( فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين    ) 
قوله تعالى : ( فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين    ) 
المعنى : أن الله تعالى استجاب دعاءهم ، وأفرغ الصبر عليهم ، وثبت أقدامهم ، ونصرهم على القوم الكافرين : جالوت  وجنوده وحقق بفضله ورحمته ظن من قال : ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله    ) ، ( فهزموهم بإذن الله    ) وأصل الهزم في اللغة الكسر ، يقال سقاء منهزم إذا تشقق مع جفاف ، وهزمت العظم أو القصبة هزما ، والهزمة نقرة في الجبل ، أو في الصخرة ، قال  سفيان بن عيينة  في زمزم    : هي هزمة جبريل  ، يريد هزمها برجله فخرج الماء ، ويقال : سمعت هزمة الرعد كأنه صوت فيه تشقق ، ويقال للسحاب : هزيم ، لأنه يتشقق بالمطر ، وهزم الضرع ، وهزمه ما يكسر منه ، ثم أخبر تعالى أن تلك الهزيمة كانت بإذن الله وبإعانته وتوفيقه وتيسيره ، وأنه لولا إعانته وتيسيره لما حصل البتة ثم قال : ( وقتل داود جالوت    ) قال  ابن عباس  رضي الله عنهما : إن داود  عليه السلام كان راعيا وله سبعة إخوة مع طالوت  فلما أبطأ خبر إخوته على أبيهم إيشا  أرسل ابنه داود  إليهم ليأتيه بخبرهم ، فأتاهم وهم في المصاف وبدر جالوت  الجبار وكان من قوم عاد  إلى البراز فلم يخرج إليه أحد فقال : يا بني إسرائيل  لو كنتم على حق لبارزني بعضكم فقال داود  لإخوته : أما فيكم من يخرج إلى هذا الأقلف ؟ فسكتوا ، فذهب إلى ناحية من الصف ليس فيها إخوته فمر به طالوت  وهو يحرض الناس ، فقال له داود    : ما تصنعون بمن يقتل هذا الأقلف ؟ فقال طالوت    : أنكحه ابنتي وأعطيه نصف ملكي فقال داود    : فأنا خارج إليه وكان عادته أن يقاتل بالمقلاع الذئب والأسد في الرعي ، وكان طالوت  عارفا بجلادته ، فلما هم داود  بأن يخرج رماه فأصابه في صدره ، ونفذ الحجر فيه ، وقتل بعده ناسا كثيرا ، فهزم الله جنود جالوت    ( وقتل داود جالوت    ) فحسده طالوت  وأخرجه من مملكته ، ولم يف له بوعده ، ثم ندم فذهب يطلبه إلى أن قتل ، وملك داود  وحصلت له النبوة ، ولم يجتمع في بني إسرائيل  الملك والنبوة إلا له   . 
اعلم أن قوله : ( فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت    ) يدل على أن هزيمة عسكر جالوت  كانت من طالوت  وإن كان قتل جالوت  ما كان إلا من داود  ، ولا دلالة في الظاهر على أن انهزام العسكر كان قبل قتل جالوت  أو بعده ، لأن الواو لا تفيد الترتيب . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					