حدثنا عبد الله بن محمد  ، ثنا إسحاق بن إسماعيل الحربي  ، ثنا هشام بن عمار  ، ثنا  بقية بن الوليد  ، عن رجل ، عن أبي حازم الخناصري الأسدي  قال : قدمت دمشق  في خلافة  عمر بن عبد العزيز  يوم الجمعة ، والناس رائحون إلى الجمعة ، فقلت : إن أنا صرت إلى الموضع الذي أريد نزوله فاتتني الصلاة ، ولكن أبدأ بالصلاة ، فصرت إلى باب المسجد ، فأنخت بعيري ، ثم عقلته ودخلت المسجد ، فإذا أمير المؤمنين على الأعواد يخطب الناس ، فلما أن بصر بي عرفني ، فناداني : يا أبا حازم  ، إلي مقبلا . فلما أن سمع الناس نداء أمير المؤمنين [ لي ، أوسعوا لي ، فدنوت من المحراب ، فلما أن نزل أمير المؤمنين ] فصلى بالناس ، التفت إلي فقال : يا أبا حازم  ، متى قدمت بلدنا ؟ قلت : الساعة ، وبعيري معقول بباب المسجد . فلما أن تكلم عرفته ، فقلت : أنت  عمر بن عبد العزيز  ؟ قال : نعم ، قلت له : تالله لقد كنت عندنا بالأمس بالخناصرة  أميرا  لعبد الملك بن مروان  ، فكان وجهك وضيا ، وثوبك نقيا  ، ومركبك وطيا ، وطعامك شهيا ، وحرسك شديدا ، فما الذي غير بك وأنت أمير المؤمنين ؟ قال لي : يا أبا حازم  ، أناشدك الله إلا حدثتني الحديث الذي حدثتني بخناصرة  ، قلت له : نعم ، سمعت   [ ص: 300 ]  أبا هريرة  يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن بين أيديكم عقبة كئودا ، لا يجوزها إلا كل ضامر مهزول    . قال أبو حازم : فبكى أمير المؤمنين بكاء عاليا حتى علا نحيبه ، ثم قال : يا أبا حازم  ، أفتلومني أن أضمر نفسي لتلك العقبة ، لعلي أن أنجو منها ، وما أظنني منها بناج ؟ قال أبو حازم    : فأغمي على أمير المؤمنين ، فبكى بكاء عاليا ، حتى علا نحيبه ، ثم ضحك ضحكا عاليا حتى بدت نواجذه ، وأكثر الناس فيه القول ، فقلت : اسكتوا وكفوا ، فإن أمير المؤمنين لقي أمرا عظيما ، قال أبو حازم    : ثم أفاق من غشيته ، فبدرت الناس إلى كلامه ، فقلت له : يا أمير المؤمنين ، لقد رأينا منك عجبا ؟ قال : ورأيتم ما كنت فيه ؟ قلت : نعم ، قال : إني بينما أنا أحدثكم إذ أغمي علي ، فرأيت كأن القيامة قد قامت ، وحشر الله الخلائق  ، وكانوا عشرين ومائة صف ، أمة محمد  صلى الله عليه وسلم من ذلك ثمانون صفا ، وسائر الأمم من الموحدين أربعون صفا ، إذ وضع الكرسي ، ونصب الميزان ، ونشرت الدواوين ، ثم نادى المنادي : أين  عبد الله بن أبي قحافة  ، فإذا شيخ طوال يخضب بالحناء والكتم ، فأخذت الملائكة بضبعيه فأوقفوه أمام الله ، فحوسب حسابا يسيرا ، ثم أمر به ذات اليمين إلى الجنة ، [ ثم نادى المنادي : أين  عمر بن الخطاب  ؟ فإذا شيخ طوال يخضب بالحناء ، فجثى ، فأخذت الملائكة بضبعيه فأوقفوه أمام الله ، فحوسب حسابا يسيرا ، ثم أمر به ذات اليمين إلى الجنة ] ، ثم نادى مناد : أين  عثمان بن عفان  ؟ فإذا بشيخ طوال يصفر لحيته ، فأخذت الملائكة بضبعيه فأوقفوه أمام الله ، فحوسب حسابا يسيرا ، ثم أمر به ذات اليمين إلى الجنة ، ثم نادى مناد : أين  علي بن أبي طالب  ؟ فإذا بشيخ طوال أبيض الرأس واللحية ، عظيم البطن ، دقيق الساقين ، فأخذت الملائكة بضبعيه ، فأوقفوه أمام الله ، فحوسب حسابا يسيرا ، ثم أمر به ذات اليمين إلى الجنة ، فلما رأيت الأمر قد قرب مني اشتغلت بنفسي ، فلا أدري ما فعل الله بمن كان بعد علي  ، إذ نادى المنادي : أين  عمر بن عبد العزيز  ؟ فقمت فوقعت على وجهي ، [ ثم قمت فوقعت على وجهي ،   [ ص: 301 ] ثم قمت فوقعت على وجهي ] ، فأتاني ملكان فأخذا بضبعي ، فأوقفاني أمام الله تعالى  ، فسألني عن النقير والقطمير والفتيل ، وعن كل قضية قضيت بها ، حتى ظننت أني لست بناج ، ثم إن ربي تفضل علي وتداركني منه برحمة ، وأمر بي ذات اليمين إلى الجنة ، فبينا أنا مار مع الملكين الموكلين بي ، إذ مررت بجيفة ملقاة على رماد ، فقلت : ما هذه الجيفة ؟ قالوا : ادن منه وسله يخبرك ، فدنوت منه فوكزته برجلي ، وقلت له : من أنت ؟ فقال لي : من أنت ؟ قلت : أنا  عمر بن عبد العزيز  ، قال لي : ما فعل الله بك وبأصحابك ؟ قلت : أما أربعة فأمر بهم ذات اليمين إلى الجنة ، ثم لا أدري ما فعل الله بمن كان بعد علي  ، فقال لي : أنت ما فعل الله بك ؟ قلت : تفضل علي ربي وتداركني منه برحمة ، وقد أمر بي ذات اليمين إلى الجنة ، فقال : أنا كما صرت ، ثلاثا ، قلت : أنت من أنت ؟ قال : أنا  الحجاج بن يوسف  ، قلت له : حجاج  ، أرددها عليه ثلاثا ، قلت : ما فعل الله بك  ؟ قال : قدمت على رب شديد العقاب ، ذي بطشة ، منتقم ممن عصاه ، قتلني بكل قتلة قتلت بها مثلها ، ثم ها أنا ذا موقوف بين يدي ربي أنتظر ما ينتظر الموحدون من ربهم ، إما إلى جنة ، وإما إلى نار . 
قال أبو حازم    : فأعطيت الله عهدا بعد رؤيا  عمر بن عبد العزيز  أن لا أوجب لأحد من هذه الأمة نارا . رواه إبراهيم بن هراسة  ، عن  الثوري  ، عن  أبي الزناد  ، عن أبي حازم    [ مختصرا . 
وأخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم  إجازة ، نا أحمد بن محمد بن الحسن  ، نا السري بن عاصم  ، نا إبراهيم بن هراسة  ، عن  سفيان الثوري  ، عن  أبي الزناد  ، عن أبي حازم    ] قال : قدمت على  عمر بن عبد العزيز  بخناصرة  وهو يومئذ أمير المؤمنين ، فلما نظر إلي عرفني ولم أعرفه ، فقال لي : ادن يا أبا حازم  ، فلما دنوت منه عرفته ، فقلت : أنت أمير المؤمنين ؟ قال : نعم ، قلت : ألم تكن عندنا بالأمس بالمدينة  أميرا  لسليمان بن عبد الملك  ، فكان مركبك وطيا ، وثوبك نقيا ، ووجهك بهيا ، وطعامك شهيا ، وقصرك مشيدا ، وحديثك كثيرا ؟ ! فما الذي غير ما بك وأنت أمير المؤمنين ؟ قال : أعد علي الحديث الذي حدثتنيه بالمدينة  ، فقلت : نعم   [ ص: 302 ] يا أمير المؤمنين ، سمعت أبا هريرة يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن بين أيديكم عقبة كئودا ، لا يجوزها إلا كل ضامر مهزول    . فبكى طويلا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					