[ ص: 110 ] 
( ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار    ) 
قوله تعالى :( ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار    )  وفيه مسألتان : 
المسألة الأولى : قال الزجاج    :( ذلكم    ) رفع لكونه خبرا لمبتدأ محذوف ، والتقدير : الأمر ذلكم فذوقوه ، ولا يجوز أن يكون( ذلكم    ) ابتداء ، وقوله :( فذوقوه    ) خبر ، لأن ما بعد الفاء لا يكون خبرا للمبتدأ ، إلا أن يكون المبتدأ اسما موصولا أو نكرة موصوفة ، نحو : الذي يأتيني فله درهم ، وكل رجل في الدار فمكرم . أما أن يقال : زيد فمنطلق ، فلا يجوز إلا أن نجعل زيدا خبرا لمبتدأ محذوف ، والتقدير : هذا زيد فمنطلق ، أي فهو منطلق . 
المسألة الثانية : أنه تعالى لما بين أن من يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ، بين من بعد ذلك صفة عقابه ، وأنه قد يكون معجلا في الدنيا ، وقد يكون مؤجلا في الآخرة ، ونبه بقوله :( ذلكم فذوقوه    ) وهو المعجل من القتل والأسر على أن ذلك يسير بالإضافة إلى المؤجل لهم في الآخرة ، فلذلك سماه ذوقا ، لأن الذوق لا يكون إلا تعرف طعم اليسير ليعرف به حال الكثير ، فعاجل ما حصل لهم من الآلام في الدنيا كالذوق القليل بالنسبة إلى الأمر العظيم المعد لهم في الآخرة ، وقوله :( فذوقوه    ) يدل على أن الذوق يحصل بطريق آخر سوى إدراك الطعوم المخصوصة ، وهي كقوله تعالى :( ذق إنك أنت العزيز الكريم    ) [الدخان : 49] وكان عليه السلام يقول : " أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني   " فهذا يدل على إثبات الذوق والأكل والشرب بطريق روحاني مغاير للطريق الجسماني . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					