النوع الثاني : من الدلائل المذكورة في هذه الآية قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=12وينشئ السحاب الثقال ) قال صاحب
[ ص: 21 ] "الكشاف" : السحاب اسم جنس والواحدة سحابة ، والثقال جمع ثقيلة ؛ لأنك تقول : سحابة ثقيلة وسحاب ثقال ، كما تقول : امرأة كريمة ونساء كرام وهي الثقال بالماء.
واعلم أن هذا أيضا من
nindex.php?page=treesubj&link=33679دلائل القدرة والحكمة ، وذلك لأن هذه الأجزاء المائية ؛ إما أن يقال : إنها حدثت في جو الهواء ، أو يقال إنها تصاعدت من وجه الأرض ، فإن كان الأول وجب أن يكون حدوثها بإحداث محدث حكيم قادر وهو المطلوب ، وإن كان الثاني ، وهو أن يقال : إن تلك الأجزاء تصاعدت من الأرض ، فلما وصلت إلى الطبقة الباردة من الهواء بردت فثقلت فرجعت إلى الأرض فنقول : هذا باطل ، وذلك لأن الأمطار مختلفة فتارة تكون القطرات كبيرة ، وتارة تكون صغيرة ، وتارة تكون متقاربة ، وأخرى تكون متباعدة ، وتارة تدوم مدة نزول المطر زمانا طويلا ، وتارة قليلا ؛ فاختلاف الأمطار في هذه الصفات مع أن طبيعة الأرض واحدة ، وطبيعة الشمس المسخنة للبخارات واحدة لا بد وأن يكون بتخصيص الفاعل المختار ، وأيضا فالتجربة دلت على أن
nindex.php?page=treesubj&link=19734_32049للدعاء والتضرع في نزول الغيث أثرا عظيما ، ولذلك كانت صلاة الاستسقاء مشروعة ، فعلمنا أن المؤثر فيه هو قدرة الفاعل لا الطبيعة والخاصية.
النوع الثَّانِي : مِنَ الدَّلَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=12وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ ) قَالَ صَاحِبُ
[ ص: 21 ] "الْكَشَّافِ" : السَّحَابُ اسْمُ جِنْسٍ وَالْوَاحِدَةُ سَحَابَةٌ ، وَالثِّقَالُ جَمْعُ ثَقِيلَةٍ ؛ لِأَنَّكَ تَقُولُ : سَحَابَةٌ ثَقِيلَةٌ وَسَحَابٌ ثِقَالٌ ، كَمَا تَقُولُ : امْرَأَةٌ كَرِيمَةٌ وَنِسَاءٌ كِرَامٌ وَهِيَ الثِّقَالُ بِالْمَاءِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا أَيْضًا مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=33679دَلَائِلِ الْقُدْرَةِ وَالْحِكْمَةِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ الْمَائِيَّةَ ؛ إِمَّا أَنْ يُقَالَ : إِنَّهَا حَدَثَتْ فِي جَوِّ الْهَوَاءِ ، أَوْ يُقَالُ إِنَّهَا تَصَاعَدَتْ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُدُوثُهَا بِإِحْدَاثِ مُحْدِثٍ حَكِيمٍ قَادِرٍ وَهُوَ الْمَطْلُوبُ ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ تِلْكَ الْأَجْزَاءَ تَصَاعَدَتْ مِنَ الْأَرْضِ ، فَلَمَّا وَصَلَتْ إِلَى الطَّبَقَةِ الْبَارِدَةِ مِنَ الْهَوَاءِ بَرَدَتْ فَثَقُلَتْ فَرَجَعَتْ إِلَى الْأَرْضِ فَنَقُولُ : هَذَا بَاطِلٌ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَمْطَارَ مُخْتَلِفَةٌ فَتَارَةً تَكُونُ الْقَطَرَاتُ كَبِيرَةً ، وَتَارَةً تَكُونُ صَغِيرَةً ، وَتَارَةً تَكُونُ مُتَقَارِبَةً ، وَأُخْرَى تَكُونُ مُتَبَاعِدَةً ، وَتَارَةً تَدُومُ مُدَّةَ نُزُولِ الْمَطَرِ زَمَانًا طَوِيلًا ، وَتَارَةً قَلِيلًا ؛ فَاخْتِلَافُ الْأَمْطَارِ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ مَعَ أَنَّ طَبِيعَةَ الْأَرْضِ وَاحِدَةٌ ، وَطَبِيعَةَ الشَّمْسِ الْمُسَخِّنَةِ لِلْبُخَارَاتِ وَاحِدَةٌ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ بِتَخْصِيصِ الْفَاعِلِ الْمُخْتَارِ ، وَأَيْضًا فَالتَّجْرِبَةُ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19734_32049لِلدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ فِي نُزُولِ الْغَيْثِ أَثَرًا عَظِيمًا ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ مَشْرُوعَةً ، فَعَلِمْنَا أَنَّ الْمُؤَثِّرَ فِيهِ هُوَ قُدْرَةُ الْفَاعِلِ لَا الطَّبِيعَةُ وَالْخَاصِّيَّةُ.