فصل 
وفيها : انتقاض عهد جميعهم بذلك ، ردئهم ومباشريهم ، إذا رضوا بذلك ، وأقروا عليه ولم ينكروه فإن الذين أعانوا بني بكر  من قريش  بعضهم ، لم يقاتلوا كلهم معهم ، ومع هذا فغزاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلهم ، وهذا كما أنهم دخلوا في عقد الصلح تبعا ، ولم ينفرد كل واحد منهم بصلح ، إذ قد رضوا به وأقروا عليه ، فكذلك حكم نقضهم للعهد ، هذا هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا شك فيه كما ترى . 
وطرد هذا جريان هذا الحكم على ناقضي العهد من أهل الذمة ، إذا رضي جماعتهم به ، وإن لم يباشر كل واحد منهم ما ينقض عهده  ، كما أجلى عمر  يهود خيبر  لما عدا بعضهم على ابنه ورموه من ظهر دار ففدعوا يده ، بل قد قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جميع مقاتلة بني قريظة  ، ولم يسأل عن كل رجل منهم هل نقض العهد أم لا ؟ وكذلك أجلى بني النضير  كلهم ، وإنما كان الذي هم بالقتل رجلان ، وكذلك فعل ببني قينقاع  حتى استوهبهم منه عبد الله بن أبي  ، فهذه سيرته وهديه الذي لا شك فيه ، وقد أجمع المسلمون على أن حكم الردء حكم المباشر في الجهاد  ، ولا يشترط في قسمة الغنيمة ولا في الثواب مباشرة كل واحد واحد القتال . 
وهذا حكم قطاع الطريق  ، حكم ردئهم حكم مباشرهم ؛ لأن المباشر إنما  [ ص: 371 ] باشر الإفساد بقوة الباقين ، ولولاهم ما وصل إلى ما وصل إليه ، وهذا هو الصواب الذي لا شك فيه ، وهو مذهب أحمد  ومالك   وأبي حنيفة  وغيرهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					