى
الشَّامِ ، فَحَبَسَ
nindex.php?page=showalam&ids=16464عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُعَاوِيَةَ عِنْدَهُ وَزَادَهُ فِيمَا كَانَ يُجْرِي عَلَيْهِ
[ ص: 334 ] وَأَعَدَّهُ
لِمَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ إِنْ هُوَ ظَفِرَ
بِإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْوَلِيدِ لَيُبَايِعُ لَهُ وَيُقَاتِلُ بِهِ
مَرْوَانَ ، فَمَاجَ النَّاسُ .
وَوَرَدَ
مَرْوَانُ الشَّامَ وَظَفِرَ
بِإِبْرَاهِيمَ ، فَانْهَزَمَ
إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ إِلَى
الْكُوفَةِ مُسْرِعًا ، وَافْتَعَلَ كِتَابًا عَلَى لِسَانِ
إِبْرَاهِيمَ بِإِمْرَةِ
الْكُوفَةِ ، وَجَمَعَ الْيَمَانِيَّةَ وَأَعْلَمَهُمْ ذَلِكَ ، فَأَجَابُوهُ ، وَامْتَنَعَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَيْهِ وَقَاتَلَهُ .
فَلَمَّا رَأَى الْأَمْرَ كَذَلِكَ خَافَ أَنْ يَظْهَرَ أَمْرُهُ فَيَفْتَضِحَ وَيُقْتَلَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : إِنِّي أَكْرَهُ سَفْكَ الدِّمَاءِ فَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ، فَكَفُّوا . وَظَهَرَ أَمْرُ
إِبْرَاهِيمَ وَهَرَبُهُ ، وَوَقَعَتِ الْعَصَبِيَّةُ بَيْنَ النَّاسِ ، وَكَانَ سَبَبُهَا أَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ أَعْطَى
مُضَرَ وَرَبِيعَةَ عَطَايَا كَثِيرَةً ، وَلَمْ يُعْطِ
جَعْفَرَ بْنَ نَافِعِ بْنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ شَوْرٍ الذُّهْلِيَّ وَعُثْمَانَ بْنَ الْخَيْبَرِيِّ مِنْ
تَيْمِ اللَّاتِ بْنِ ثَعْلَبَةَ شَيْئًا ، وَهُمَا مِنْ
رَبِيعَةَ ، فَكَانَا مُغْضَبَيْنِ ، وَغَضِبَ لَهُمَا
ثُمَامَةُ بْنُ حَوْشَبِ بْنِ رُوَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ ، وَخَرَجُوا مِنْ عِنْدِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ
بِالْحِيرَةِ إِلَى
الْكُوفَةِ فَنَادَوْا : يَا
آلَ رَبِيعَةَ ! فَاجْتَمَعَتْ
رَبِيعَةُ وَتَنَمَّرُوا .
وَبَلَغَ الْخَبَرُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَأَرْسَلَ أَخَاهُ
عَاصِمًا ، فَأَتَاهُمْ وَهُمْ بِدَيْرِ هِنْدٍ ، فَأَلْقَى نَفْسَهُ بَيْنَهُمْ وَقَالَ : هَذِهِ يَدِي لَكُمْ فَاحْكُمُوا . فَاسْتَحْيَوْا وَرَجَعُوا وَعَظَّمُوا
عَاصِمًا وَشَكَرُوهُ . فَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ أَرْسَلَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى
عُمَرَ بْنِ الْغَضْبَانِ بْنِ الْقَبْعَثْرِيِّ بِمِائَةِ أَلْفٍ ، فَقَسَّمَهَا فِي قَوْمِهِ
بَنِي هَمَّامِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ ذُهْلٍ الشَّيْبَانِيِّ ، وَإِلَى
ثُمَامَةَ بْنِ حَوْشَبٍ بِمِائَةِ أَلْفِ قَسَّمَهَا فِي قَوْمِهِ ، وَأَرْسَلَ إِلَى
جَعْفَرِ بْنِ نَافِعٍ بِمَالٍ ، وَإِلَى
عُثْمَانَ بْنِ الْخَيْبَرِيِّ بِمَالٍ .
