أول الناس منهم أبو سفيان وحكيم بن حزام ] 
ثم بدأ بالأموال فقسمها ، وأعطى المؤلفة قلوبهم أول الناس  ، فأعطى  أبا سفيان بن حرب  أربعين أوقية ، ومائة من الإبل ، فقال : ابني يزيد  ؟ فقال : " أعطوه أربعين أوقية ومائة من الإبل " ، فقال : ابني معاوية  ؟ قال " أعطوه أربعين أوقية ، ومائة من الإبل " ، وأعطى  حكيم بن حزام  مائة من الإبل ، ثم سأله مائة أخرى فأعطاه ، وأعطى النضر بن الحارث بن كلدة  مائة من الإبل ، وأعطى العلاء بن حارثة الثقفي  خمسين ، وذكر أصحاب المائة - وأصحاب الخمسين - وأعطى العباس بن مرداس  أربعين ، فقال في ذلك شعرا  ، فكمل له المائة . ثم أمر  زيد بن ثابت  بإحصاء الغنائم والناس ، ثم فضها على الناس ، فكانت سهامهم لكل رجل أربعا من الإبل وأربعين شاة . فإن كان فارسا أخذ اثني عشر بعيرا ، وعشرين ومائة شاة . 
قال  ابن إسحاق   : وحدثني  عاصم بن عمر بن قتادة  ، عن  محمود بن لبيد  ، عن  أبي سعيد الخدري  ، قال : لما أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أعطى من تلك العطايا في قريش  ، وفي قبائل العرب ، ولم يكن في الأنصار  منها شيء ، وجد هذا الحي من الأنصار  في أنفسهم حتى كثرت فيهم القالة ، حتى قال قائلهم : لقي والله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومه ، فدخل عليه  سعد بن عبادة  ، فقال : يا رسول الله ، إن هذا الحي من الأنصار  قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي  [ ص: 416 ] أصبت ، قسمت في قومك ، وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ، ولم يكن في هذا الحي من الأنصار  منها شيء . قال : ( فأين أنت من ذلك يا سعد   " قال : يا رسول الله ما أنا إلا من قومي . قال : فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة ؟ قال فجاء رجال من المهاجرين  فتركهم فدخلوا ، وجاء آخرون فردهم ، فلما اجتمعوا أتى سعد  ، فقال : قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار  ، فأتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : " يا معشر الأنصار  ، ما قالة بلغتني عنكم ، وجدة وجدتموها في أنفسكم ، ألم آتكم ضلالا فهداكم الله بي ، وعالة فأغناكم الله بي ، وأعداء فألف الله بين قلوبكم ؟ " قالوا : الله ورسوله أمن وأفضل . ثم قال : " ألا تجيبوني يا معشر الأنصار  ؟ قالوا : بماذا نجيبك يا رسول الله ، لله ولرسوله المن والفضل . قال : " أما والله لو شئتم لقلتم ، فلصدقتم ولصدقتم : أتيتنا مكذبا فصدقناك ، ومخذولا فنصرناك ، وطريدا فآويناك ، وعائلا فآسيناك ، أوجدتم علي يا معشر الأنصار  في أنفسكم في لعاعة من الدنيا ، تألفت بها قوما ليسلموا ، ووكلتكم إلى إسلامكم ، ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاء والبعير ، وترجعون برسول الله إلى رحالكم ، فوالذي نفس محمد بيده لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به ، ولولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار  ، ولو سلك الناس شعبا وواديا ، وسلكت الأنصار  شعبا وواديا لسلكت شعب الأنصار  وواديها ، الأنصار  شعار والناس دثار ، اللهم ارحم الأنصار  ، وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار   " قال : فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا : رضينا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسما وحظا ، ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتفرقوا  ) . 
وقدمت الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى  أخت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من  [ ص: 417 ] الرضاعة ، فقالت : يا رسول الله ! إني أختك من الرضاعة ، قال : وما علامة ذلك ؟ قالت : عضة عضضتنيها في ظهري ، وأنا متوركتك . قال : فعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العلامة فبسط لها رداءه ، وأجلسها عليه ، وخيرها ، فقال : ( إن أحببت الإقامة فعندي محببة مكرمة ، وإن أحببت أن أمتعك فترجعي إلى قومك " ؟ قالت : بل تمتعني وتردني إلى قومي ، ففعل  ) ، فزعمت بنو سعد  أنه أعطاها غلاما يقال له مكحول  وجارية ، فزوجت إحداهما من الآخر ، فلم يزل فيهم من نسلهما بقية . وقال أبو عمر   : فأسلمت فأعطاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أعبد ، وجارية ، ونعما ، وشاء ، وسماها حذافة   . وقال : والشيماء  لقب . 
				
						
						
