[ ص: 228 ] كتاب ذم الجاه والرياء  
اعلم أصلحك الله أن أصل الجاه هو انتشار الصيت والاشتهار ، وهو مذموم ، بل المحمود الخمول إلا من شهره الله لنشر دينه من غير تكلف طلب الشهرة منه ، قال الله تعالى : ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا    ) [ القصص : 83 ] جمع بين إرادة الفساد والعلو في الأرض وبين أن الدار الآخرة للخالي عن الإرادتين جميعا ، وقال عز وجل : ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون  أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون    ) [ هود : 15 ، 16 ] . 
وهذا أيضا متناول بعمومه لحب الجاه فإنه أعظم لذة من لذات الحياة الدنيا وأكثر زينة من زينتها ، وفي الحديث : " حسب امرئ من الشر أن يشير الناس إليه بالأصابع في دينه ودنياه إلا من عصمه الله   " " إن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم   " . 
وروي في فضيلة الخمول  عنه صلى الله عليه وسلم : " رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره   " وعنه صلى الله عليه وسلم : " ألا أدلكم على أهل الجنة : كل ضعيف مستضعف لو أقسم على الله لأبره ، وأهل النار : كل متكبر مستكبر جواظ   " . 
والأخبار في مذمة الشهرة وفضيلة الخمول كثيرة . 
ومعلوم أن المطلوب بالشهرة وانتشار الصيت هو الجاه والمنزلة في القلوب . وحب الجاه منشأ كل فساد . ثم إن المذموم هو طلب الشهرة والحرص عليها  ، فأما وجودها من الله تعالى من غير تكلف من العبد فليس بمذموم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					