المسألة الثانية : قوله : ( لا تضار    ) يحتمل وجهين كلاهما جائز في اللغة ، وإنما احتمل الوجهين نظرا لحال الإدغام الواقع في (تضار) . 
أحدهما : أن يكون أصله لا تضارر بكسر الراء الأولى، وعلى هذا الوجه تكون المرأة هي الفاعلة للضرار . 
والثاني : أن يكون أصله لا تضارر بفتح الراء الأولى ، فتكون المرأة هي المفعولة   [ ص: 104 ] بها الضرار، وعلى الوجه الأول يكون المعنى : لا تفعل الأم الضرار بالأب بسبب إيصال الضرار إلى الولد،  وذلك بأن تمتنع المرأة من إرضاعه ، مع أن الأب ما امتنع عليها في النفقة من الرزق والكسوة، فتلقي الولد عليه، وعلى الوجه الثاني معناه : لا تضارر، أي لا يفعل الأب الضرار بالأم فينزع الولد منها مع رغبتها في إمساكه  وشدة محبتها له. وقوله : ( ولا مولود له بولده    ) أي : ولا تفعل الأم الضرار بالأب بأن تلقي الولد عليه، والمعنيان يرجعان إلى شيء واحد، وهو أن يغيظ أحدهما صاحبه بسبب الولد. 
فإن قيل : لم قال : " تضار " والفعل لواحد؟ 
قلنا : لوجوه : 
أحدها : أن معناه المبالغة؛ فإن إيذاء من يؤذيك أقوى من إيذاء من لا يؤذيك . 
والثاني : لا يضار الأم والأب بأن لا ترضع الأم أو يمنعها الأب وينزعه منها . 
والثالث : أن المقصود لكل واحد منهما بإضرار الولد إضرار الآخر، فكان ذلك في الحقيقة مضارة. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					