فَلَمَّا رَأَتِ
الشِّيعَةُ ضَعْفَ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ طَمِعُوا فِيهِ وَدَعَوْا إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16464عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، وَاجْتَمَعُوا فِي الْمَسْجِدِ وَثَارُوا ، وَأَتَوْا
nindex.php?page=showalam&ids=16464عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُعَاوِيَةَ وَأَخْرَجُوهُ مِنْ دَارِهِ وَأَدْخَلُوهُ الْقَصْرَ ، وَمَنَعُوا
عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ عَنِ الْقَصْرِ ، فَلَحِقَ بِأَخِيهِ
بِالْحِيرَةِ ، وَجَاءَ
ابْنَ مُعَاوِيَةَ الْكُوفِيُّونَ فَبَايَعُوهُ ، فِيهِمْ :
عُمَرُ بْنُ الْغَضْبَانِ ،
وَمَنْصُورُ بْنُ جُمْهُورٍ ،
وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ أَخُو
خَالِدٍ ، وَأَقَامَ أَيَّامًا يُبَايِعُهُ النَّاسُ ، وَأَتَتْهُ الْبَيْعَةُ مِنَ
الْمَدَائِنِ وَفَمِ النِّيلِ ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ ، فَخَرَجَ إِلَى
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِالْحِيرَةِ ، فَقِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=12لِابْنِ عُمَرَ : قَدْ أَقْبَلَ
ابْنُ مُعَاوِيَةَ [ ص: 335 ] فِي الْخَلْقِ ، فَأَطْرَقَ مَلِيًّا ، وَأَتَاهُ رَئِيسُ خَبَّازِيهِ فَأَعْلَمَهُ بِإِدْرَاكِ الطَّعَامِ ، فَأَمَرَهُ بِإِحْضَارِهِ ، فَأَحْضَرَهُ ، فَأَكَلَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ وَهُوَ غَيْرُ مُكْتَرِثٍ ، وَالنَّاسُ يَتَوَقَّعُونَ أَنْ يَهْجُمَ عَلَيْهِمُ
ابْنُ مُعَاوِيَةَ ، وَفَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ وَأَخْرَجَ الْمَالَ فَفَرَّقَهُ فِي قُوَّادِهِ ، ثُمَّ دَعَا مَوْلًى لَهُ كَانَ يَتَبَرَّكُ بِهِ وَيَتَفَاءَلُ بِاسْمِهِ ، كَانَ اسْمُهُ : إِمَّا مَيْمُونًا ، وَإِمَّا رَبَاحًا ، أَوْ فَتْحًا ، أَوِ اسْمًا يُتَبَرَّكُ بِهِ ، فَأَعْطَاهُ اللِّوَاءَ وَقَالَ لَهُ : امْضِ بِهِ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا فَارْكُزْهُ وَادْعُ أَصْحَابَكَ وَأَقِمْ حَتَّى آتِيَكَ . فَفَعَلَ .
وَخَرَجَ
عَبْدُ اللَّهِ فَإِذَا الْأَرْضُ بَيْضَاءُ مِنْ أَصْحَابِ
ابْنِ مُعَاوِيَةَ ، فَأَمَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى : مَنْ جَاءَ بِرَأْسٍ فَلَهُ خَمْسُمِائَةٍ . فَأُتِيَ بِرُءُوسٍ كَثِيرَةٍ وَهُوَ يُعْطِي مَا ضَمِنَ .
وَبَرَزَ رَجُلٌ مِنْ
أَهْلِ الشَّامِ ، فَبَرَزَ إِلَيْهِ
الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ الْعِجْلِيُّ ، فَسَأَلَهُ
الشَّامِيُّ فَعَرَفَهُ فَقَالَ : قَدْ ظَنَنْتُ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْ
بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ ، وَاللَّهِ مَا أُرِيدُ قِتَالَكَ وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ أُلْقِيَ إِلَيْكَ حَدِيثًا ، أُخْبِرُكَ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَكُمْ رَجُلٌ مِنْ
أَهْلِ الْيَمَنِ ، لَا
إِسْمَاعِيلُ وَلَا
مَنْصُورٌ وَلَا غَيْرُهُمَا ، إِلَّا وَقَدْ كَاتَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنَ عُمَرَ وَكَاتَبَتْهُ
مُضَرُ ، وَمَا أَرَى لَكُمْ يَا
رَبِيعَةُ كِتَابًا وَلَا رَسُولًا ، وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ
قَيْسٍ ، فَإِنْ أَرَدْتُمُ الْكِتَابَ أَبْلَغْتُهُ وَنَحْنُ غَدًا بِإِزَائِكُمْ فَإِنَّهُمُ الْيَوْمَ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ .
