(
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=29الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب ) .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=29الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : في تفسير كلمة "طوبى" ثلاثة أقوال :
القول الأول : أنها اسم شجرة في الجنة ، روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
طوبى شجرة في الجنة غرسها الله بيده تنبت الحلي والحلل وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة وحكى
أبو بكر الأصم رضي الله عنه : أن أصل هذه الشجرة في دار النبي صلى الله عليه وسلم وفي دار كل مؤمن منها غصن.
والقول الثاني : وهو قول أهل اللغة : أن طوبى مصدر من طاب ، كبشرى وزلفى ، ومعنى طوبى لك : أصبت طيبا ، ثم اختلفوا على وجوه :
فقيل : فرح وقرة عين لهم ؛ عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما.
وقيل : نعم
[ ص: 41 ] ما لهم ، عن
عكرمة .
وقيل : غبطة لهم ؛ عن
الضحاك .
وقيل : حسن لهم ؛ عن
قتادة .
وقيل : خير وكرامة ؛ عن
nindex.php?page=showalam&ids=13719أبي بكر الأصم .
وقيل : العيش الطيب لهم ؛ عن
الزجاج .
واعلم أن المعاني متقاربة والتفاوت يقرب من أن يكون في اللفظ ، والحاصل أنه مبالغة في نيل الطيبات ، ويدخل فيه جميع اللذات ، وتفسيره أن أطيب الأشياء في كل الأمور حاصل لهم.
والقول الثالث : أن هذه اللفظة ليست عربية ، ثم اختلفوا فقال بعضهم : طوبى اسم الجنة بالحبشية ، وقيل : اسم الجنة بالهندية ، وقيل : البستان بالهندية ، وهذا القول ضعيف ؛ لأنه ليس في القرآن إلا العربي لا سيما ، واشتقاق هذا اللفظ من اللغة العربية ظاهر.
المسألة الثانية : قال صاحب الكشاف : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=28الذين آمنوا ) مبتدأ ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=29طوبى لهم ) خبره ، ومعنى طوبى لك : أي أصبت طيبا ، ومحلها النصب أو الرفع ، كقولك : طيبا لك وطيب لك وسلاما لك وسلام لك ، والقراءة في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=29وحسن مآب ) بالرفع والنصب تدلك على محلها ، وقرأ مكوزة الأعرابي "طيبى لهم".
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=29وحسن مآب ) فالمراد حسن المرجع والمقر. وكل ذلك وعد من الله بأعظم النعيم ترغيبا في طاعته وتحذيرا عن المعصية.
(
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=29الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ) .
ثم قال تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=29الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ) وَفِيهِ مَسَائِلُ :
المسألة الْأُولَى : فِي تَفْسِيرِ كَلِمَةِ "طُوبَى" ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ :
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ : أَنَّهَا اسْمُ شَجَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ ، رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
طُوبَى شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ غَرَسَهَا اللَّهُ بِيَدِهِ تُنْبِتُ الْحُلِيَّ وَالْحُلَلَ وَإِنَّ أَغْصَانَهَا لِتُرَى مِنْ وَرَاءِ سُورِ الْجَنَّةِ وَحَكَى
أَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ أَصْلَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فِي دَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي دَارِ كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْهَا غُصْنٌ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ : أَنَّ طُوبَى مَصْدَرٌ مِنْ طَابَ ، كَبُشْرَى وَزُلْفَى ، وَمَعْنَى طُوبَى لَكَ : أَصَبْتَ طَيِّبًا ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا عَلَى وُجُوهٍ :
فَقِيلَ : فَرَحٌ وَقُرَّةُ عَيْنٍ لَهُمْ ؛ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَقِيلَ : نِعْمَ
[ ص: 41 ] مَا لَهُمْ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ .
وَقِيلَ : غِبْطَةٌ لَهُمْ ؛ عَنِ
الضَّحَّاكِ .
وَقِيلَ : حُسْنٌ لَهُمْ ؛ عَنْ
قَتَادَةَ .
وَقِيلَ : خَيْرٌ وَكَرَامَةٌ ؛ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13719أَبِي بَكْرٍ الْأَصَمِّ .
وَقِيلَ : الْعَيْشُ الطَّيِّبُ لَهُمْ ؛ عَنِ
الزَّجَّاجِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَعَانِيَ مُتَقَارِبَةٌ وَالتَّفَاوُتُ يَقْرُبُ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي اللَّفْظِ ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مُبَالَغَةٌ فِي نَيْلِ الطَّيِّبَاتِ ، وَيَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ اللَّذَّاتِ ، وَتَفْسِيرُهُ أَنَّ أَطْيَبَ الْأَشْيَاءِ فِي كُلِّ الْأُمُورِ حَاصِلٌ لَهُمْ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ : أَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَيْسَتْ عَرَبِيَّةً ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ بَعْضُهُمْ : طُوبَى اسْمُ الْجَنَّةِ بِالْحَبَشِيَّةِ ، وَقِيلَ : اسْمُ الْجَنَّةِ بِالْهِنْدِيَّةِ ، وَقِيلَ : الْبُسْتَانُ بِالْهِنْدِيَّةِ ، وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا الْعَرَبِيُّ لَا سِيَّمَا ، وَاشْتِقَاقُ هَذَا اللَّفْظِ مِنَ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ ظَاهِرٌ.
المسألة الثَّانِيَةُ : قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=28الَّذِينَ آمَنُوا ) مُبْتَدَأٌ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=29طُوبَى لَهُمْ ) خَبَرُهُ ، وَمَعْنَى طُوبَى لَكَ : أَيْ أَصَبْتَ طَيِّبًا ، وَمَحَلُّهَا النَّصْبُ أَوِ الرَّفْعُ ، كَقَوْلِكَ : طَيِّبًا لَكَ وَطَيِّبٌ لَكَ وَسَلَامًا لَكَ وَسَلَامٌ لَكَ ، وَالْقِرَاءَةُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=29وَحُسْنُ مَآبٍ ) بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ تَدُلُّكَ عَلَى مَحَلِّهَا ، وَقَرَأَ مَكْوَزَةُ الْأَعْرَابِيُّ "طِيبَى لَهُمْ".
أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=29وَحُسْنُ مَآبٍ ) فَالْمُرَادُ حُسْنُ الْمَرْجِعِ وَالْمَقَرِّ. وَكُلُّ ذَلِكَ وَعْدٌ مِنَ اللَّهِ بِأَعْظَمِ النَّعِيمِ تَرْغِيبًا فِي طَاعَتِهِ وَتَحْذِيرًا عَنِ الْمَعْصِيَةِ.