[ ص: 80 ] فصل
في ختانه صلى الله عليه وسلم
وقد اختلف فيه على ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه ولد مختونا مسرورا ، وروي في ذلك حديث لا يصح ، ذكره في " الموضوعات " وليس فيه حديث ثابت ، وليس هذا من خواصه ، فإن كثيرا من الناس يولد مختونا . أبو الفرج بن الجوزي
وقال الميموني : قلت لأبي عبد الله : مسألة سئلت عنها : قال : إذا كان الختان جاوز نصف الحشفة إلى فوق ، فلا يعيد ؛ لأن الحشفة تغلظ ، وكلما غلظت ارتفع الختان . فأما إذا كان الختان دون النصف فكنت أرى أن يعيد . قلت : فإن الإعادة شديدة جدا ، وقد يخاف عليه من الإعادة ؟ فقال : لا أدري ، ثم قال لي : فإن هاهنا رجلا ولد له ابن مختون ، فاغتم لذلك غما شديدا ، فقلت له : إذا كان الله قد كفاك المؤنة فما غمك بهذا ؟ انتهى . وحدثني صاحبنا ختان ختن صبيا فلم يستقص ؟ أبو عبد الله محمد بن عثمان الخليلي المحدث ببيت المقدس أنه ولد كذلك ، وأن أهله لم يختنوه ، والناس يقولون لمن ولد كذلك : ختنه القمر ، وهذا من خرافاتهم .
القول الثاني : أنه ختن صلى الله عليه وسلم يوم شق قلبه الملائكة عند ظئره حليمة .
القول الثالث : أن جده عبد المطلب ختنه يوم سابعه وصنع له مأدبة وسماه محمدا .
قال : وفي هذا الباب حديث مسند غريب ، حدثناه أبو عمر بن عبد البر أحمد بن محمد بن أحمد ، حدثنا محمد بن عيسى ، حدثنا ، حدثنا يحيى بن أيوب العلاف ، حدثنا محمد بن أبي السري العسقلاني ، عن الوليد بن مسلم شعيب ، عن ، عن عطاء الخراساني عكرمة ، عن ، أن ابن عباس عبد المطلب ختن [ ص: 81 ] النبي صلى الله عليه وسلم يوم سابعه ، وجعل له مأدبة وسماه محمدا صلى الله عليه وسلم ، قال يحيى بن أيوب : طلبت هذا الحديث فلم أجده عند أحد من أهل الحديث ممن لقيته إلا عند ابن أبي السري ، وقد وقعت هذه المسألة بين رجلين فاضلين صنف أحدهما مصنفا في أنه ولد مختونا ، وأجلب فيه من الأحاديث التي لا خطام لها ولا زمام ، وهو كمال الدين بن طلحة ، فنقضه عليه كمال الدين بن العديم ، وبين فيه أنه صلى الله عليه وسلم ختن على عادة العرب ، وكان عموم هذه السنة للعرب قاطبة مغنيا عن نقل معين فيها ، والله أعلم .