فَبَلَغَ الْخَبَرُ
ابْنَ مُعَاوِيَةَ فَأَخْبَرَهُ
عُمَرَ بْنَ الْغَضْبَانِ ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْثِقَ مِنْ
إِسْمَاعِيلَ وَمَنْصُورٍ وَغَيْرِهِمَا ، فَلَمْ يَفْعَلْ .
وَأَصْبَحَ النَّاسُ مِنَ الْغَدِ غَادِينَ عَلَى الْقِتَالِ ، فَحَمَلَ
عُمَرُ بْنُ الْغَضْبَانِ عَلَى مَيْمَنَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ فَانْكَشَفُوا ، وَمَضَى
إِسْمَاعِيلُ وَمَنْصُورٌ مِنْ فَوْرِهِمَا إِلَى
الْحِيرَةِ ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ
ابْنِ مُعَاوِيَةَ إِلَى
الْكُوفَةِ ،
وَابْنُ مُعَاوِيَةَ مَعَهُمْ ، فَدَخَلُوا الْقَصْرَ ، وَبَقِيَ مَنْ بِالْمَيْسَرَةِ مِنْ
رَبِيعَةَ وَمُضَرَ وَمَنْ بِإِزَائِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ ، فَقَالَ
لِعُمَرَ بْنِ الْغَضْبَانِ : مَا كُنَّا نَأْمَنُ عَلَيْكُمْ مَا صَنَعَ النَّاسُ بِكُمْ ، فَانْصَرَفُوا . فَقَالَ
ابْنُ الْغَضْبَانِ : لَا أَبْرَحُ حَتَّى أُقْتَلَ . فَأَخَذَ أَصْحَابُهُ بِعِنَانِ دَابَّتِهِ فَأَدْخَلُوهُ
الْكُوفَةَ ، فَلَمَّا أَمْسَوْا قَالَ لَهُمُ
ابْنُ مُعَاوِيَةَ : يَا مَعْشَرَ
رَبِيعَةَ ، قَدْ رَأَيْتُمْ مَا صَنَعَ النَّاسُ بِنَا ، وَقَدْ أَعْلَقْنَا دِمَاءَنَا فِي أَعْنَاقِكُمْ ، فَإِنْ قَاتَلْتُمْ قَاتَلْنَا مَعَكُمْ ، وَإِنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَ النَّاسَ يَخْذُلُونَنَا وَإِيَّاكُمْ فَخُذُوا لَنَا وَلَكُمْ أَمَانًا . فَقَالَ لَهُ
عُمَرُ بْنُ الْغَضْبَانِ : مَا نُقَاتِلُ مَعَكُمْ وَمَا نَأْخُذُ لَكُمْ أَمَانًا كَمَا نَأْخُذُ لِأَنْفُسِنَا . فَأَقَامُوا فِي الْقَصْرِ
وَالزَّيْدِيَّةُ عَلَى أَفْوَاهِ السِّكَكِ يُقَاتِلُونَ أَصْحَابَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ أَيَّامًا .
ثُمَّ إِنَّ
رَبِيعَةَ أَخَذَتْ أَمَانًا
لِابْنِ مُعَاوِيَةَ وَلِأَنْفُسِهِمْ
وَلِلزَّيْدِيَّةِ لِيَذْهَبُوا حَيْثُ شَاءُوا ، وَسَارَ
[ ص: 336 ] ابْنُ مُعَاوِيَةَ مِنَ
الْكُوفَةِ فَنَزَلَ
الْمَدَائِنَ ، فَأَتَاهُ قَوْمٌ مِنْ
أَهْلِ الْكُوفَةِ ، فَخَرَجَ بِهِمْ فَغَلَبَ عَلَى
حُلْوَانَ وَالْجِبَالِ وَهَمْدَانَ وَأَصْبَهَانَ وَالرَّيِّ ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ
عَبِيدُ أَهْلِ الْكُوفَةِ . وَكَانَ شَاعِرًا مُجِيدًا ، فَمِنْ قَوْلِهِ :
وَلَا تَرْكَبَنَّ الصَّنِيعَ الَّذِي تَلُومُ أَخَاكَ عَلَى مِثْلِهِ وَلَا يُعْجِبَنَّكَ قَوْلُ امْرِئٍ
يُخَالِفُ مَا قَالَ فِي فِعْلِهِ