فنقول : فيها من الفقه جواز القتال في الأشهر الحرم  ، ونسخ تحريم ذلك ، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من المدينة  إلى مكة  في أواخر شهر رمضان ، بعد مضي ثمان عشرة ليلة منه ، والدليل عليه ما رواه أحمد  في " مسنده " : حدثنا إسماعيل  ، عن  خالد الحذاء  ، عن أبي قلابة  ، عن أبي الأشعث  ، عن  شداد بن أوس  أنه مر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن الفتح على رجل يحتجم بالبقيع لثمان عشرة ليلة خلت من رمضان ، وهو آخذ بيدي ، فقال : ( أفطر الحاجم والمحجوم   ) وهذا أصح من قول من قال : إنه خرج لعشر خلون من  [ ص: 440 ] رمضان ، وهذا الإسناد على شرط  مسلم  ، فقد روى به بعينه ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء   ) . 
وأقام بمكة  تسع عشرة ليلة يقصر الصلاة ، ثم خرج إلى هوازن  فقاتلهم ، وفرغ منهم ، ثم قصد الطائف  ، فحاصرهم بضعا وعشرين ليلة في قول  ابن إسحاق  ، وثمان عشرة ليلة في قول ابن سعد  ، وأربعين ليلة في قول مكحول   . 
فإذا تأملت ذلك ، علمت أن بعض مدة الحصار في ذي القعدة ولا بد ، ولكن قد يقال : لم يبتدئ القتال إلا في شوال ، فلما شرع فيه لم يقطعه للشهر الحرام ، ولكن من أين لكم أنه - صلى الله عليه وسلم - ابتدأ قتالا في شهر حرام وفرق بين الابتداء والاستدامة . 
				
						
						
